عانق رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحرارة في مقر نوفو-أوغاريوفو الرئاسي خارج موسكو في 9 يوليو/تموز. وأغضبت تلك اللفتة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حتى إنه اتهم زعيم أكبر ديمقراطية في العالم بتوجيه ضربة مدمرة لجهود السلام، التي تهدف لإنهاء الصراع الروسي-الأوكراني.
ولمزيد من الدقة لا بد من وصف الصراع بأنه حرب بين روسيا ومجموع الغرب بقيادة الولايات المتحدة، حيث تذكرنا ردود الفعل الغاضبة على زيارة مودي لموسكو بعقلية الحرب الباردة.
لطالما دأبت الولايات المتحدة وحلفاؤها على التودد إلى الهند في السنوات الأخيرة لأسباب اقتصادية وسياسية وجيوستراتيجية، حيث تشكل القوة الروسية والصينية مصدر قلق كبير للقادة الغربيين.
وإذا كان مفهوما أنهم لا يستطيعون جعل الهند تتخلى عن روسيا، حليفتها التاريخية، فإن المحاولات الغربية مكرسة لضمان تقليل الفوائد التي تعود على روسيا من علاقاتها مع الهند قدر الإمكان.
وليس من السهل على الجهود الغربية الرامية إلى إضعاف الشراكة الثنائية بين الهند وروسيا، أن تتغلب على الحجم الهائل للتجارة بينهما وعلى الروابط الدفاعية الراسخة بينهما والتعاون في قطاعي النفط والطاقة النووية، وحسن النية المتبادل. فقد تجاوزت مشتريات الهند من النفط الروسي مشترياتها من الصين في يوليو الماضي، كما نمت التجارة بين روسيا والهند بنسبة 66 في المئة عام 2023.
ولا تزال الهند تستخدم إلى حد واسع المعدات العسكرية الروسية رغم تزايد مشترياتها من الأسلحة من الولايات المتحدة وغيرها من الشركات المصنعة الغربية. كما تعد المنتجات الزراعية والأسمدة من بين واردات الهند الرئيسة من روسيا.
ويحاول اللاعبون الغربيون إدارة الوضع الهندي الروسي عبر نوع من عمليات الاحتواء الدبلوماسي مستخدمين ما اكتسبوه من نفوذ وعوامل ضغط مختلفة من علاقاتهم المتنامية مع الهند.
كما أن الهند تدرك جيدا أنها لا تستطيع تجاهل التصرفات الغاضبة غير المتزنة أو الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية التي قد تمارسها الدول الغربية عليها. فللهند مصالح كثيرة ينبغي أن تحافظ عليها في قطاعات التمويل والتكنولوجيا والدفاع والتعليم، بحفاظها على علاقات جيدة مع الغرب. كما تحتاج الهند أيضا إلى الغرب لبناء صورتها العامة وللتسويق السياسي في الخارج.
وإذا كانت الهند تتمتع بشراكة استراتيجية خاصة ومتميزة مع روسيا، فعليها أن تقدم شيئا للغرب الجماعي كتعويض في قضية أوكرانيا. ولهذا تحاول الهند أن تلتزم الحياد في الصراع وتسعى إلى علاقات متوازنة مع كل من روسيا وأوكرانيا.
في الواقع، ستميل علاقات الهند بشدة لصالح روسيا، إلا أن ذلك لا يعود لوجود القوميين الهندوس في السلطة في نيودلهي أو لوجود مودي كرئيس للوزراء. فالهند لا يد لها في النزاع الأوكراني وليست ملزمة بالسير على الخط الغربي أو الالتفات إلى غضبهم الأخلاقي المفتعل.