هل تنجح إدارة بايدن في وقف حرب غزة قبل انتخابات نوفمبر؟

شنت إسرائيل عملية كبيرة في الضفة الغربية تدعي أنها تستهدف المسلحين الفلسطينيين

هل تنجح إدارة بايدن في وقف حرب غزة قبل انتخابات نوفمبر؟

لا يزال السعي الطويل الأمد للرئيس الأميركي جو بايدن للتفاوض على وقف إطلاق النار في صراع غزة بعيد المنال كما كان دائما، في ظل تصاعد العنف بين القوات الإسرائيلية والمسلحين المدعومين من إيران على عدة جبهات.

منذ بداية العام، استثمرت إدارة بايدن قدرا هائلا من رأس المال السياسي في محاولة لتحقيق وقف إطلاق نار دائم في غزة، وهو ما من شأنه أن يسهم أيضا في تخفيف التوترات بين إسرائيل وإيران.

دفع اليأس في واشنطن لمنع تصاعد الأعمال العدائية إلى صراع كبير في الشرق الأوسط وزير الخارجية الاميركي، أنتوني بلينكن، إلى القيام بتسع زيارات دبلوماسية مكوكية إلى المنطقة منذ أن شن مسلحو "حماس" هجومهم القاتل ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وخلال المهمة الدبلوماسية الأخيرة التي قام بها بلينكن هذا الشهر، بدت هناك علامات على التفاؤل بأن واشنطن ربما نجحت أخيرا في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالموافقة على ما وصف بأنه "اقتراح لسد الفجوات" للوصول إلى وقف إطلاق النار في غزة، والذي يمكن أن يمهد الطريق نحو وقف أكثر ديمومة للأعمال العدائية.

كان نتنياهو، في السابق، إحدى العقبات الرئيسة أمام التوصل إلى اتفاق، حيث أصر على أن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية في غزة حتى لو جرى التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين.

وبعد المحادثات بين بلينكن ونتنياهو في تل أبيب، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الاجتماع بأنه "إيجابي". وأضاف مكتبه أن نتنياهو كرر التزامه بالاقتراح الأميركي بشأن إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى "حماس"، مع التأكيد على أن هذا الاقتراح يأخذ في الاعتبار حاجات إسرائيل الأمنية.

في الوقت نفسه، شدد بلينكن على "الحاجة الملحة" لإحراز تقدم نحو التوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل و"حماس". وأضاف المبعوث الأميركي: "لن نستسلم أبدا"، محذرا من أن المزيد من التأخير قد يؤدي إلى وفاة المزيد من الرهائن ويزيد من تعقيد مساعي التوصل إلى أي اتفاق.

استمر بلينكن في مهمته بزيارات إلى مصر وقطر، لكن الآمال في إقناع "حماس" بقبول الصفقة انهارت بعد إعلان الحركة أنها لم تقبل أحدث اقتراح أميركي لوقف إطلاق النار المتزامن مع إطلاق سراح الرهائن.

ويقال إن نقاط الخلاف الرئيسة في المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة ومصر وقطر تشمل اعتراض "حماس" على احتفاظ إسرائيل بوجودها في ممر فيلادلفي، وهو شريط ضيق يبلغ طوله 14.5 كيلومتر على طول الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر.

خلال المهمة الدبلوماسية الأخيرة التي قام بها بلينكن هذا الشهر، بدت هناك علامات على التفاؤل

وبدلا من ذلك، طالب وفد "حماس" الذي حضر المحادثات في القاهرة بأن توافق إسرائيل على شروط اتفاق وقف إطلاق النار السابق الذي جرى وضعه في 2 يوليو/تموز، وفقا لخطة وضعتها واشنطن وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ورغم رفضها قبول الصفقة الأخيرة المعروضة، تواصل "حماس" التأكيد على استعدادها لتنفيذ أي اتفاق يخدم مصالح الشعب الفلسطيني، بشرط أن يتضمن وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا إسرائيليا كاملا من غزة.

وتشترط "حماس" أيضا أن يتضمن أي اتفاق حرية عودة سكان غزة إلى ديارهم، بالإضافة إلى تقديم الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار، فضلا عن إبرام صفقة لتبادل الأسرى.

ومع ذلك، فإن تصاعد العنف في جنوب لبنان لاحقا ألقى بظلاله على فرص تحقيق أي تقدم ملموس في مفاوضات وقف إطلاق النار. حيث نفذت إسرائيل سلسلة من الضربات الاستباقية ضد أهداف تابعة لـ"حزب الله" المدعوم من إيران، وفي الوقت نفسه، شهدت الضفة الغربية المحتلة واحدة من أكبر العمليات العسكرية التي شنها الجيش الإسرائيلي منذ الانتفاضة الثانية قبل عقدين من الزمن.

ودافعت إسرائيل عن تنفيذ موجة من الضربات الاستباقية في جميع أنحاء جنوب لبنان صباح الأحد بحجة أنها أحبطت هجوما واسع النطاق بالصواريخ والطائرات المسيرة كان على وشك أن يُنفذ من قبل مسلحي "حزب الله".

وادعى مسؤولون في الجيش الإسرائيلي أن الطائرات الإسرائيلية دمرت آلاف منصات إطلاق الصواريخ التابعة للجماعة المسلحة المدعومة من إيران خلال الهجمات، والتي قتل خلالها ثلاثة من مقاتلي "حزب الله" وحركة "أمل". ومع ذلك، أعلن "حزب الله" أنه تمكن من إطلاق 320 صاروخا وطائرة مسيرة على إسرائيل ردا على اغتيال فؤاد شكر، قائد عمليات "حزب الله" في بيروت. وأكد جيش الدفاع الإسرائيلي أن جنديا من البحرية الإسرائيلية قُتل خلال هذه الهجمات.

وتزايدت التوترات بين إسرائيل و"حزب الله" منذ اتهام إسرائيل بتنفيذ اغتيال زعيم "حماس" إسماعيل هنية في طهران الشهر الماضي، مع وجود مخاوف من قدرة الاشتباكات الأخيرة على إثارة صراع أوسع في الشرق الأوسط.

وفي غضون ذلك، شنت إسرائيل عملية كبيرة في الضفة الغربية تدعي أنها تستهدف المسلحين المتهمين بالتخطيط لهجمات ضد الدولة اليهودية. وأفاد الجيش الإسرائيلي بمقتل تسعة مسلحين خلال هذه العملية: خمسة منهم في جنين وطولكرم، وأربعة في مخيم الفارعة للاجئين.

ودفع تصاعد العنف في الضفة الغربية الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى دعوة إسرائيل لوقف عمليتها على الفور، قائلا إنها "تزيد من تأجيج وضع متفجر بالفعل". وحث القوات الإسرائيلية على "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واستخدام القوة المميتة فقط عندما يكون ذلك أمرا لا مفر منه على الإطلاق".

وفي الوقت نفسه، واصلت إسرائيل هجومها العسكري في غزة، حيث قُتل ما لا يقل عن 10 أشخاص يوم الثلاثاء في غارة جوية إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي عائلات نازحة غرب مدينة غزة. وزعمت إسرائيل أن المدرسة كانت تُستخدم كقاعدة لـ"حماس".

وقد نجحت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أيضا في تأمين إطلاق سراح رهينة إسرائيلي بعد أن عثر عليه الجنود بالصدفة في أحد الأنفاق.

وعاد قايد فرحان القاضي، وهو بدوي جرى أسره في 7 أكتوبر أثناء عمله حارسا في مصنع، إلى منزله يوم الثلاثاء بعد عملية وصفتها القوات الإسرائيلية بـ"المعقدة." حيث تمكنت وحدة من القوات الخاصة الإسرائيلية من تحديد مكانه خلال غارة استهدفت الاستيلاء على نفق تابع لـ"حماس" في جنوب غزة. وفي عملية ليلية منفصلة في خان يونس، استعاد جيش الدفاع الإسرائيلي أيضا جثث 6 رهائن إسرائيليين كانوا قد أُسروا خلال هجمات 7 أكتوبر.

إن التصعيد الدرامي الأخير في الأعمال العدائية على عدة جبهات لا يبشر بالخير بالتأكيد لآمال إدارة بايدن في تحقيق اتفاق وقف إطلاق النار في أي وقت قريب.

وعلى الرغم من تحذير بلينكن، الذي أطلقه في ختام مهمته المكوكية الأخيرة إلى المنطقة هذا الأسبوع، من أن "عامل الوقت مهم للغاية" لتأمين اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، فإن تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل وخصومها المختلفين في الأيام الأخيرة يجعل احتمالات التوصل إلى أي اتفاق دائم لوقف إطلاق النار أمرا بعيد المنال.

font change