ستشكل المسألة الديمغرافية عنصرا فارقا في تصنيف تطور المجتمعات، وقدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية خلال العقود القليلة المقبلة. إذ إن الأمم التي تستثمر في ثروتها البشرية، يمكنها الاستفادة من الطفرة، وتحويلها إلى مصدر غنى وتقدم علمي واقتصادي.
وفي مقدورها أيضا تحمل تكلفة تمويل حاجات الفئة المسنة على المدى المتوسط والطويل. في المقابل، قد يكون للضغط الديمغرافي أعباء اقتصادية واجتماعية سلبية على المجتمعات النامية، الأقل إنفاقا على التربية والتأهيل والصحة، ما يزيد صعوبة توفير الرعاية المطلوبة في عالم يتجه نحو مزيد من الشيخوخة.
عالم من المسنين
تتوقع الأمم المتحدة أن يتضاعف عدد الأشخاص فوق 65 سنة، قبل منتصف القرن الحالي، لتبلغ نسبتهم 22 في المئة من مجموع السكان الذين يتوقع أن يبلغ عددهم 9,7 مليارات نسمة عام 2050. هؤلاء يحتاجون رعاية صحية، وخدمات اجتماعية، وراتبا يضمن لهم حياة كريمة في خريف العمر، وهو تحد مالي كبير قد لا تتحمله صناديق التقاعد والتحوط الاجتماعي، التي عليها أن تصمد ثمانين سنة أخرى، إلى أن يشهد العالم بداية التراجع السكاني، وينخفض نحو 700 مليون نسمة عن التوقعات السابقة، ليستقر عند مستوى 10 مليارات نسمة عام 2100. كما أن غالبية فئة المسنين موجودون في الدول الفقيرة أو ذات الدخل الضعيف والمتوسط، وهم يقدرون بمئات الملايين، لن يكون لهم تغطية اجتماعية كافية. بالتالي، قد يشهد العالم تحديات غير مسبوقة في مجال كفالة الأشخاص من دون رعاية أو دخل، تشمل نحو ثلثي المسنين في العالم.