منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" في 15 أبريل/نيسان 2023، تزايد الاهتمام الدولي بالسودان بشكل متسارع على ما يمكن استشرافه من المفاوضات التي دعت أطراف عدة إلى إجرائها في جنيف.
وفي الأيام الأولى للحرب، ركز المجتمع الدولي على عمليات إجلاء البعثات الدبلوماسية والرعايا الأجانب والتي تمت عبر تنسيق دولي واسع شمل التنسيق المباشر مع الطرفين المتحاربين للإجلاء عبر ميناء بورتسودان وقاعدة وادي سيدنا العسكرية. ثم نفذت الولايات المتحدة عملية عسكرية متكاملة لإجلاء موظفيها من سفارتها في الخرطوم.
وبعد انتهاء عمليات الإجلاء، بدأت الجهود السياسية الدولية لمعالجة الأزمة في الظهور بشكل متزايد. وعمل الاتحاد الأفريقي مع بعثة الأمم المتحدة للسودان على تأسيس آلية موسعة لتنسيق الجهود باتجاه القضية السودانية. كما كونت الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) مجموعة رئاسية من رؤساء دول جنوب السودان، جيبوتي وكينيا، وأضيفت لاحقا إثيوبيا، للجمع بين قائدي الجيش و"الدعم السريع". واعتمد الاتحاد الأفريقي هذه الآلية كمدخل لمبادراته قبل تكوين آلية الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى المعنية بالسودان في يناير/كانون الثاني 2024. واستضافت مصر قمة لدول جوار السودان في يوليو/تموز 2023 لبحث سبل إنهاء الحرب واستعادة السلام في السودان. كما استضافت العاصمة البحرينية المنامة، بالشراكة مع مصر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، مفاوضات غير رسمية بين الطرفين في فبراير/شباط من العام نفسه. وفي وقت لاحق، أعلنت الجامعة العربية عن مبادرة خاصة بها في مارس/آذار 2024. بالإضافة إلى جهود دبلوماسية متعددة من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة التي أعلنت عن تعيين الجزائري رمضان العمامرة كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بعد إصرار الحكومة السودانية على إنهاء بعثة الأمم المتحدة إلى السودان. كما أعلنت الولايات المتحدة عن تعيين توم بيريليو كمبعوث خاص للسودان في فبراير 2024.
وشكل الاتحاد الأفريقي لجنة رئاسية جديدة برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني في يونيو/حزيران 2024، للعمل على جمع قائدي الفصيلين العسكريين في السودان في اجتماع مباشر لوقف الحرب. إلا أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة كانتا قد سبقتا الجميع ونجحتا في جمع الطرفين في منبر جدة التفاوضي الذي تم الإعلان عن تدشينه في 6 مايو/أيار 2023، بعد ثلاثة أسابيع من اندلاع النزاع برعاية سعودية-أميركية مشتركة.
لم يكن السودان في منأى عن التدخلات الدولية قبل الحرب. فبالإضافة إلى التاريخ الطويل للجهود الأممية في معالجة الحرب الأهلية في جنوب السودان، والتي تكللت بالنجاح بتوقيع اتفاق السلام الشامل في عام 2005 وانتهت لاحقا باستقلال جنوب السودان في 9 يوليو 2011، والتي لعبت فيها منظمة "الإيقاد" ومجموعة الترويكا المكونة من الولايات المتحدة والنرويج والمملكة المتحدة أدوارا أساسية، كانت هناك أيضا جهود دولية في معالجة قضية دارفور منذ عام 2003. وتوالت قرارات مجلس الأمن الدولي منذ عام 2004، بتكوين لجنة تحقيق دولية وتكوين بعثة "يوناميد" للتدخل في دارفور وإحالة الوضع هناك إلى التحقيق بواسطة محكمة الجنايات الدولية وتأسيس لجنة الخبراء المستقلة لمتابعة الأوضاع في دارفور وغيرها من القرارات الأممية منذ ذلك الحين لمعاينة الفظائع التي كانت ترتكبها حكومة البشير وميليشيات الجنجويد في الإقليم.