مفاوضات جنيف... "خيمة جديدة" للسودانيين

لا تسير الحرب لصالح طرفي القتال

لينا جرادات
لينا جرادات

مفاوضات جنيف... "خيمة جديدة" للسودانيين

تتجه أنظار السودانيين إلى مدينة جنيف في سويسرا وكذلك آمالهم في إيقاف الحرب، وباتت جنيف بالنسبة إليهم "خيمتهم الأخيرة" بعد أن واجه الملايين منهم مخاطر حقيقية في حرب 15 أبريل/نيسان 2023 التي حصدت أكثر من 150 ألف قتيل، بحسب أحدث تقرير للجنة الإنقاذ الدولية، وشهدت فظائع وبشاعات يدفن فيها الناس أحياء وتبقر بطون المتحاربين وتجز فيها الرؤوس ويدفن الناس موتاهم في باحات المنازل، ويُشرد الملايين، مما حول حياة السودانيين في الحرب إلى جحيم، فضلا عن نذر مجاعة وأمطار وسيول وفيضانات.

كما يعيش السودانيون بلا رعاية صحية ولا تعليم لأطفالهم ولا مستقبل لأولادهم أو بالأحرى يعيشون بلا حكومة مدنية. وأملهم الوحيد في إيقاف الحرب والعودة إلى بلادهم معلق على مفاوضات جنيف التي أعلنتها الوساطة الأميركية- السعودية وتحدد يوم الأربعاء 14 أغسطس/آب الجاري موعدا لانعقادها. والمفارقة، وعلى الرغم من تعويل السودانيين على منبر جنيف، فإن الجيش لم يحسم مشاركته فيه بعد.

تحضير مختلف

حظي منبر جنيف بتحضير مختلف. وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ"المجلة"، حصل تواصل لأشهر عديدة بين الوساطة وطرفي الأزمة قبل الدعوة إلى المنبر وتفهم مواقف الأطراف والوصول حولها إلى تفاهمات معقولة، إذ قالت المصادر إن سفير المملكة العربية السعودية في السودان علي بن حسن جعفر والمبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو لعبا دورا هاما في التواصل مع الأطراف إلى جانب آخرين مكلفين بالملف. ووافق طرفا الحرب على إعلان المنبر، إذ كانت الولايات المتحدة الأميركية قد أعلنت في وقت سابق أن إعلان منبر التفاوض يعتمد على موافقة مسبقة من الجيش بالمشاركة وهذا ما حصلت عليه قبل إعلان جنيف.

ومن المهم الإشارة إلى أن ما تم التوافق عليه في منبر جدة في 11 مايو/أيار و20 مايو 2023 مثل أساسا جيدا لهذه التفاهمات، وعندما اشتكى الجانبان من عدم التزام الطرف الآخر بالتعهدات، توصلت الوساطة إلى استحداث مراقبين وآليات للتنفيذ، ومن بين المراقبين الأمم المتحدة ومصر والإمارات العربية المتحدة مع حوافز وعقوبات لم تفصح عنها المصادر.

"#إذهب للتفاوض"

في حال سأل أحدهم عن رغبة السودانيين وموقفهم من التفاوض في جنيف، يكفي كجواب أنهم أطلقوا حملة على وسائل التواصل الاجتماعي طالبوا فيها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالذهاب للتفاوض تحت وسم "#إذهب-للتفاوض"، ووجدت تفاعلا واسعا إلى جانب حملات من كيانات ونقابات وجهات عديدة في الاتجاه ذاته، ومن بينها حملة نقابة الصحافيين السودانيين، وحملة لجنة المعلمين، ونقابة الدراميين، والضباط المحالين إلى التقاعد: "نضامن".

وصرح المبعوث الأميركي الخاص للسودان بأنه استمع إلى الآلاف من السودانيين الذين أكدوا له رغبتهم في السلام وإنهاء الحرب عبر التفاوض. والأهم من كل ذلك الواقع الإنساني الكارثي الذي يعيشه السودانيون في مناطق النزوح واللجوء وفي مناطق الحرب، حيث بدأ شبح الجوع يتحول إلى واقع مرئي ومعاش كما أن الحرب نفسها وبعد عام ونصف العام تقريبا لا تشي بأنها ستنتهي بالحسم العسكري، خاصة أن القوات المسلحة فشلت في استعادة الولايات التي سيطرت عليها "قوات الدعم السريع". وأكثر من ذلك ظلت الحرب تتمدد في أطراف السودان المختلفة مع تفوق للدعم على الأرض والملاحظة أن المناطق التي يسيطر عليها تشهد انتهاكات كبيرة ما يجعلها تحت ضغوط محلية وعالمية لذا فإن كل هذه العوامل تدفع الطرفين إلى الذهاب للتفاوض.

تفاوض متعثر

قبل إعلان الوساطة عبر منبر جنيف في سويسرا كان تعويل السودانيين على "منبر جدة". وفي كل منعطف كان طرفا الحرب يؤكدان ترحيبهما بالجلوس إلى طاولة المنبر، غير أن موقفهما لم يتعد حيز الترحيب ولم يترجم إلى فعل. وإن شئنا الدقة، ذلك موقف الجيش على الأقل، لأن المعلن من "الدعم السريع" أن وفده جاهز للذهاب إلى جدة متى طلب منه ذلك وها هي مواقف الطرفين تتكرر بعد الدعوة إلى منبر جنيف. ويحفظ لمنبر جدة انفراده باتفاق مكتوب وموقّع عليه بين الجيش و"الدعم السريع"، ولكنه في الوقت ذاته يعظم المخاوف لجهة أنه أنتج تجربة اتفاق لم تكلف الأطراف نفسها مشقة الالتزام به.

وفي الحقيقة ومع مرور الوقت برزت الحاجة إلى اتفاق جديد بعد تمدد النزاع في جميع ولايات السودان، إذ إنه في الأسابيع الأخيرة بات يهدد الولايات الشرقية في تخوم إثيوبيا وإريتريا والبحر الأحمر، مما أثار مخاوف تلك البلدان التي بدأت النيران تشتعل على أطراف حدودها، وامتد التأثير حتى إلى الدول المشاطئة للبحر الأحمر الوجهة الأخيرة للحرب وخاصة بعد استهداف المسيرة الانتحارية للبرهان في جبيت التي تبعد عن مدينة بورتسودان 100 كيلومتر فقط، لذا شهدت مدينة بورتسودان مقر الحكومة المؤقت زيارات متتالية لرؤساء دول ومبعوثين، على رأسهم نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي الذي وصل يوم 8 يوليو/تموز، في أول زيارة لمسؤول سعودي إلى السودان منذ اندلاع الحرب.

يعوّل الناس على "منبر جدة" الذي ترعاه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. وفي كل منعطف يؤكد طرفا الحرب ترحيبهما بالجلوس إلى طاولة المنبر، غير أن موقفهما لم يتعد حيز الترحيب

وحث الخريجي البرهان على العودة إلى طاولة المفاوضات في جنيف بشكل أسرع، حتى لا ينظر إلى الجيش على أنه يمتنع عن العودة للتفاوض، ووعده البرهان خيرا.
وبعد مغادرة الخريجي بورتسودان وصل إليها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي وصلت حرب السودان إلى تخوم بلاده، علاوة على أن حدوده مع السودان تشهد توترات أمنية مرتفعة وتمرد شعب التيغراي. وتتعاظم مخاوفه من زيادة الهشاشة الأمنية في المنطقة حال وصول "قوات الدعم السريع" إليها، لذا جاء آبي أحمد على عجل مقدما مبادرة مختصرة تدعو إلى وقف الحرب فورا عبر التفاوض، تبدأ بوقف عدائيات وتنتهي بوقف دائم لاطلاق النار إلى جانب طرح مبادرة صلح بين قيادة الجيش والإمارات العربية المتحدة.

لينا جرادات

وفي جانب آخر، نشطت مبادرات من جهات مختلفة، الأولى كانت في القاهرة التي جمعت الخصوم السياسيين، ومبادرة في سويسرا، وأخرى في جنيف، جمعت وفدا من الجيش وآخر من "الدعم السريع" بخصوص الاتفاق على إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب، كما أقام الاتحاد الأفريقي منبرا للقوى السياسية للتفكير في اليوم التالي للحرب.
كل هذه المبادرات والمناشدات المتعددة لم تفلح في إحداث اختراق ملموس ومعلن، وبعد مغادرة نائب وزير الخارجية السعودي وآبي أحمد، قال البرهان قولته تلك: "مستمرون في الحرب". 

سري للغاية 

ذات الوساطة استطاعت أن تجمع الأطراف وعلى مستوى رفيع في العاصمة البحرينية المنامة وبجانب المملكة العربية السعودية وأميركا شارك في جلسات التفاوض ممثلون للإمارت ومصر. ومن جانب "الدعم السريع" شارك الرجل الثاني والأخ غير الشقيق لقائد "الدعم السريع" عبد الرحيم دقلوا. ونائب القائد العام للجيش الفريق شمس الدين كباشي. وتجاوزت المنامة بشكل كبير ما تم التوافق عليه في جدة ولكن وفي اللحظة الأخيرة للتوقيع على ما اتفق عليه انسحب وفد الجيش بعد تسريب الاتفاق والمباحثات التي كانت سرية للصحافة واتهم في هذا التسريب منسوبي النظام القديم في الأجهزة الأمنية والعسكرية وتسببت فعليا في انسحاب وفد الجيش.

الحرب في مصلحة من؟

لا تسير المعارك لصالح الجيش السوداني. و"قوات الدعم السريع" لا تمانع في الجلوس للتفاوض المفضي لوقف القتال، على حد زعمها. ودائرة الدمار والقتل والانتهاكات تتسع كما أسلفنا. والمجتمع الدولي لم يوفر شيئا يتعلق بالمناشدات والرجاءات والمبادرات. ومع كل ذلك لا خطوة فعلية تجاه حل الأزمة، لذا فإن السؤال الذي يطرق أذهان السودانيين بشدة: من هي تلك الجهة المستفيدة من استمرار الحرب؟ 
وفورا، تشير أصابع الاتهام تجاه نظام عمر البشير وجماعة الإخوان المسلمين اللذين وضعا الحرب في طريق الانتقال الديمقراطي أو الثورة السودانية التي أسقطت نظام حكمهما، والأدلة على ذلك كثيرة تبدأ بمحاولتهم المستميتة اتهام خصومهم السياسيين الذين قادوا الثورة بإشعال الحرب، مستخدمين الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ثم مشاركتهم في الحرب بكتائب تخصهم، من بينها "كتائب البراء بن مالك"، مصورين أنفسهم منقذين للشعب من بطش وانتهاكات "قوات الدعم" رغم أنهم هم من أنشأوا هذه القوات وتعهدوا برعايتها.

كما عمل أعضاء النظام القديم بجهد بالغ على الربط بين القوى المدنية التي شاركت في إسقاط نظامهم بـ"الدعم السريع"، وأكثر وضوحا مما ورد الأطروحة المبذولة منذ اندلاع الحرب وإلى اليوم وهي تنحصر في ضرورة إشراكهم في ترتيبات ما بعد الحرب وخاصة الترتيبات السياسية، مستندين إلى منطق أن الحرب أفرزت واقعا جديدا لا يحتمل إقصاءهم. وفي جانب آخر اتهمتهم دوائر دولية بذلك، من بينها وزارة الخزانة الأميركية والاتحاد الأوروبي اللذان فرضا عقوبات على عدد من قياداتهم، بينهم زعيم "الحركة الإسلامية" بعد الحرب علي كرتي.

مزاحمة كبار ضباط الجيش السوداني في السياسة والسلطة أمر قديم يعود إلى السنوات الأولى لاستقلال السودان عام 1956

كل هذه الشواهد وغيرها من عرقلة المبادرات وقطع الطريق أمام قادة الجيش حال لوحوا بقبولهم إيقاف الحرب يؤكد أنهم المستفيد الأول من استمرارها خلاف حاملي السلاح متكبدي خسائرها منذ يومها الأول.

لا بد من نصر 

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو في جلسة نقاش مع صحافيين سودانيين، أشار إلى أن سير المعارك على الأرض لا يسمح للجيش بأن يذهب إلى المفاوضات، ملمحا إلى أهمية تحقيق الجيش نصرا على الأرض. وقال: "يحتاج الجيش إلى أن يجلس إلى الطاولة مرفوع الرأس بعد تعديل الوضع في الميدان". وفي الحقيقة منذ ذلك اللقاء الذي جرى في فبراير/شباط 2024 تضعضع وضع الجيش السوداني أكثر مما كان عليه، واستولت "قوات الدعم السريع" على ولايات جديدة وأبقت حاميات عسكرية تحت الحصار الشديد.

لينا جرادات

ويرى خبراء عسكريون أن وضع الجيش المتراجع في الميدان لا يسمح له بالذهاب للتفاوض، ويؤكدون أنه في حاجة إلى نصر كبير يتمثل في تحرير ولاية الخرطوم العاصمة وولاية الجزيرة من قبضة "قوات الدعم" أو إحدى الولايتين على الأقل، وهذا الأمر بات شديد التعقيد صعب المنال، وسيجد السودانيون أنفسهم في ورطة كبيرة أمام حرب كارثية وضعت حياتهم وبلادهم على المحك.

الجيش والسياسة

مزاحمة كبار ضباط الجيش السوداني في السياسة والسلطة أمر قديم يعود إلى السنوات الأولى لاستقلال السودان في 1956 ليقع أول انقلاب عسكري بقيادة الفريق إبراهيم عبود في 1958 وأطيح به في ثورة أكتوبر/تشرين الأول 1964، وبعد فترة ديمقراطية قصيرة لا تتعدى خمس سنوات قام العقيد جعفر نميري بانقلاب جديد في مايو/أيار 1969 واستمر في السلطة 16 عاما وأسقط عن الحكم بهبة شعبية. وبعد أقل من أربع سنوات ديمقراطية صعد "الإخوان المسلمون"، وقاموا بانقلاب في 1989 بقيادة عمر البشير الذي أطاحت به ثورة ديسمبر/كانون الأول 2019 بعد أن حكم البلاد ثلاثين عاما، غير أن حكم البشير كان مختلفا عمن سبقه من عسكريين. فكل من إبراهيم عبود وجعفر نميري حكما بقوة الجيش بمعاونة تكنوقراط من كبار الموظفين وعدد من المفكرين والمثقفين من مختلف المشارب والتوجهات السياسية. وبعد الإطاحة بهما قنعا بذلك ولم يقاوما لاستعادة حكمهما. أما عمر البشير فقد حكم معه "الإخوان المسلمون" الذين احتكروا الحياة السياسية والاقتصادية في السودان على مدى 30 عاما تحققت لهم خلالها امتيازات كبيرة دون سائر الشعب.

عمر البشير حكم معه "الإخوان المسلمون" الذين احتكروا الحياة السياسية والاقتصادية في السودان على مدى 30 عاما تحققت لهم خلالها امتيازات كبيرة دون سائر الشعب

لذلك ومنذ الإطاحة بهم من السلطة عملوا بجهد لاستعادتها مستخدمين كل الوسائل ومن بينها انقلاب 25 أكتوبر 2021، وأخيرا هذه الحرب. لذلك فإن إيقاف الحرب والمضي نحو السلام لم يعودا قرارا خالصا للجيش الذي ينتمي عدد كبير من قياداته العليا إلى تنظيم "الحركة الإسلامية" الذي يرى في الحرب فرصة سانحة للعودة إلى المشهد السياسي، وعلى البرهان إرضاؤهم قبل أن يخطو خطوة نحو تفاوض جاد يفضي إلى إنهاء الحرب.

الثورة أعمق من الحرب

قطاع واسع من الشارع السوداني ينظر إلى حرب 15 أبريل على أنها حلقة من سلسلة القضاء على الفضاء المدني وتعطيل التحول الديمقراطي الذي نجم عن ثورة السودانيين الأخيرة. وفي كلمة للأمين العام لـ"الحركة الشعبية- التيار الديمقراطي" والقيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية ياسر عرمان، جاء فيها: "الثورة أعمق من أن تمحوها الحرب". وطالب قادة الجيش و"الدعم السريع" بتغليب الحكمة وصوت العقل، مشيرا إلى أن القوتين أصابهما الإنهاك فضلا عما سببته الحرب من مأساة للسودانيين.
وكشفت مصادر عن أن الجيش السوداني ينتظر أسلحة متقدمة، من بينها منظومة مسيرات يعدل بها موازين القوى في الميدان التي تميل هذه اللحظة إلى "الدعم السريع"، ثم بعد ذلك يذهب إلى منبر جدة. لكن قبل أن يتحقق هذا، سيظل قادته يعلنون أمام الجنود والرأي العام المساند للجيش أنهم لن يذهبوا إلى تفاوض ولن يبرموا اتفاق سلام مع "الدعم السريع". والحقيقة غير ذلك وهذا ما تعضده شواهد حروب السودان العديدة ومنطق الحروب والنزاعات التي تنتهي بالحوار وإن طال السفر. 

اتصال من بلينكن

بعد التحضير الكبير لمنبر جنيف والزيارات الإقليمية جرى هاتفان مهمان في هذه الأثناء. الهاتف الأول كان طرفه مع الفريق أول البرهان رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد. والثاني طرفه وزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن. وهما تمهيد وإزابة للجليد بين الإمارات والجيش من جهة والاستماع بشكل أخير لموقف الجيش من التفاوض من جانب الوساطة الأميركية وخاصة بعد أن صرح البرهان في خطابات جماهيرية بأنهم لم يستشاروا بشكل كافٍ قبل الدعوة إلى جنيف. وفي الاتصال الأخير طلب البرهان رسميا بالتشاور أكثر حول المفاوضات كما طالب بدعوتهم على أنهم ممثل لحكومة السودان. وفعليا قال المبعوث الأميركي إنهم على استعداد للتشاور حول الأجندة والمراقبين وكل ما يتعلق بالتفاوض وتمت دعوة الجيش إلى لقاء تشاوري في جدة وأرسل الجيش الوفد برئاسة وزير المعادن بشير أبونمو إلا أن التشاور انهار مبكرا بعد أن تمسك وفد الحكومة السودانية بإشراكه في المفاوضات أو إشراك ممثلين عن الحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش ورفضت الوساطة هذا الطلب لأن التفاوض سيكون بين الأطراف الرئيسة المتحاربة وأن للعملية السياسية منابر وترتيبات أخرى. وفيما يتعلق بدعوة البرهان على أنه رئيس مجلس السيادة وافقت الوساطة على ذلك لحضور الجيش في جنيف.

مواقف الأطراف من جنيف

اقترب إلى حد بعيد الموعد المضروب للمفاوضات في جنيف الذي كما أسلفنا، تتعلق به آمال السودانيين غير أن اللقاء التشاوري الذي جرى في جدة باعد إلى حد كبير بين الجيش والمشاركة، إذ أعلن رئيس الوفد بشير أبونمو أنه قدم توصية بعدم مشاركة الجيش. وأعلن وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة جراهام عبد القادر أنهم متمسكون بتنفيذ منبر جدة وأنهم لن يقبلوا بمراقبين جدد، في إشارة إلى دول تتهمها الحكومة بمساندة "قوات الدعم السريع"، كما أشار جراهام بأنهم لن يقبلوا بمسهلين جدد، الأمر الذي قرأه الجميع بمثابة رفض للمشاركة في المنبر. أما "قوات الدعم السريع" فقد أعلنت عبر خطاب للفريق حميدتي أنهم سيشاركون في المنبر وجادون في التوصل إلى اتفاق ينهي معاناة السودانيين على حد قوله.

ويتفق الجميع على أن ما قبل مفاوضات جنيف لن يكون كما بعدها وأنها مهما كانت نتائجها ستمثل محطة هامة في حرب السودان وسيحسب المجتمع الدولي خطواته من المسودة التي ستتوصل إليها.

font change

مقالات ذات صلة