شارك الشاعر الفرنسي أرتور رامبو (1854-1891) في بناء أسطورته، على الأقل في بدايتها، لكن صرحها اكتمل بمنأى عنه. يلقي الكاتب والمترجم الأميركي وايات مايسون الضوء على أسطورة رامبو في كتابه "أعدك بأن أكون جيدا" promise to Be GoodI(2004) وعنوان الكتاب مجتزأ من رسالة رامبو إلى صديقه الشاعر بول فيرلين(1873). نقرأ لدى مايسون أن رامبو البالغ من العمر تسعة عشر عاما وصل إلى منزله عائداَ من بروكسل، وهو يحمل 500 نسخة من ديوانه "فصل في الجحيم"، لكنه بعد أيام قليلة، أحرق في موقد العائلة، نسخ الديوان الشهير، وأكدت شقيقة رامبو الصغرى إيزابيل الحادثة.
لكننا علمنا لاحقا، من طريق رجل يدعى ليون لوسو، أن هذا لم يحدث. فبحسب ما أورده مايسون في كتابه، كان لوسو، وهو محام، يبحث في 1901، أي بعد عشر سنوات من موت رامبو، عن منشور قضائي نادر يُشتبه في أنه طُبع لدى دار النشر "إم. جي. بوت وشركاه". كان لوسو من محبي الأدب، وأثناء البحث في الصناديق المتراكمة بمخزن دار النشر، وجد رزمة كتب يعلوها الغبار، ولم تكن تلك سوى مئات النسخ من ديوان رامبو، "فصل في الجحيم".
وصاية أخلاقية
احتفظ لوسو باكتشافه هذا لمدة عقد تقريبا، ربما لزيادة قيمته، وعندما انتشر الخبر أخيرا، كان هناك رجل لم يسعده الاكتشاف، وهو باترن بيريشون، زوج إيزابيل شقيقة رامبو، والوصي، أو محتكر كتابة السيرة الذاتية للشاعر، وتحقيق أعماله، كما كان ماكس برود محتكر السيرة الذاتية لفرانز كافكا. كان بيريشون شاعرا متوسط القيمة، يريد الحفاظ على أسطورة رامبو، إذ أن إقدام الشاعر الملعون على حرق الديوان الذي هز جماليات الشعر الفرنسي الحديث، جزء كبير من قيمة "فصل في الجحيم". تواصل بيريشون مع لوسو، وطلب منه تدمير النسخ المعاد اكتشافها.