استولت قوات حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول يوم 15 أغسطس/آب 2021 مع انهيار نظام أفغانستان المدعوم من الولايات المتحدة. كان ذلك إيذانا ببداية حقبة جديدة وانتهاء عقدين من الغزو الأميركي مشبعين بالدماء والفساد والاحتلال.
أما الهند التي تحتفل كل عام بعيد استقلالها يوم 15 أغسطس بعد أن تحررت من الاستعمار البريطاني عام 1947، فقد أمسى هذا التاريخ منذ عام 2021 مشبعا بمرارة فقدانها حليفا قويا في أحد أكثر المواقع استراتيجية في قلب آسيا. وسارعت الهند باستخدام دبلوماسيتها الحاذقة، إلى إقامة علاقة عمل مع السلطات الجديدة في كابول، رغم كراهيتها لطالبان.
ومع أن الهند لا تعترف رسميا بحكومة طالبان، وبـ"إمارة أفغانستان الإسلامية"، فإن نيودلهي والنظام الأفغاني الجديد لا يظهران عداوتهما علنا. وتعاونت حركة طالبان مع الهند في إجلاء نحو 1700 هندي من أفغانستان في ظل الفوضى التي أعقبت الانسحاب الأميركي. ومنذ يونيو/حزيران 2022، يتمركز فريق فني هندي بالسفارة الهندية في كابول ويعمل على دعم المساعدات الإنسانية الهندية والمشاريع الأخرى.
وكانت الهند من بين الدول الأكثر صداقة مع إدارة الرئيس أشرف غني المخلوع، ومن قبلها مع حكومة حامد كرزاي. كما كانت نيودلهي أيضا داعما قويا لميليشيا التحالف الشمالي المحلولة الآن.
ووقعت الهند وأفغانستان "اتفاقية شراكة استراتيجية" عام 2011، وازدهرت العلاقات بينهما تحت الحماية الأميركية. وقد شجع الأميركيون الهند على تسويق قوتها الناعمة في أفغانستان بما في ذلك أفلام بوليوود، في حين كانت الهند تجني ثمار الوجود العسكري الأميركي. ولم تكن الهند سعيدة باحتمال الانسحاب الأميركي، وسعت جاهدة للتوصل إلى ترتيب سياسي بين الأفغان يرعى مصالحها.
ونتيجة لإدراك حكومة غني بأن الهند تنظر إلى أفغانستان كدولة استراتيجية في سياستها الخارجية، وعلى الأخص بوجود باكستان التي تؤدي دورا كبيرا غرب الهند، سعى سياسيو هذه الحكومة إلى الحصول على مساعدة عسكرية هندية كبيرة أثناء المفاوضات على صيغة لتقاسم السلطة في المستقبل. وكان من بين هؤلاء السياسيين حمد الله محب، مستشار الأمن القومي في حكومة غني، وفريد ماموندزاي الذي كان يشغل منصب سفير أفغانستان في نيودلهي. إلا أن ماموندزاي أعلن "إغلاق" السفارة الأفغانية عام 2023، بعد أن اشتكى من رفض السلطات الهندية تمديد التأشيرات للدبلوماسيين ومن "تحول في سلوك الحكومة الهندية". وغادر دبلوماسيو النظام السابق الذين لم يرغبوا في التنسيق مع طالبان بحثا عن عمل في بلدان ثالثة.
وتواصل السفارة الأفغانية والقنصليتان في مدينتي مومباي وحيدر آباد تقديم الخدمات القنصلية لآلاف الأفغان المقيمين في الهند بالتنسيق مع السلطات المركزية في كابول. ويتناقض هذا التنسيق على نحو حاد مع إعلان السلطات الأفغانية في 30 يوليو/تموز 2024 عن أنها لم تعد تقبل صلاحية الخدمات القنصلية التي تقدمها البعثات الأفغانية في دول كالنمسا وفرنسا وإيطاليا واليونان والنرويج وبولندا والسويد وأستراليا وكندا.
وفي يوليو 2021، ناشد ماموندزاي في مقابلة تلفزيونية الحكومة الهندية بقوة كي تقدم المساعدة العسكرية ضد طالبان، بينما شكرها على توفير التدريب للمجندين العسكريين وتوفير المنح الدراسية والمعدات العسكرية، بما فيها 11 طائرة هليكوبتر في الماضي. وكانت الهند قد أهدت أربع طائرات هليكوبتر هجومية من طراز "إم آي 25" إلى قوات الدفاع والأمن الوطني الأفغانية عام 2015.