غزة: على الرغم من شتى أشكال القتل والدمار في قطاع غزة، خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة عليه، يبحث الغزيون في أحلك الظروف عن نقطة ضوء ولو صغيرة تساعدهم في مواجهة واقعهم المرير. فقد أقدم ناشطون فنيون في غزة، على إقامة تظاهرتين سينمائيتين استثنائيتين، في مناطق النزوح، وتحت سماء لا تفارقها الطائرات الحربية، هما "مهرجان العودة السينمائي"، و"مهرجان القدس السينمائي" في موسميهما الثامن.
بين المساحات المكتظة الضيقة والتناثر السكاني العشوائي، والصورة القاتمة للحياة وسط خيام النزوح، في مدينة دير البلح، افترش المتفرجون أكياس النايلون خلال إطلاق "مهرجان القدس السينمائي"، بمشاركة 22 فيلما، عبر دورة استثنائية، لتمارس السينما طريقتها الجمالية في محاكاة أوضاع النازحين، عبر شاشات صغيرة وأدوات متواضعة. تجمع المتفرجون بالمئات، وجلسوا على كراس بلاستيك، عيونهم تلاحق شاشات صغيرة بين الركام، تعرض تجارب فنية مختلفة، تستعيد ذاكرة التواصل الإنساني التي فقدوها طوال الحرب. حيث قدم المهرجان تجارب فنية، فلسطينية وعالمية، تحت شعار "مبدعون رغم اللجوء".
بعد أيام قليلة، انطلق "مهرجان العودة السينمائي" في منطقة المواصي في مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، وهي منطقة غير مؤهلة للحياة، يعيش نازحوها ويلات التهجير والموت بشكل أشد قسوة من أي مكان آخر، وتتناثر على أرضها الخيام، تحت أشعة شمس يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، الحارقة، لكن صوت السينما وصورتها، برزا وسط تلك الصورة المحترقة.