ماسك "الأبيض"... من انتظار مصافحة أوباما إلى تأييد ترمب

جولة في مواقف الملياردير الأميركي منذ ودلاته في جنوب أفريقيا

ديف مواري
ديف مواري

ماسك "الأبيض"... من انتظار مصافحة أوباما إلى تأييد ترمب

عندما أجرى أغنى رجل في العالم، إيلون ماسك المولود في مدينة بريتوريا في جنوب أفريقيا سنة 1971، مقابلة مع أشهر رجل في العالم، الرئيس السابق دونالد ترمب، على موقع "X" (تويتر سابقا)، منصة التواصل الاجتماعي التي اشتراها عام 2022 مقابل 44 مليار دولار، ركزت ردود الفعل على مشكلة، بدلا من التركيز على المحتوى. لقد انتظر المتابعون طويلا قبل أن يبدأ الحوار. وبدلا من تحمل المسؤولية، ألقى ماسك باللوم على التخريب، وقال إن انقطاع الخدمة لمدة 40 دقيقة في 12 أغسطس/آب كان بسبب "الهجوم الهائل لـ"DDOS" (رفض الخدمة الموزع) على منصة "X"، على الرغم من أن بقية الموقع كان كما يبدو يعمل جيدا.

وقد أعطى هذا الانقطاع معارضي ترمب "الديمقراطيين" سببا للسخرية منه، فقالوا: "إن حملة ترمب بأكملها في خدمة أشخاص مثل إيلون ماسك وخدمة نفسه– وهم رجال أثرياء مهووسون بأنفسهم سيبيعون الطبقة المتوسطة ولكنهم عاجزون عن تشغيل بث مباشر في عام 2024". موجعة أليس كذلك؟

في النهاية، اضطر أولئك الذين تحلوا بالصبر للانتظار حتى تُرحَّل العفاريت، بدأ الرجلان الثريان، المهووسان كل بنفسه، في الدردشة. وكان ماسك قد أوضح مسبقا أن المقابلة لن تكون صدامية، بل ستكون أشبه بحواره الودي مع ريشي سوناك حول المخاطر الوجودية للذكاء الاصطناعي، لذلك لم يستغرب أحد أن تمر ادعاءات ترمب الأكثر جدلية دون تحدٍّ.

كيف يتغير الجبابرة

لم يعتذر ماسك عن أي شيء، لذا لم يكن من المستغرب أنه لم يتحدَّ تصريحات ترمب الأكثر تطرفا، بل بدا الحوار وكأنه مقابلة عمل. وفي مرحلة ما، اقترح ماسك أنه يمكنه مساعدة ترمب إذا أصبح رئيسا مرة أخرى.

ذكر ماسك الانضمام إلى "لجنة كفاءة الحكومة" وهي الفكرة الدارجة بين الجمهوريين التي تريد تقليص حجم القطاع العام الأميركي. ورحب ترمب بالفكرة، مشيدا بمهارة ماسك في فصل أعداد كبيرة من الناس، واصفا إياه بأنه "أعظم قاطع". وكانت تلك إشادة كبيرة من ترمب، المعروف بعبارته الشهيرة "أنت مطرود" أثناء استضافته برنامجا تلفزيونيا.

ومع ذلك، لم يكن الحوار على طول الخط حوارا بين صديقين، ذلك أن ترمب لم يكن بإمكانه أن يخفي طبيعته الحقيقية طويلا، ومثل العقرب في الحكاية القديمة، سرعان ما ظهرت طبيعته، حين ذكّر ماسك بأن جزءا كبيرا من ثروته جاء عن طريق هرطقة السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة. ولم يكن ماسك يجهل ذلك، فسارع ليبرر موقفه، واشتكى قائلا: "إنهم يحاولون تصويري كرجل يميني متطرف، وهو أمر سخيف لأنني أصنع المركبات الكهربائية والألواح الشمسية والبطاريات". حتى إنه ذكر أنه وقف ذات مرة في طابور لمدة ست ساعات فقط لمصافحة باراك أوباما، وهو ما يثبت تقدميته.

قد تتساءل عما كان يفكر فيه ترمب في تلك اللحظة، وخاصة عندما ذكر إيلون ماسك أنه لم يكن منخرطا كثيرا في السياسة. ولكن بدلا من رفضه، أشاد ترمب بـ "العقل الإبداعي" لدى ماسك وكيف أنه يمثل الحلم الأميركي.

في تلك اللحظة، بدا السد وكأنه على وشك الانهيار. فجأة، قال ترمب: "في مجال عملك، تصبح الأشياء قديمة بسرعة كبيرة. حسنا، باستثناء الأنفاق. ولكن حتى سفنك الصاروخية تصبح قديمة بعد شهر. تجد دائما طريقة أفضل للقيام بالأشياء... الأشياء الوحيدة التي لا تصبح قديمة أبدا هي الجدار والعجلة".

آه، الجدران. يذكرنا ذلك بالجدار الشهير في حملته الانتخابية لعام 2016. الجدار الذي لم يبنه جو بايدن بعد، لكن ترمب سيبنيه. جدار لإبعاد سكان أميركا الوسطى عن أميركا الشمالية. لا شيء يعبر عن التقدم مثل الجدار.

من المفترض أنه من أجل قبول السيد ماسك في عائلة ترمب الكبيرة، كان عليه تصميم جدران أفضل لإبعاد المهاجرين اللاتينيين وإعادة اختراع العجلة. ومع ذلك، فإن العم دونالد، على الأقل، يحب أنفاق ماسك.

إزالة الحرف "T" عن الطاولة

في بعض الأحيان، بدا الأمر وكأن اثنين متضخمي الأنا يحاولان إجراء دردشة غير رسمية، كما يحدث في تجمع عائلي لعيد الميلاد، فقط للحفاظ على السلام للأطفال. كان لدى كل منهما سيارات براقة متوقفة بالخارج، وكلاهما كانت لديه مفاتيحه المعروضة بشكل بارز على الطاولة. لكن ماسك كان يحاول بهدوء إخفاء مفتاحه، الذي كان يحمل شعار "T" (تسلا)، بعد أن لاحظه العم دونالد واتسعت عيناه.

قد يكون الانتقال من شخص كان ينتظر ذات يوم في طابور لمصافحة أوباما إلى جمهوري جديد هو تسلق صعب للأشخاص العاديين، ولكنه أمر أصعب بالنسبة للمليارديرات. فللوصول إلى القمة في خندق ترمب، عليك أن تتصرف كمؤمن حقيقي، وتقطع العلاقات مع أي شخص رآك ذات يوم متورطا في "التقدمية"، وتمنح العم نصف العنصري على طاولة العشاء بعض الاهتمام الرئيس (وربما تعيد فتح حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي).

لطالما كان من الصعب التنبؤ بسلوك ماسك، فقد كان غريب الأطوار، أو "مخالفا للقواعد"، كما يحب أن يقول هو نفسه (على الرغم من أن هذه الكلمة تشير غالبا إلى تحول نحو اليمين).

أما أولئك الذين أعجبوا ذات يوم بماسك لجهوده البيئية فإنهم ينأون بأنفسهم عنه الآن، خوفا من أن يلطخهم ارتباطهم به. حتى إن بعض مالكي سيارات "تسلا" يضعون ملصقات على صادم سياراتهم تقول: "لقد اشتريت هذه السيارة قبل أن نعرف أن إيلون ماسك مجنون".

أ ف ب
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وإيلون ماسك وبدا إلى اليسار مستشار ترمب السابق ستيف فانون في البيت الابيض في 3 فبراير 2017

لا يهتم ماسك كثيرا بما يعتقده الناس، ومن الأشياء القليلة الجيدة التي يمكنك أن تقولها عن ماسك أنه لا ينمّق كلماته قط. على سبيل المثال، بينما أكتب هذا المقال، شعر ماسك بالانزعاج الشديد من نكرة في الاتحاد الأوروبي، وهو تييري بريتون، الذي تجرأ على تحذير ماسك من أن "أي تأثير سلبي للمحتوى غير القانوني" من شأنه أن يؤدي إلى اتخاذ الاتحاد الأوروبي لإجراءات. وكان رد ماسك، كما ذكرت صحيفة "إكسبرس"، هو إخبار بريتون: "تبا لك ولوجهك". وسيعلمه ذلك درسا لن ينساه!

التدخل في أعمال الشغب

بعد أن سمح ماسك لترمب بالعودة إلى منصة "X" ودعم حملته (رغم أنه لم يذهب إلى حد ارتداء ضمادة على أذنه ليذكر بمحاولة الاغتيال مثل ترمب)، بدأ في استخدام عبارات جديدة وإثارة المشاكل، وهو أمر يحبذه ترمب كثيرا.

يعتقد بروس دايزلي، أحد المديرين التنفيذيين السابقين في "تويتر"، أن ماسك يجب أن يُعتقل لتشجيعه على العنف بعد رده على أعمال الشغب اليمينية المتطرفة في المملكة المتحدة، التي اندلعت في أعقاب مقتل ثلاث فتيات على يد شاب يبلغ من العمر 17 عاما من أبوين روانديين. حينها، انتشرت معلومات مضللة، زعمت أن القاتل مهاجر مسلم، ما دفع بحشد من الناس إلى أن يهاجموا مسجدا محليا وضباط الشرطة المدافعين عنه. وقتها، لم يجد ماسك تغريدة أفضل من "الحرب الأهلية قادمة لا ريب فيها".

بعد أن سمح ماسك لترمب بالعودة إلى منصة "X" ودعم حملته (رغم أنه لم يذهب إلى حد ارتداء ضمادة على أذنه ليذكر بمحاولة الاغتيال مثل ترمب)، بدأ في استخدام عبارات جديدة وإثارة المشاكل، وهو أمر يحبذه ترمب كثيرا

وسرعان ما اندلعت أعمال عنف مماثلة في مدن أخرى في جميع أنحاء البلاد، حيث خاضت الشرطة اشتباكات عنيفة. في اليوم التالي، بينما كنت أركب سيارة أجرة عبر بريستول– إحدى المدن المتضررة– قال لي السائق معبرا عن استيائه: "لا أستطيع أن أفهم ذلك. إن الإنكليز لا يقدرون ما لديهم. لديكم السلام هنا. لماذا تقاتلون الشرطة؟ الساسة هم المسؤولون". كان لدى سائق التاكسي هذا سبب وجيه ليكون مدركا لقيمة السلام: فقد وصل مؤخرا من السودان. 

الشرطة والسياسيون

بينما كان ماسك يتنبأ بـ "حرب أهلية"، بدأ سياسي بريطاني له آراء مماثلة لترمب، هو نايجل فاراج، في التشكيك في الطريقة التي تتعامل بها الشرطة مع الاحتجاجات. فبالنسبة له هنالك "انطباع" بأن الشرطة تتعامل مع الناس "على مستويين"، حيث يعامل المتظاهرون السود أو المؤيدون للفلسطينيين بلطف، في حين يواجه المتظاهرون البيض المناهضون للهجرة معاملة أكثر قسوة.
لم يكن هذا مجرد تصور. بل كان نظرية مؤامرة، وهي نظرية يروج لها في كثير من الأحيان بعض شركاء فاراج، وبينهم بريتي باتيل، عضو حزب "المحافظين" ووزيرة الداخلية السابقة التي تتسابق الآن للوصول إلى زعامة الحزب، التي تؤيد هذه الفكرة، وإن كانت تستخدم كلمة "تصور" بدلا من "انطباع".
بصفتها وزيرة داخلية سابقة، شغلت بريتي أحد أقوى المناصب في المملكة المتحدة، حيث كان من مهامها الإشراف على الشرطة والهجرة. ومع وجود سياسيين مثلها، لا توجد حاجة كبيرة لأحزاب يمينية إضافية. فلا غرابة إذن في أن تشعر الشرطة بالانزعاج من التلميح بأنها متحيزة في تطبيق القانون. وقد أغضب ذلك رئيس الشرطة الأعلى في المملكة المتحدة، مارك رولي، لدرجة أنه أوقع ميكروفون أحد المراسلين عندما سأله عن الأمر.
ولكن بحلول ذلك الوقت، كان الضرر قد وقع بالفعل. كانت الفكرة قد انتشرت بالفعل، وخاصة على منصة ماسك، حيث أشار ساخرا إلى رئيس الوزراء البريطاني الجديد، السير كير ستارمر، بأنه "كير ذو المستويين".

سياسة الضباب

لم يكتف ماسك باستخدام عبارات قصيرة وجذابة، بل نشر شائعة كاذبة مفادها أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يخطط لإرسال مثيري الشغب المدانين إلى جزر فوكلاند. وعلى الرغم من أن بعض بلطجية شمال إنكلترا راحوا يوقفون السيارات للتحقق من عرق السائقين، وتمنوا أن تحدث هذه الإجراءات الصارمة، فواقع الحال أن ماسك كان ينشر معلومات مضللة.
وفي وقت لاحق، نشر ماسك صورة على موقع "X" تظهر أربعة رجال سود مريبين يقفون خلف أريكة تجلس عليها فتاة بيضاء صغيرة. وتحتها صورة أخرى لرئيس شرطة يجلس على طاولة مع ثلاثة شيوخ مسلمين يصغون له باهتمام. وعلق ماسك عليها في العاشر من أغسطس/آب: "وجدت هذه الصورة لنظام العدالة في المملكة المتحدة". ولم تكن هذه تلميحا خفيا، بل كانت رسالة واضحة وصريحة.

رويترز
صفحة إيلون ماسك على موقع X

في البداية، نفى "10 داونينغ ستريت" تعليق ماسك بشأن "الحرب الأهلية" باعتباره لا أساس له من الصحة. وعندما بدأ ماسك في السخرية من ستارمر، تجاهله مكتب رئيس الوزراء، وحاول أن يكون الشخص الناضج، فدعا إلى "محادثة ناضجة" مع شركات وسائل التواصل الاجتماعي حول التحكم في المحتوى الضار. ولكن سلوك ماسك الأخير يجعل حدوث ذلك أمرا بعيد المنال.
وصف فين ماكريدموند من مجلة "نيوستيتسمان" ماسك بأنه "رجل لا يضاهي طموحه الضخم إلا سلوكه الطفولي". ولو أراد أن يرد على ماكريدموند، لقال له على الأرجح صيغة أكثر لطفا من عبارة: "تبا لك ولوجهك".
وبعيدا عن المملكة المتحدة، بعد أن رفضت منصة "X" فرض الرقابة على لقطات طعن في كنيسة سيدني، وصف رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي ماسك بأنه "ملياردير مغرور" يقدم "أنانيته ونشر العنف على الفطرة السليمة". وافق ماسك على حذف بعض اللقطات ولكنه استمر في المعركة مع الحكومة الأسترالية في المحكمة.

نقلة إلى اليمين

يبدو أن ماسك يقود سفينة تخفّ حمولتها باستمرار. والواقع أنه منذ أعمال الشغب في المملكة المتحدة، ترك الكثير من ساسة حزب العمال موقع "X" وانتقلوا إلى منصات أخرى للتواصل الاجتماعي، مثل "Threads" أو "BlueSky".
كان إيلون ماسك، الذي يمتلك منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به، يستخدم خوارزمية تضمن وصول تغريداته إلى جميع المستخدمين. لقد تحول إلى "متصيد خارق"، شخص لديه الكثير من المال وليس لديه ما يكفي من الفطرة السليمة، فيتهم حلفاء الولايات المتحدة وقادتهم المنتخبين بأنهم لا يحبون أولئك الذين لا يحبون الهجرة.
وفي ذلك ذكر وزير التكنولوجيا بيتر كايل لصحيفة "تايمز" أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون لها تأثير كبير، ليس فقط على الرأي العام، ولكن أيضا على الأحداث في العالم الحقيقي. ومع حريق فندق في روثرهام لأنه كان يؤوي طالبي اللجوء، بدت كلماته وكأنها الحقيقة عينها.
كان أحد الإجراءات الأولى التي اتخذتها حكومة حزب "العمال" هو إلغاء سياسة مقترحة كانت سترسل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى بريطانيا إلى رواندا، على بعد حوالي 7000 كيلومتر، أثناء معالجة طلبات لجوئهم.

"في أيامي الماضية..."

لم ينسَ ماسك أن يذكر، في أثناء حواره مع ترمب، أنه هو أيضا مهاجر، ولكنه مهاجر قانوني. وبإثارة هذه القضية، بدا وكأنه يدعو ترمب لمشاركة أفكاره حول الهجرة، فرد الأخير بقوله: "إيلون، ما حدث لا يصدق. خذ أفريقيا، الكونغو، إنهم قادمون. من الكونغو. وقد جاء 22 شخصا من الكونغو مؤخرا، وهم من القتلة".
وافق ماسك، قائلا: "من غير الممكن للولايات المتحدة أن تستقبل الجميع من جميع أنحاء العالم، أو حتى نسبة صغيرة منهم. هذا ببساطة غير ممكن".
ويقدم ماسك دعمه علنا للمذيع السابق في قناة "فوكس نيوز" تَكر كارلسون، أحد المروجين لـ"نظرية الاستبدال العظيم"، التي تدعي أن المهاجرين غير البيض يحلّون محل السكان البيض الأصليين، وهي النظرية التي تزداد شعبية كلما اتجهت إلى اليمين في السياسة الأميركية.
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نُشرت تغريدة من أحد الناشطين اليمينيين زعم فيها أن "الجميع مسموح لهم بالفخر بعرقهم، باستثناء البيض، لأننا تعرضنا لغسيل دماغ وبتنا نعتقد أن تاريخنا "أسوأ" بطريقة ما من تاريخ الأعراق الأخرى. يجب أن تنتهي هذه الرواية الزائفة".
وعلق ماسك على تلك التغريدة بقوله: "نعم، هذا فوضوي للغاية. لقد حان الوقت لوقف هذا الهراء، وعار على أي شخص أن ينشر هذه الأكاذيب".
وسبق ذلك تأييده لتغريدة معادية لليهود اتهمت اليهود بتقويض الحضارة الغربية من خلال دعم الهجرة، واصفا إياها بأنها "الحقيقة الفعلية".

وصف فين ماكريدموند من مجلة "نيوستيتسمان" ماسك بأنه "رجل لا يضاهي طموحه الضخم إلا سلوكه الطفولي"

لقد تطورت نظرية تفوق العرق الأبيض منذ نظام الفصل العنصري الذي نشأ ماسك في ظله، وسقط عندما بلغ العشرين من عمره، ومن ملامح تطور هذه النظرية أنه، في أميركا اليوم، حتى الرجل الأسود، مثل مغني الراب كاني ويست، يمكنه ارتداء قميص "حياة البيض مهمة"، كما فعل في عام 2022.

رأسا على عقب

يتذمر ماسك باستمرار مما يسميه "فيروس عقل الووك". (في الأصل، كانت كلمة "Woke" تشير إلى الوعي بالظلم الاجتماعي، وخاصةً العنصرية. ومنذ ذلك الحين توسع معناها ليشمل قضايا متنوعة، ولكنها تستخدم أحيانا بشكل سلبي من قبل أنصار الرئيس ترمب لانتقاد ما يُعتبر تصحيحا سياسيا مفرطا) يُفترض أن الآراء العنصرية من عصر الفصل العنصري تم تفكيكها من خلال الحقيقة والمصالحة. ولكن هل جرى ذلك حقا؟ أم إنها في الواقع قد كُبتت؟ وإذا كان الأمر كذلك، فأين هي اليوم؟ هل لا تزال مستبعدة، أم يعاد استخدامها بشكل متزايد؟
ثمة أمر أكيد واحد، وهو أن ماسك عازم على تحقيق شيء ما. فبعد أن قلب "X/Twitter" رأسا على عقب ومحاولة تخليصه من أي "ووك"، فقد يهدف الآن إلى فعل الشيء نفسه مع نظام العدالة البريطاني. ولو كان الأمر بين يديه، لأطلق سراح جميع مثيري الشغب المناهضين للمهاجرين الذين أوقفوا مؤخرا لمهاجمة الشرطة وحرق الفنادق، ما يسمح لهم بالعودة إلى مضايقة غير البيض في الشوارع.

أ ف ب
ماسك يتحدث أثناء مؤتمر في مدينة لوس أنجلس الأميركية في 6 مايو

ومن الغرابة بمكان أن رجلا له من الثراء ما لإيلون ماسك، وقد يكون الشخص الأكثر ثراء في التاريخ، يرغب في التحالف مع هذه المجموعة السياسية المتطرفة في مثل هذا الوقت الخطير.
ولكن دعونا لا ننسَ أن وصف ماسك بـ"الغريب" لا يضايقه، بل لعله يجد في الأمر ما يسليه، ولعل منظره وهو يقفز عبر حلقات ترمب، أمر مثير له.

font change

مقالات ذات صلة