النقطة المركزية التي تنطلق الرواية منها وتدور حولها تتمثل في انتظار الأب علي بن مانع خمس عشرة سنة لعله يحظى بطفل في قبيلة ترى في عدم الإنجاب نقصا في الفحولة. ويتكلل ذلك الانتظار المهيب بأن تحمل زوجته أروى بنت صالح، وتنجب طفلة، لكن محاولات الأب إنقاذ طفلته التي دامت لساعات تفشل. فالحياة وفق الرواية "تمنحنا قبلة وصفعة معا، وكل ما علينا أن نحتفل بالقبلة مع الجميع، ونعالج الكدمات وحدنا".
زمن الرواية هو تلك الساعات ما بين البيت والمستشفى، مع ما تخلله من اتصالات تطمئن على صحة المولودة، وفي قلب هذه الكثافة الضاغطة، تعود ذاكرة الأب لتستحضر مشاهد وقصصا وتواريخ وصراعات تشكل في تشابكها ما يشبه الموت البطيء في انتظار ما لا يتحقق: "في كل شهرٍ قمريّ يموت واحد من أبنائي، فينتصب سرادق العزاء في صدري، ولا يشاركني أحد تلك المآتم السرية".
لا تتسامح القبيلة مع من لا يساهم باستمرارها كنسل "نقي"، ولم تكفّ عن سؤاله عن سبب عدم الإنجاب، وعن تحريضه ليتزوج بامرأة أخرى، فالقبيلة "بنك اجتماعي تموّل أفرادَها بما يفيض عن حاجتهم، لتأخذ -في المقابل- كل ما يحتاجون إليه من حرية واستقلالية"، مع ما يصاحب ذلك من آلام عليه أن يعيشها وحده، مثل من "ينزل الجبل بساق واحدة".
أما عن تسمية الرواية بـ"القبيلة التي تضحك ليلا"، فمرده إلى حكاية من أبيه حكاها ترميزا لتبيان أهمية أن ينجب طفلا، ذلك أن قبيلتين تصارعتا طويلا، وخلال توقف القتال ليلا، كانت إحدى القبيلتين تسمع أصوات ضحكات مصدرها القبيلة الأخرى، مما يثير الشكوك والتساؤلات لديها، وهكذا في كل ليلة كانت تسمع أصوات الضحكات تلك، لكن بعد انتهاء الحرب، تبيّن أن الضحك هو ضحك أطفال القبيلة الأخرى، فيما أن تلك القبيلة لا أطفال لديها، لا تضحك.
رواية تعرّف القارئ، أيضا، الى نجران، المدينة السعودية، وعاداتها وتقاليدها وثقافتها وطبيعتها، ومن هنا هي رواية مكان كذلك.
لغة جارحة وكثيفة وضاغطة وشعرية، جعلت الرواية قادرة على حفر ذلك التأثير القوي في القارئ، كأنها تُكتب بسكين.
الكتاب: نوادر الشربيني
الكاتب: يوسف بن محمد بن عبد الجواد بن خضر الشربيني
حققه وقدم له وعلق عليه: إبراهيم العاقل
الناشر: منشورات الجمل – العراق
بغية التعريف الممنهج بالأدب العربي الوسيط، وتحقيق نصوصه غير المنشورة، أنجز هذا الكتاب الكبير للكاتب المصري يوسف الشربيني بعنوان "نوادر الشربيني"، كما يقول إبراهيم العاقل، محقق الكتاب.