بعد مرور أقل من عام على استعادة طالبان السيطرة على أفغانستان إثر الانسحاب الأميركي الفوضوي عام 2021، أكد الرئيس جو بايدن للعالم أن البلاد، التي كانت ذات يوم ملجأ لأسامة بن لادن، "لن تعود ملاذا آمنا للإرهابيين مرة أخرى". لكن الواقع أوضح أن تأكيدات بايدن تفتقر إلى الدقة.
وفي حين تستعد حكومة طالبان في كابول للاحتفال بالذكرى السنوية الثالثة للانسحاب الأميركي، يثير تصاعد التهديدات الإرهابية الدولية المرتبطة بأفغانستان قلق الحكومات من عودة البلاد، التي كانت ذات يوم مأوى للعقول التي دبرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، مرة أخرى معقلا لجماعات مسلحة مع طموحات عالمية.
وقد وجدت الجماعات الإرهابية، ومن بينها "حركة طالبان الباكستانية" (TTP) وتنظيم "داعش"، ملاذات في جميع أنحاء أفغانستان، وهي تعمل على توسيع مناطق سيطرتها هناك. وفيما يعتقد المسؤولون الغربيون أن "حركة طالبان الباكستانية" و"داعش- خراسان" (ISKP)، وهو فصيل من الجماعة المتطرفة في الشرق الأوسط مقره أفغانستان وعدو طالبان اللدود، يبرزان كتهديدين محتملين للسلام العالمي، نرى باكستان وهي تواجه موجة جديدة من الإرهاب منذ الانسحاب الأميركي، بسبب قربها من أفغانستان.
وقد ازدادت الهجمات عبر الحدود في باكستان منذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان. وفي تصعيد خطير للتوترات بين باكستان وأفغانستان، استدعت الحكومة الباكستانية دبلوماسيا أفغانيا رفيع المستوى للاحتجاج على هجوم مسلح على حامية بانو في مقاطعة بانو شمال غربي باكستان. وأدى الهجوم الذي وقع في 15 يوليو/تموز، إلى مقتل ثمانية جنود باكستانيين وأسفر عن مقتل جميع المعتدين العشرة، الذين لقوا مصرعهم عندما فتحت القوات الباكستانية النار بعد أن صدم أحد المسلحين سيارة محملة بالمتفجرات بالجدار الخارجي للحامية.
واتهمت وزارة الخارجية الباكستانية، في بيان شديد اللهجة، مجموعة حافظ جول بهادور التي يقع مقرها في أفغانستان بتدبير الهجوم. وطالبت الوزارة أن تتخذ كابول إجراءات فورية وحاسمة ضد الجماعة والمنظمات الإرهابية الأخرى التي تزعم أنها تعمل من الأراضي الأفغانية، ومن بينها حركة طالبان الباكستانية (TTP) وتنظيم "داعش".
وعبرت الحكومة الباكستانية عن قلقها البالغ حول ما وصفته بـ"مؤامرة منظمة" ضد باكستان، مسلطة الضوء على تزايد الهجمات الإرهابية مؤخرا، وعلى وجه التحديد في إقليمي بلوشستان وخيبر بختونخوا. وفي اجتماع لمجلس الوزراء في 25 يوليو، أعلن رئيس الوزراء شهباز شريف أن باكستان لن تتسامح مع أي هجمات عبر الحدود وحث الحكومة الأفغانية على التحرك ضد حركة طالبان الباكستانية، التي عاودت هجماتها بعد انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار مع باكستان في عام 2022.
وفي المقابل، نفت إمارة أفغانستان على الدوام إيواء أعضاء من حركة طالبان الباكستانية و"داعش". ورغم ذلك، فإن التوترات بين البلدين تفاقمت بسبب تقارير عن وجود مخابئ للإرهابيين في أفغانستان. وأصبحت المخابئ هذه نقطة خلاف محورية بين باكستان وأفغانستان. ودفع عجز حكومة طالبان عن التحرك ضد الجماعات الإرهابية المتمركزة في مختلف أنحاء أفغانستان إسلام آباد إلى شن هجمات ضد مخابئ الإرهابيين، ما أثار غضب حكومة طالبان.