كان فرانشيسكو لازارو رياضيا هاويا، مثله مثل جميع الرياضيين الأولمبيين في عصره. يتمرن في هدوء مساء، ويذهب الى وظيفته في مصنع للسيارات صباحا. قبل الألعاب الأولمبية التي أقيمت في عام 1912، فاز بثلاث بطولات وطنية للماراثون في البرتغال، ممثلاً لنادي بنفيكا.
أقيمت تلك الدورة في مدينة ستوكهولم؛ التي تُعرف بجوها البارد شتاء والمعتدل صيفا؛ إلا أنه وخلال الفترة التي أقيمت فيها الألعاب -بين 5 مايو/أيار و22 يوليو/تموز 1912- ضربت المدينة موجة حارة؛ تسببت في ارتفاع درجة الحرارة الى نحو 40 درجة مئوية.
وصلت تلك الموجة الى ذروتها في يوم 15 يوليو/تموز؛ يوم سباق الجري الذي شارك فيه لازارو. بعد اقترابه من خط النهاية؛ تهاوى جسده وسقط ميتا بسبب الحرارة، تبين لاحقا أن لازارو -الذي يُعد أول رياضي يموت أثناء حدث أولمبي- غطى جسده بشحم البقر لمنع حروق الشمس؛ إلا أن ذلك الشحم منع التعرق؛ وأدى إلى اختلال الشحنات الكهربائية في الدم.
بعد سنوات من ذلك الحدث؛ توفى راكب الدراجات الدانماركي كنود إينيمارك ينسن أثناء مشاركته في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1960 في روما بإيطاليا أثناء سباق الطريق الأولمبي لمسافة 100 كيلومتر للفرق في درجة حرارة 40 درجة مئوية.
الحرارة هي عامل ضغط موثق جيدا على الأداء الرياضي، في ماراثون الرجال الأولمبي لعام 2020 في سابورو باليابان، واجه المشاركون درجة حرارة محيطة تبلغ 28 درجة مئوية ورطوبة بنسبة 72٪ عند بداية الساعة 7:00 صباحا. لم يتمكن ما يقرب من 30٪ من العدائين (30 من أصل 106) من إنهاء السباق بسبب الظروف القاسية.
والآن؛ يقام أولمبياد باريس 2024 في ذروة موسم الصيف في أوروبا، ويواجه الرياضيون ظروفا مناخية حارة أثناء الأولمبياد؛ الأمر الذي يمكن أن يؤدي الى مرض معروف باسم الحرارة الناتج من الجهد، وهو مجموعة من الحالات المرتبطة بالحرارة تنشأ عن بذل مجهود بدني في بيئات حارة.
تتراوح هذه الحالات بين تقلصات خفيفة بسبب الحرارة وحالات خطيرة تهدد الحياة مثل ضربة الشمس. يحدث مرض الحرارة الناتج من الجهد، عندما يتجاوز إنتاج الجسم للحرارة قدرته على تبديد الحرارة، مما يؤدي إلى ارتفاع خطير في درجة حرارة الجسم الأساسية.
تأثير الحرارة على الأداء الرياضي
غالبا ما يبذل الرياضيون أقصى جهدهم البدني لتحقيق الأداء الأقصى، لكن الحرارة الشديدة يمكن أن تعيق قدراتهم بشكل كبير. إن فهم تأثير الحرارة على الأداء الرياضي أمر بالغ الأهمية لكل من الرياضيين والمدربين لتخفيف الأخطار وتحسين النتائج. فكيف تؤثر الحرارة على جسم الإنسان أثناء المجهود البدني المكثف؟
عندما يؤدي الرياضيون في درجات حرارة عالية، تواجه أجسامهم تحديات فيزيولوجية كبيرة. يعتمد جسم الإنسان على توازن دقيق بين الآليات الداخلية للحفاظ على درجة حرارة أساسية مستقرة، وعادة ما تكون نحو 37 درجة مئوية. أثناء النشاط البدني المكثف، وخاصة في الظروف الحارة، يمكن أن ترتفع درجة حرارة الجسم الداخلية بسرعة، مما يؤدي إلى سلسلة من الاستجابات التي تهدف إلى تبديد الحرارة.
الطريقة الأساسية التي يستخدمها الجسم للتبريد هي التعرق. يتبخر العرق من سطح الجلد، فيزيل الحرارة في هذه العملية. مع ذلك، في الظروف الرطبة، يكون تبخر العرق أقل كفاءة، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة الجسم.
لتسهيل التبريد، يضخ القلب المزيد من الدم إلى سطح الجلد، فيرفع معدل ضربات القلب ويقلل كمية الدم المتاحة للعضلات والأعضاء الحيوية. يمكن أن يؤدي إعادة التوزيع هذه إلى إجهاد الجهاز القلبي الوعائي، مما يجعل من الصعب الحفاظ على الأداء العالي الكثافة.
كما يتصاعد خطر الجفاف. يضعف الجفاف قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة ويقلل حجم الدم، مما يؤدي إلى انخفاض إنتاج العرق، وارتفاع درجة حرارة الجسم، وزيادة خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالحرارة. يحتوي العرق على إلكتروليتات أساسية مثل الصوديوم والبوتاسيوم، ويمكن أن يؤدي التعرق المفرط دون استبدال مناسب إلى اختلال التوازن، فيتسبب بتقلصات العضلات والضعف وإضعاف الأداء بشكل أكبر.
ويمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تقليل كفاءة توصيل الأوكسيجين إلى العضلات، حيث تتم إعادة توجيه تدفق الدم نحو الجلد للتبريد؛ هذا الانخفاض يعرض للخطر وظيفة العضلات وقدرتها على التحمل.
تعمل الحرارة على تسريع ظهور التعب؛ ومع بذل الجسم جهدا أكبر للتبريد، يزداد إنفاق الطاقة، مما يؤدي إلى استنفاد مخزون الجليكوجين بسرعة أكبر فيتسبب بالإرهاق المبكر. قد يشعر الرياضيون بالتعب بشكل أسرع مما قد يشعرون به في ظروف أكثر برودة، كما يؤدي التعرض الطويل للحرارة إلى انخفاض كبير في القدرة على التحمل.