"إمبراير" البرازيلية... هل تنافس "بوينغ" و"إيرباص"؟

تفوقت في صناعة الطائرات الخاصة وتطمح لتحقيق إيرادات تزيد على عشرة مليارات دولار قبل 2030

أ.ف.ب.
أ.ف.ب.
شخص يخرج من طائرة E2 Profit Hunter، في معرض فارنبورو الدولي للطيران، في جنوب غرب لندن، 23 يوليو 2024.

"إمبراير" البرازيلية... هل تنافس "بوينغ" و"إيرباص"؟

يعيش قطاع صناعة الطيران التجارية متاعب متلاحقة، ترتبط بسلاسل التوريد ومشاكل فنية وتشغيلية وملاحقات قانونية وارتفاع التكلفة وعدم القدرة على الوفاء بأجندة التسليم، مما يُغضب العملاء ويُقلص الإيرادات. ينطبق الوضع على مجموعتي "بوينغ" الأميركية و"إيرباص" الأوروبية بطرق مختلفة.

في المقابل، صعد نجم شركة "إمبراير" في أميركا اللاتينية على الضفة الجنوبية للمحيط الأطلسي، وأصبحت خلال عشر سنوات المصنع العالمي الثالث للطائرات المدنية والتجارية، وراء "إيرباص" و"بوينغ". فقد أشار تقرير لـ"بلومبيرغ" إلى "التقدم الذي حققته الشركة البرازيلية في السنوات الأخيرة، حيث أضحت مزودا لعدد من الناقلات الوطنية والجهوية والخاصة، في عدد من مناطق العالم". يفضلها رجال الأعمال والمشاهير وشركات السياحة والنقل الجهوي والخاص، على الرغم من أن اسمها التجاري غير معروف لدى الكثير من الناس. وتنتج الشركة في مصانعها في ساو باولو طائرات متوسطة الحجم بإمكانها اجتياز مسافات بعيدة وبتكلفة صيانة معتدلة ومستوى متقدم من السلامة والراحة والفخامة.

وقالت "بلومبيرغ"، "إن 'إمبراير' تقدم طائرات بجودة عالية وأسعار تنافسية تجعلها تفرض نفسها في سوق الطيران العالمي، على الرغم من حجمها الصغير، قياسا بالمصنعين الكبار مثل 'بوينغ' و'إيرباص'". وتطمح الشركة إلى تحقيق إيرادات تزيد على عشرة مليارات دولار قبل 2030، بحسب تصريح المدير التنفيذي للشركة، فرانسيسكو غوميز نيتو، الذي كشف عن مفاوضات تجارية مع عدد من الناقلات، منها "فيتنام إيرلاينز"، لشراء 20 طائرة للاستخدام في الرحلات الداخلية.

زيادة 20% في دفتر طلبيات "إمبراير" تغطي أنواعا مختلفة من الطائرات التجارية خلال الربع الثاني من عام 2024. وتسلم الشركة من 72 إلى 80 طائرة ركاب متوسطة الحجم وبين 125 و135 طائرة أعمال خاصة

فرانسيسكو غوميز نيتو، المدير التنفيذي لشركة "إمبراير"

وتراهن الشركة على بيع مزيد من موديلات طائرة "E2 جيت"، المنافس المباشر لطراز "220A" التي تصنعها "إيرباص" في تولوز الفرنسية. وكشفت عن زيادة بنسبة 20 في المئة في دفتر طلبياتها تغطي أنواعا مختلفة من الطائرات التجارية خلال الربع الثاني من عام 2024. وتسلم الشركة من 72 إلى 80 طائرة ركاب متوسطة الحجم وبين 125 و 135 طائرة أعمال خاصة (executive jets). ويقدر سعر هذه الطائرة الخاصة نحو 21 مليون دولار وتتوقع الشركة مبيعات بحجم 6 إلى 6,4 مليارات دولار في نهاية السنة الجارية.

الطائرة الخاصة تفوق اجتماعي

مع تطور حركة النقل الجوي الخاص خلال الأعوام الماضية، زاد عدد الأشخاص الذين يفضلون عدم الاختلاط مع بقية المسافرين العاديين، وهي ظاهرة اجتماعية واقتصادية وحتى أمنية بمسميات مختلفة تؤشر الى مستقبل واعد لصناعة الطائرات الخاصة، قد تتطور وتزدهر بزيادة أعداد الأثرياء الجدد. ويتنافس الرياضيون والممثلون والفنانون وغيرهم من المشاهير الحديثي الثروة، على اقتناء هذا النوع من الطائرات، للتميز عن الآخرين، وتأكيدا للتفوق والنجاح والاستقلالية. وأضحى المشاهير عملاء أوفياء لهذا النوع من الطائرات، ربما أكثر من الحكومات نفسها.

Embraer
مقطور طائرة خاصة من تصنيع شركة "إمبراير".

اليوم، أصبح للطائرة مكانة اعتبارية تفوق ما كان للسيارة قبل ستة عقود، عندما كان السفر متعة يضم أفراد العائلة، داخل عربة تتحرك بحرية في الحقول والشوارع.

وليس غريبا أن تعكس "إمبراير" التي أسسها الطيار العسكري السابق ازيريس سيلفا عام 1969، في زمن الفقر والفاقة، صورة عن البرازيل الصاعدة التي أصبحت تنافس الكبار، بعدما غدت القوة الاقتصادية التاسعة عالميا قبل كندا، وعضوا في "بريكس" ومجموعة العشرين (بحسب تصنيف صندوق النقد الدولي). وقالت الشركة إن لديها طلبيات بقيمة 11,3 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2024، بزيادة 170 في المئة مقارنة مع الربع الأول من عام 2024.

يعتبر التخصص في الطائرات المتوسطة والخاصة، وحتى التاكسي الطائر لنقل الركاب من الفندق إلى المطار جوا، امتيازا لـ"إمبراير"، الشركة التي باعت 1000 طائرة "جيت" خاصة برجال الأعمال في 70 دولة

يعتبر التخصص في الطائرات المتوسطة والخاصة، وحتى التاكسي الطائر (VTOLS) لنقل الركاب من الفندق إلى المطار جوا، امتيازا لـ"إمبراير"، الشركة التي باعت 1000 طائرة "جيت" خاصة برجال الأعمال في 70 دولة، وهو تطور صناعي وتكنولوجي "مكنها من الصمود والبقاء في سوق المنافسة على الرغم من الأزمات التي عصفت بقطاع صناعة الطائرات، بل مكنها من الازدهار أيضا"، وفقا لـ"بلومبيرغ".

لكن كسب الرهان يحتاج إلى مزيد من التوسع العالمي، وانتظار حجم التقدم الصناعي لدى منافسين آخرين، مثل شركة "كوماك" (Comac) "سي 919" الصينية، وأيضا مجموعة "إيركوت" (Irkut) الروسية. حتى الآن تبدو "إمبراير" الأكثر نجاحا في تخصصها، وقد سلمت نحو 1700 طائرة تجارية إلى 100 شركة خطوط جوية في 60 دولة.

 توسع نحو البرتغال والمغرب

تدرس "إمبراير" التي تملك فروعا لها في البرتغال، تعزيز شراكتها الصناعية والفنية مع المغرب، واكتشاف فرص التعاون في الصناعات الجوية المدنية والعسكرية، وفق موقع الدفاع العربي، "يشمل البحث عن شركاء محليين وتطوير مشاريع مشتركة، قد تسهم في تقوية البنية التحتية الصناعية والتكنولوجية المدنية والعسكرية". وحطت طائرة نقل عسكرية برازيلية من طراز "KC-390" تحمل الرمز "PT-ZNG" في القاعدة الجوية العسكرية في الرباط قبل أسابيع، وهي طائرة معدة لإجراء تجارب تقنية، وعرضها على العملاء المحتملين. وكانت لجنة العلاقات الخارجية البرازيلية صادقت في نهاية أبريل/نيسان الماضي على اتفاقية "التعاون العسكري والدفاعي" مع المغرب، تشمل نقل التكنولوجيا والخبرة. 

وقالت مصادر إعلامية محلية "إن التزود بطائرات برازيلية لحساب الخطوط الملكية المغربية خطوة نحو تعاون أوسع في مجال صناعة الطائرات بين البلدين". وصدر المغرب ما قيمته أكثر من ملياري دولار العام المنصرم من قطاع غيار أجزاء الطائرات، ويطمح  لاستقطاب مزيد من المصنعين لأجل نقل الخبرة. وتقدر نسبة الاندماج الصناعي المحلي في قطاع الطيران بنحو 40 في المئة.

ترغب "إمبراير" التوسع في سوق الشرق الأوسط وأفريقيا، عبر إنشاء وحدات تصنيع في البرتغال والمغرب لإنتاج طائرات متوسطة لأغراض سياحية ونقل الشخصيات

وترغب "إمبراير" بدورها التوسع في سوق الشرق الأوسط وأفريقيا، عبر إنشاء وحدات تصنيع في البرتغال والمغرب لإنتاج طائرات متوسطة لأغراض سياحية ونقل الشخصيات المهمة (VIP). ورحبت البرازيل بفكرة إنشاء تحالف بين دول جنوب المحيط الأطلسي، اقترحته الرباط، من أجل التكامل الاقتصادي والتنمية، وهي سوق هائلة تتنافس عليها القوى التقليدية والصاعدة.

صعوبات الكبار

 تصر "إمبراير" على عدم تصنيع طائرات من الحجم الكبير، والاكتفاء بالمتوسطة، في وقت تعاني صناعة الطائرات الضخمة من مشاكل جمة بسبب عدم توفر ما يكفي من قطع الغيار وصعوبات في سلاسل التوريد. وكتبت صحيفة "وول ستريت جورنال"، "أن بعض الطائرات بحاجة إلى أجزاء داخلية والبعض الآخر إلى محركات تعذر وصولها من مصانعها في قارات أخرى". وتسلم كيلي أورتبيرغ منصبه الجديد مديرا تنفيذيا على رأس "بوينغ" في الأسبوع الأول من أغسطس/آب، كرهان من مجلس الإدارة على مهندس صناعي، قادم من شركة "روكيل كولينز"، لإنقاذ المجموعة العملاقة. تزامن ذلك مع صدور نتائج سلبية تشير إلى ارتفاع الخسائر إلى 1,44 مليار دولار في الربع الثاني من العام الحالي، بعد خسائر بقيمة 149 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام المنصرم، بسبب ضعف تسليم الطائرات التجارية وسط مشاكل تشغيلية. نتيجة لذلك، انخفضت الإيرادات نحو 15 في المئة إلى أقل من 17 مليار دولار، بحسب الأرقام التي نشرتها "بوينغ" على موقعها. وبسبب هذه الأوضاع، باتت شركات نقل جوية عدة تسعى إلى تنويع مشترياتها من الطائرات، خوفا من تعطيل التسليم والتأثير سلبا على برامج نشاط رحلاتها.

Embraer

وتعتزم الخطوط الملكية المغربية التعاقد لشراء 200 طائرة جديدة استعدادا لكأس العالم 2030 منها 188 من "بوينغ". لكن مشاكل الشركة الأميركية تدفعها نحو التزود أيضا من "إيرباص" و"إمبراير"، لتعويض أي نقص في الإمدادات الأميركية. ولا تبدو "إيرباص" في وضعية المستفيد بعد تراجع الأرباح الصافية 46 في المئة إلى 825 مليون يورو خلال النصف الأول من السنة الجارية. وتتوقع الشركة تسليم 770 طائرة تجارية قبل نهاية 2024. وتعاقدت شركة "ناس" السعودية مع "إيرباص" على طلبيات تصل إلى 160 طائرة تجارية، منها 30 من طراز "330 نيو" (A330 neo)، وأخرى (130 طائرة) من طراز "320A "، على هامش معرض "فارنبورو" للطيران في المملكة المتحدة.

وتظهر خريطة الطلبيات وبرامج التعديل والتصميم الصناعي أن الدول العربية أصبحت شريكا مهما في قطاع الطيران العالمي.

font change

مقالات ذات صلة