تناولت بعض الصحف الإيرانية الجولة الأخيرة من المفاوضات بقيادة مصر وقطر والولايات المتحدة بين "حماس" وإسرائيل، ومالت معظم الآراء إلى تأييد "عدم مشاركة" "حماس" في هذه المفاوضات، مع العلم أن الحركة الفلسطينية حاضرة فيها من خلال الوسيطين المصري والقطري وإلا ما كان يمكن الحديث أصلا عن جولة مفاوضات جديدة بين الجانبين. ولكن بعض الآراء في الصحافة الإيرانية غيّبت هذا الجانب مكتفية بالإشادة بموقف "حماس" "المعقول والحازم" وبالقول إن "اليد العليا هي لـ(رئيس المكتب السياسي في حماس يحيى) السنوار"، مقابل وصف الموقف الأميركي بـ"النفاق"، بالرغم من أن طهران نفسها كانت قد أعلنت عن خطوط مباشرة مع واشنطن خلال الأسبوعين الماضيين. لكن الأهم الذي يقرأ بين سطور الصحافة الإيرانية هو أن قضية الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق في "حماس" إسماعيل هنية في طهران لا تزال القضية الرئيسة في إيران، سواء تم التطرق إليها مباشرة أو لا، فهناك من يرى في الصحافة الإيرانية أن اغتيال هنية في طهران وضع الأخيرة في موقف محرج، إذ أن غياب "الرد الفاعل"، بحسب هذا الرأي، سيجعل إسرائيل تكرر إغتيالاتها على الأراضي الإيرانية.
كما تطرقت الصحافة الإيرانية للعملية التفجيرية التي وقعت في 19 أغسطس في تل أبيب، معتبرة أنها "تدل على حجم اختراق الفلسطينيين لأجهزة أمن إسرائيل وقدرتها على الهجوم"، وأنها رسالة إلى أميركا وإسرائيل في سيق المفاوضات الحالية.
وفي هذا السياق نشرت صحيفة "جام جم" مقالا بعنوان "مفاوضات سلام أم جلسات توفير الأمن لإسرائيل"؟ بقلم محلل شؤون المنطقة رضا صدر الحسيني في 16 أغسطس/آب، الذي انتقد هذه الجولة من المفاوضات قائلا إن "هذه المفاوضات لم توفر مصالح سكان غزة". وأضاف: "لقد أعلنت حماس قبل انطلاق المفاوضات أنها لن تشارك فيها لأن غزة لا تزال تحت النار بالتزامن مع إجراء هذه المفاوضات"، سائلا: "هل يمكن المشاركة في مثل هذه المفاوضات؟".
وإذ رأى الحسيني أنه "ينبغي التذكير بأن إسرائيل ارتكب جريمة أخرى من خلال قصف مدرسة التابعين التي تؤوي اللاجئين قبل أيام من بدء هذه الجولة مما أدى إلى مقتل عدد كبير من الأبرياء وإصابة الكثيرين"، استنتج أن "حماس لم تجد أن حضورها في المفاوضات سيكون مجديا في ظل الظروف الراهنة التي ما زال يرتكب فيها الجناة الإبادة الجماعية".
المفاوضات لـ"تأخير الرد"
واعتبرت "جام جم" أن "موقف حماس معقول وحازم، فهي لن تشارك في المفاوضات في ظل عدم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وخروج كامل القوات الإسرائيلية من غزة"، وسألت: "لم تتوافر هذه الشروط حتى اللحظة فلماذا على حماس أن تجري مفاوضات من أجل السلام وإعادة أسرى إسرائيل؟".
وأضافت "جام جم": "لقد تلقت مجزرة مدرسة التابعين إدانة وانتقادات من داعمي إسرائيل والمؤسسات الدولية. وبالتالي كيف كان يمكن لحماس الحضور في هذه المفاوضات بعد كل هذه المجازر؟ وكيف كان يمكنها الدفاع عن نفسها أمام الرأي العام وأحرار العالم والنازحين وعوائل الضحايا في الأراضي الفلسطينية وخارجها إذا حضرت المفاوضات؟".
وقال الحسيني: "تعلم حماس أن إسرائيل قد يستغل عدم حضورها في المفاوضات من أجل شن حرب نفسية ضدها وطرح مزاعم بأن كرة السلام كانت في ملعب حماس ولكنها لم تقبل به. ولكن حماس لن تشارك في مفاوضات تجرى في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل جرائمها، فمثل هذه المفاوضات لا تصب في المصلحة العليا للشعب الفلسطيني لأنها قد تحقق اتفاق سلام مؤقت من أجل تحرير الأسرى الإسرائيليين".
وتابعت "جام جم": "اليد العليا في الظروف الراهنة للسيد السنوار، لأن حماس لم تشارك في مفاوضات سلام لا يتوافر فيها الحد الأدنى من الضمانات. فموقف حماس يحكمه المنطق والدراية".
واعتبرت أن "الجولات التي تنعقد في غياب حماس لا تجدي نفعا بتاتا. بالتالي فإن وقف إطلاق النار يجب أن يكون الأولوية في أية جولة من المفاوضات".
ويرى هادي سيد أفقهي، خبير شؤون المنطقة، في مقال على موقع "جام جم" الإلكتروني في 20 أغسطس أن "الولايات المتحدة تتخذ المفاوضات وسيلة لتأخير الرد الانتقامي الإيراني لدم إسماعيل هنية لأنها تراهن على أن قضية الرد على اغتيال هنية سيطويها النسيان بمرور الزمن بهذا الأسلوب، غير أن إيران تتعامل بذكاء مع هذا الموضوع".