فوجئت ماجدة بضغط عمر الشريف على رقبتها في مشهد بفيلم "شاطئ الأسرار" تمهيدا لقبلة، لكنها أفلتت منه وهربت باكية منهارة، لم تجرؤ على حكاية الموقف لوالدتها عندما سألتها عن سبب دموعها، وعادت إلى القاهرة، فهاتفها منتج الفيلم حلمي رفلة، وعدها بحذف المشهد، ولم تعد إلا بعدما حصلت منه على وعد كتابي، لكن المخرج عاطف سالم عرضه كاملا، وكانت المرة الأولى التي تُقبل على الشاشة أمام الجمهور، لكنها روت للصحافة ما وصفته بمؤامرة من عاطف سالم.
قطة تنتج فيلما لإحسان عبد القدوس
قررت ماجدة إنتاج الأعمال التي تستهويها، فطلبت من إحسان عبد القدوس الحصول على حقوق روايته "أين عمري"، فضحك قائلا، "كيف تستطيع قطة مثلك إنتاج فيلم لإحسان عبد القدوس"، فأخبرته بشراكتها مع شركة "الشرق"، شجعها على الخطوة ووافق مقابل 500 جنيه مصري، على أن تدفعه على 5 دفعات. وأوكلت مهمة كتابة السيناريو إلى علي الزرقاني.
خلال تكريم الممثلة المصرية ماجدة الصباحي في مهرجان دمشق السينمائي الدولي في العاصمة السورية في 7 نوفمبر 2010
حاولت شركات أخرى وفقا لرواية ماجدة، تعطيل إنتاج الفيلم بتعاقدها مع عبد القدوس، ونجحت، لكنها أصرت، وبعد خلافات كثيرة، تدخل البعض قبل اللجوء إلى القضاء وأنتجته شركتها "ماجدة فيلم"، قالت: "بعد نجاحه تقاتلت شركات الإنتاج على إحسان عبد القدوس، إذ لم يكن له سوى فيلم 'الله معنا'، كما كان الفيلم انطلاقتي الأولى والحقيقية وحقق إيرادات ضخمة سدّدت منها ديوني وأقساط الكُتاب، وكرمني عليه الرئيس جمال عبد الناصر".
بعد نجاح "أين عمري" (1957)، قررت إنتاج فيلم "المراهقات" مع شريكها السابق شركة "الشرق"، مستوحى من فترة مراهقتها، إذ قدم عمر ذو الفقار شخصية شقيقها مصطفى. قالت: "قدمه كما هو على الحقيقة بعنفه الشديد تجاهي بدافع الحب والخوف الدائم عليّ"، وخرجت شخصية والدها الحنون في شخصية الفنان حسين الرياض.
عُرض "المراهقات" في سينما ريفولي وحقق نجاحا ضخما، استمر عرضه 24 أسبوعا، واختير في ما بعد ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في السينما المصرية ضمن استفتاء النقاد لمناسبة مرور مئة عام على أول عرض سينمائي بالإسكندرية. حاولت ماجدة إنتاج فيلم عن عمر الخيام وفشلت لضخامة تكلفته، كما لم تنجح في إنتاج فيلم عن نزول القرآن وأثره على الإنسان.
أثناء بحثها عن قصة أخرى تصلح فيلما، قرأت خبرا عن قبض السلطات الفرنسية على جميلة بوحيرد، فتابعتها، وجمعت كل المواد المنشورة عنها، واتفقت مع الأديب يوسف السباعي على كتابة قصة استنادا إلى الوقائع الحقيقية، وبعدما انتهى منها، توجهت إلى نجيب محفوظ وعلي الزرقاني وعبد الرحمن الشرقاوي لكتابة السيناريو والحوار، ثم اتفقت مع عز الدين ذو الفقار على الإخراج، ورفضت تعديلاته بتغيير رؤية الفيلم بربط جميلة وأحداث الجزائر بما يحدث في مصر، وأثناء المناقشة قالت له: "أتيت بكبار الكتاب في مصر لكتابة السيناريو والحوار، كيف تعترض على ما كتبوه، وتدخل فيه ما يضعفه ولا يتناسب مع إيقاعه، جميلة قصة حقيقية، لا أسمح بتحريفها".
انسحب ذو الفقار من الفيلم، محاولا الضغط على ماجدة، خاصة أنها أسّست الديكورات على ثلاثة أفدنة باستديو مصر مقابل مئة ألف جنيه. لم ترضخ لقراره، واتفقت مع يوسف شاهين "أرجوك أريد فيلما ناجحا يشاهده الناس، لا أكون أنا جمهوره الوحيد". وبعد خلافات عديدة مع شاهين على طريقة التصوير والأداء، انتهى تصوير الفيلم، وعرض في سينما راديو (1958)، قالت ماجدة: "كتب عنه الفيلسوف سارتر وصديقته سيمون دو بوفوار في 'لوفيغارو'، وتسبب في ضجة عالمية وضغط على الرأي العالمي، وكتب نزار قباني قصيدة شعر بعد مشاهدة الفيلم، 'الاسم جميلة بوحريد رقم الزنزانة تسعون...". اختير "جميلة" ضمن أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
قدمت ماجدة في أعمالها، ليلى طاهر في فيلم "قبلني في الظلام"، وزيزي مصطفى في "المراهقات"، وأصرّت على أن يقدم نور الشريف دورا في فيلم "السراب" وكتبت تعهدا لمؤسسة السينما، بتحمل تبعات اختيارها له، ووافقت على مشاركته محمود ياسين في فيلم "أنف وثلاثة عيون" متحدية رشدي أباظة الذي قبل الدور في البداية بشروط رفضتها ماجدة، وقدمت في الفيلم نفسه حمدي أحمد. كما روت في مذكراتها، أنها قدمت ميرفت أمين ونجلاء فتحي في الفيلم بشكل مختلف، ولم تخش أن تشاركاها الفيلم رغم أنهما كانتا أجمل فتاتين في السينما وقتها.
تأميم ماجدة
أنتجت ماجدة فيلم "الحقيقة العارية" عام 1963، وفي وقت كان الرئيس جمال عبد الناصر يؤمم قطاعات مهمة وكبرى في مصر، منها السينما، وأوكل إدارتها إلى جهاز السينما، للسيطرة على أكبر نسبة من الإنتاج السينمائي.
حضرت ماجدة بصفتها منتجة الاجتماع الأول بالسينمائيين، وعارضت التوجيهات الموكلة إليهم، بضرورة تقديم أفلام معينة بأفكار محدّدة، ورفضت ما اعتبرته تحذيرا ووعيدا. وصلها خطاب من الدولة يطالبها بتسديد مديونياتها عن فيلم "الحقيقة عارية"، فردت بأنها أنتجت فيلما وطنيا لا يقل قيمة عن السد العالي، وطلبت التسديد بالتقسيط، فرفض الطلب مع إخطارها بأنه في حال عدم السداد ستواجه دعوى إشهار إفلاس، وهو ما حصل وصدر الحكم، وعُين رقيب على جميع أموالها وممتلكاتها، وتقرر منحها راتبا شهريا 200 جنيه.