بينما تنتشر صور مرشحي انتخابات مجلس النواب الأردني المقبل في شوارع المدن، وتكاد تزاحم إشارات المرور تلك اليافطات الانتخابية الممهورة بتواقيع أحزاب أصغر من مرشحيها في اليافطات وتخوض انتخابات نوعية جديدة في الأردن، كانت صورة الملك الأردني عبد الله الثاني بلباسه العسكري تنتشر أيضا في مواقع الأخبار وهو يترأس أول اجتماعات مجلس الأمن القومي الأردني.
كانت التفسيرات حول تفعيل مجلس الأمن القومي تأخذ اتجاهين متوازيين: إشارة إلى حالة تأهب استشعارا بالوضع الإقليمي حيث سيكون الأردن في قلب عواصفه بحكم جغرافيته. وإشارة أخرى، احتمالها ضعيف حسب مصادر مطلعة، إلى احتمال تعطيل أو تأجيل الاستحقاق الانتخابي، في حال تصاعد الأحداث الإقليمية وحجم العواصف نفسها.
تبقى الرسالة الأوضح مع التصريحات المتلاحقة بأن الأردن يستعد لأي تصعيد محتمل قد يصل إلى حرب إقليمية. وفعليا، الدولة الأردنية في حالة تأهب سياسي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهذا التأهب كانت قد سبقته تنبؤات أردنية واضحة بانفجار الوضع أقواها وضوحا كان في خطاب العاهل الأردني بالأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، قبل ثلاثة أسابيع من "مفاجأة أكتوبر".
القلق الأردني له مبرراته الجلية بسبب تلك الجغرافيا السياسية التي تضع الأردن في مهب العواصف الإقليمية محاصرا بالأزمات. وهي حالة خطر من كل الجهات الجغرافية المحيطة بالأردن إلا حدوده الآمنة جنوبا مع المملكة العربية السعودية التي وصلت إلى أعلى ما يمكن من حالات التنسيق السياسي والأمني مع السياسة الأردنية.
جغرافيا وسط مواجهة
هذا الخطر واجه أول تجاربه المباشرة كجرس إنذار حين تحولت الجغرافيا الأردنية إلى منصة مواجهة إيرانية– إسرائيلية في أبريل/نيسان الماضي. مواجهة يرى البعض أن حجم الرد تناسب مع الحسابات الإيرانية الجديدة في تسويات محتملة مع واشنطن تفضي إلى حل نهائي مع طهران في كل الملفات. ويسود اعتقاد في أوساط أردنية بأن التسويات أخذت زخما إضافيا إلى الأمام حسب كثير من المؤشرات والتسريبات بعد سيطرة نسبية للتيار الإصلاحي في طهران عقب سلسلة تراجعات أصابت تيار المتشددين من القيادات الإيرانية كان أهمها غياب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان، وما سبق ذلك وتبعه من عمليات استخباراتية لا يزال بعضها غير معلن استهدف قيادات إيرانية متشددة موجودة خارج إيران وتقود فعليا العمليات الإيرانية في مناطق النفوذ في الإقليم. هذا الزخم الإصلاحي، نحو تسويات قد تجد طريقها في النهاية، مضر بشبكة مصالح إقليمية تتغذى على الحضور الإيراني الواسع في المنطقة.