للمرة الأولى منذ أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما يسمى "عملية عسكرية خاصة" لغزو أوكرانيا في 2022، باتت قدرة الجيش الأوكراني على تنفيذ هجمات واسعة النطاق داخل الأراضي الروسية تشكل ضغطا متزايدا على الزعيم الروسي لتحقيق النصر الذي وعد به بثقة كبيرة في بداية هذا الصراع.
وبحسب القائد العسكري الأعلى في كييف، الجنرال أوليكساندر سيرسكي، فإن القوات الأوكرانية تسيطر الآن على نحو 1294 كيلومترا مربعا من الأراضي الروسية، بالإضافة إلى 100 نقطة سكنية، وذلك عقب الهجوم المفاجئ الذي شنته في منطقة كورسك الجنوبية الروسية في أوائل أغسطس/آب.
وفي مناورة أدهشت الكثير من القادة الغربيين، استغل الآلاف من الجنود الأوكرانيين المدربين والمسلحين جيدا ثغرة في الدفاعات الروسية على الحدود، محققين بذلك أكبر مكاسبهم في الصراع المستمر منذ أكثر من عام ونصف.
وفي تطور دراماتيكي وغير متوقع في مجريات الحرب، يمثل الهجوم الأوكراني عبر الحدود على منطقة كورسك المرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية التي يتمكن فيها جيش أجنبي من اجتياح الأراضي الروسية.
وأثار الهجوم رد فعل عنيفا من الكرملين، حيث تعهد بـ"طرد العدو" من الأراضي الروسية. وفي الوقت نفسه، يتجنب بوتين بشكل متعمد وصف الهجوم علنا بأنه "غزو"، في محاولة لتفادي إثارة الذعر بين المواطنين الروس.
ومع ذلك، لا شك أن النجاح الذي حققه الهجوم الأوكراني قد قلب موازين الصراع بشكل كبير لصالح كييف، حيث يبدو أن الأوكرانيين مصممون على تعزيز تفوقهم من خلال السيطرة على المزيد من الأراضي الروسية. فبعد نجاح هجومهم الأولي في منطقة كورسك، ترددت تقارير تشير إلى أن القوات الأوكرانية تنفذ عمليات عبر الحدود في منطقة بيلغورود الروسية المجاورة أيضا.
وتفيد التقارير الواردة من المنطقة بأن قوة أوكرانية قوامها 200 فرد، مدعومة بمركبات مدرعة، شنت هجوما على نقطة تفتيش حدودية في نيكوتييفكا. وعلى الرغم من أن مدونين عسكريين روس قد أبلغوا عن هذا الهجوم، فإن مدى الاختراق الأوكراني في بيلغورود لا يزال غير واضح، حيث أكد المسؤولون الروس أن الحدود "تحت السيطرة".
ومع ذلك، فإن المكاسب الدرامية الأخيرة التي حققها الجيش الأوكراني منحت بلا شك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دفعة قوية، من المتوقع أن تسهم في تغيير مسار الصراع لصالح بلاده بشكل كبير.
وخلال حديثه في منتدى هذا الأسبوع لمناقشة الصراع، أعلن زيلينسكي أن استيلاء قواته على مساحات واسعة من الأراضي الروسية يأتي في إطار ما سماه "خطة النصر"، التي يعتزم عرضها على الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة الشهر المقبل. ومن المقرر أن يحضر الزعيم الأوكراني أيضا القمة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال هذه الزيارة.
وصرح زيلينسكي خلال المنتدى بأن نجاح الخطة سيعتمد بشكل كبير على ما إذا كانت إدارة بايدن ستمنح أوكرانيا "ما تتضمنه هذه الخطة"، وكذلك على مدى حرية أوكرانيا في تنفيذها. وأضاف: "قد يبدو الأمر طموحا للغاية بالنسبة للبعض، لكنها خطة مهمة بالنسبة لنا". وأشار زيلينسكي إلى أنه يعتزم عرض الخطة أيضا على المرشحين الرئاسيين الأميركيين كامالا هاريس ودونالد ترمب.