قبل عقود كان التنافس على الفضاء والهبوط على سطح القمر من أبرز ملاحم التنافس العلمي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي إبان حقبة الحرب الباردة. وقتها أنفق المتنافسان أموالاً طائلة لتحقيق السبق في هذا الجانب التكنولوجي، حتى أن البعض أدرج ذلك الإنفاق ضمن نظرية المؤامرة، بحيث وصف بالمنافسة الوهمية، وذلك باتهام الولايات المتحدة أن وصولها إلى سطح القمر ما كان إلا خدعة استراتيجية لإدخال الاتحاد السوفياتي في سباق وهمي مكلف مادياً وبشرياً ودون طائل.
إلا أن الصورة اليوم تختلف باختلاف التقنية التي يتنافس عليها اللاعبون الدوليون من أجل كسب الريادة، بعدما شهد العالم في العقد الأخير تطوراً هائلاً في مجال الذكاء الاصطناعي، بحيث أصبحت هذه التكنولوجيا محركاً رئيساً للابتكار والتقدم في العديد من المجالات، بدءاً من الطب وصولاً إلى الاقتصاد والصناعة.
مع هذا التقدم، راحت تتصاعد المخاوف في شأن تأثيرات الذكاء الاصطناعي على التوازن الدولي والقوة الجيوسياسية بين الدول، إذ يختلف المختصون في مجال التقنية على الكثير من المسائل، إلا أن الجميع يكاد يتفق على مسألة أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تنظيم العالم ويغير مسار تاريخ البشرية، بعدما بدأت تلك التقنيات بخلق موجات من التقدم في البنية التحتية الحيوية والتجارة والنقل والصحة والتعليم والأسواق المالية وإنتاج الغذاء والاستدامة البيئية.