بات في إمكان الباحثين والمهتمين بتاريخ الكتابة العربية الاطلاع على الموقع الإلكتروني الجديد الذي يعنى بنشر النقوش النبطية، ونقوش المرحلة الانتقالية من النبطية إلى عربية الجزم، إلى نقوش الجزم العربية السابقة لظهور الإسلام، والتي عثر على الغالبية الساحقة منها على امتداد أراضي المملكة العربية السعودية ومواقعها الأثرية التي تشكل كشوفاتها مفاجآت علمية تجلي الغموض عن مراحل تطور الخط العربي الذي نستخدمه اليوم.
هذا الموقع الإلكتروني الذي تشرف عليه نخبة من الآثاريين وقارئي النقوش من أعرق الجامعات العالمية، في مقدمهم البروفسورة اللبنانية- الفرنسية ليلى نعمة، يقدم بأسلوب علمي مبسّط كل شيء حول النقوش المكتشفة، وقراءاتها، ومواقع اكتشافها والملاحظات العلمية حول الكثير من القضايا التي تطرحها.
حل اللغز
من يتصفح هذا الموقع يكتشف بكل سهولة كيف حسمت الكشوفات الأثرية في السعودية خلال العقدين الماضيين واحدة من أكثر القضايا الآثارية واللغوية غموضا حول نشأة خط الجزم العربي. فحتى نهايات القرن العشرين، كانت القناعات في الأوساط الأكاديمية والبحثية راسخة بأن نشأة هذا الخط الذي كتب فيه القرآن الكريم، كانت في بلاد الشام، والسبب أن جميع النقوش التي عثر عليها منذ القرن التاسع عشر بهذا الخط، مؤرخة خلال القرن السادس الميلادي، وكانت تتوزّع بين حلب شمال سوريا وجبل حوران في جنوبها. أما الآن، فباتت قصة تطور خط الجزم العربي مكتملة، منذ نشأته الأولى حتى مآلاته النهائية في صدر الإسلام.
البداية من تيماء
بدأت القصة في مدينة تيماء القديمة، شمال المملكة العربية السعودية، في القرن السادس قبل الميلاد، حين طور التيمائيون الكتابة المربعة عن الكتابة الفينيقية/ الآرامية بصيغتها المعروفة في نقوش العصر الحديدي. واشتهرت هذه الكتابة المربعة على نطاق واسع نظرا الى رشاقتها وجمال حروفها، حتى أن الامبراطورية الفارسية الإخمينية تبنتها، وكتبت بها بعض نقوشها الرسمية، فأصبحت تعرف باسم الآرامية الدولية أو الإمبراطورية.