"الساموراي السبعة" لا يزال متألقا في السبعين

كيف أثر الفيلم الكلاسيكي على السينما من بعده

Getty Images
Getty Images
ملصق صممه بيتر شتراوسفيلد لفيلم "الساموراي السبعة" للمخرج أكيرا كوروساوا عام 1954

"الساموراي السبعة" لا يزال متألقا في السبعين

عندما كنا طلابا جددا في كلية السينما بجامعة نيويورك، كنا نتبادل أنا وأصدقائي تحية غريبة، فحين يلتقي أحدنا بالآخر في الحرم الجامعي، كان يقول: "نحن نعيش على عصيدة الأرز!" فيما يرد الآخر: "سوف نكتفي بالدخن!".

استعرنا هذا الحوار من مشهد في فيلم "الساموراي السبعة" Seven Samurai(1954) للمخرج الياباني أكيرا كوروساوا، وهو فيلم فرض علينا إلى حد ما منذ اليوم الأول ليعلمنا مفاهيم حول لغة السينما، مثل اللقطة/اللقطة العكسية والجدار الرابع - وهي الاصطلاحات التي يفهمها طلاب اليوم بشكل حدسي، فهم يلعبون بأجهزة "آيفون" قبل أن يتمكنوا من المشي. على الرغم من تقديمه كواجب مدرسي، إلا أن حقيقة تحول "الساموراي السبعة" إلى نكتة داخلية بين الشباب الأذكياء الذين كانوا يبلغون في ذلك الوقت من العمر 18 عاما هو دليل على أن مشاهدة هذه التحفة الفنية العالمية ليست مجرد عمل روتيني. في الواقع، إعادة النظر في هذا الفيلم عن أخيار يواجهون معركة لا يمكن الفوز بها في ذكراه السبعين، والذي أعيد ترميمه وعرضه في دور السينما في أميركا الشمالية هذا الصيف، ذكرتني بأنه لا يزال ممتعا كما كان دائما.

نصب سينمائي

إذا كان يجب أن ننشئ نصبا تذكاريا - كجبل راشمور - لما يسمى بالأفلام الأجنبية المؤثرة من فترة منتصف القرن، فلا شك أن صورة توشيرو ميفوني في دور الساموراي المجنون كيكوتشيو من "الساموراي السبعة" ستكون من بين الوجوه الأربعة المنحوتة، بجانب شخصية الموت المقنعة من فيلم "الختم السابع" للمخرج إنغمار بيرغمان (1957)، ومارسيلو ماستروياني مع القبعة والسوط من فيلم "8½" للمخرج فيديريكو فيلليني (1963) الذي يحكي أسطورة فيديريكو فيلليني نفسه، والمراهق الهارب جان بيار لود في فيلم "400 ضربة" لفرنسوا تروفو (1959) (بالنسبة الى "الموجة الجديدة الفرنسية"، يمكن أيضا اختيار فيلم "لهاث" لجان-لوك غودار، لكنني أختار "400 ضربة" لأنه بهذه الطريقة جميعها تحتوي على أرقام في العنوان).

 لا شك أن الأجواء المضطربة التي صورها الفيلم كان لها صدى في اليابان الآخذة حينها في التطور السريع

على الرغم من أن كوروساوا كان معروفا دوليا بعد إصدار فيلم "راشومون" (1950)، الذي سرد حادثة عنيفة بطرق مختلفة بحسب وجهة نظر كل راو، إلا أن "الساموراي السبعة" حقق نجاحا محليا كبيرا، حيث روى قصة ملحمية جذابة تتضمن السيوف والرماية والخيول والوحول، مما جعله يجذب أنظار العالم بأسره.

مشهد من فيلم "الساموراي السبعة"

في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كانت السينما اليابانية متردّدة في البداية في التعمق في تراثها القصصي الخاص بموضوع الساموراي، حيث كانت فكرة الولاء الأعمى للأسياد الإقطاعيين غير شعبية في ذلك الوقت. ومع ذلك، يبقى أبرز فيلمين يابانيين قبل "الساموراي السبعة" وبعده، هما "قصة طوكيو" لياسوجيرو أوزو (1953)، الذي يعبر عن رحلة شعور بالذنب تجاه الحداثة وتخييب آمال كبار السن، و"غودزيلا" (1954) لإيشيرو هوندا، الذي يمثل كابوسا جماعيا للأمة تحوّل إلى خط إنتاج مزدهر حتى الآن.

الهوية اليابانية

تدور أحداث "الساموراي السبعة" في أواخر القرن السادس عشر، خلال فترة سينغوكو (المقاطعات المتحاربة) من الحرب الأهلية، وهي فترة فوضوية وجد فيها الكثير من الساموراي بلا أسياد. تحول العديد من هؤلاء الساموراي إلى مرتزقة، لكن الفيلم يروي قصة سبعة منهم قرروا الاتحاد ضد الصعاب المستحيلة لأن ذلك كان الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله. استعاد الفيلم البطولة اليابانية الكلاسيكية مع الاعتراف بالشعور السائد في ذلك الوقت، مما مكنه من الحفاظ على التوازن بين هذين الجانبين.

"الساموراي السبعة"، 1954

لا شك أن الأجواء المضطربة التي صورها الفيلم - الذي كان الأكثر تكلفة في تاريخ اليابان آنذاك - كان لها صدى في اليابان الآخذة حينها في التطور السريع، وكذلك موضوعه الثانوي الذي يطمح إلى طمس الخطوط الفاصلة لنظام الطبقات التقليدي. وقوع كاتسوشيرو (إيساو كيمورا) ذي الأصول الإقطاعية في حب ابنة المزارع شينو (كيكو تسوشيما) وسط حقول الأقحوان اللامتناهية، وكيكوشيو (توشيرو ميفوني) الذي تكشّف احتياله على طبقة الساموراي ولكنه يثبت نفسه في القتال، قد تبدو أمورا تقليدية في الأفلام، ولكن بالنسبة إلى شعب اليابان بعد الحرب في بحثه عن هوية جديدة، كانت لهذه التجاوزات صدى على مستوى أعمق بكثير.

يتميز "الساموراي السبعة" بقصة بسيطة للغاية تتناسب تماما مع مشاهد الحركة والإثارة العالية الطاقة المتعددة فيه. الملحمة التي تستغرق 207 دقائق (أي نحو 29 دقيقة لكل ساموراي) تدور أحداثها في وقت يتعرض فيه الريف للإرهاب على أيدي قطاع الطرق الذين ينهبون القرى الصغيرة، يستنزفون محاصيلها ويخطفون نساءها. يدرك القرويون، الذين تعرضوا بالفعل للعنف، أنهم مستهدفون مرة أخرى، فيقررون الدفاع عن أنفسهم باستئجار من يحميهم من خارج المنطقة. وقد تتساءل كيف يمكنهم تحمل تكاليف الدفع (انظر أعلاه: "نعيش على العصيدة!")؟ الإجابة لدى الرجل الحكيم الذي يعيش داخل طاحون مائي يدور بشكل مستمر مثل قرع الحرب: لا تبحث فقط عن الساموراي، "ابحث عن ساموراي جائع".

اقتباسات

يتوجه ممثلو القرية الخجلون إلى المدينة ويشهدون شجاعة وتفكير كامبي الإبداعي (تاكاشي شيمورا). يقنعونه بقبول المهمة، فيجمع فريقه. الفريق يشمل كيوزو (سيجي مياجوتشي)، الساموراي البارد كالثلج؛ غوروبي (يوشيو إينابا)، التكتيكي العبقري؛ والمتدرب المتحمس ذا الملعقة الفضية كاتسوشيرو؛ وكما قلنا، كيكوتشيو الفوضوي، الذي يتضح في النهاية أنه نجم العرض الحقيقي (هناك رجلان آخران: أحدهما يعمل كضابط أخلاقي، والآخر هو مجرد صديق لكامبي).

أفلام كثيرة، من "الدزينة القذرة" و"الإخوة بلوز" إلى "الرجال الحقيقيون" و"أوشن 11" تدين بالكثير لفيلم "الساموراي السبعة"

إذا بدت الحبكة مألوفة، فهذا لأن الفيلم اقتُبس للسينما الغربية عدة مرات، أبرزها فيلم "العظماء السبعة" (في عامي 1960 و2016)، وفيلم الخيال العلمي الرومانسي "حرب وراء النجوم" (1980)، وإذا أردت التوسع في الأمر، الفيلم الكوميدي"الأصدقاء الثلاثة" (1986) وفيلم الرسوم المتحركة من إنتاج "بيكسار"، "حياة حشرة" (1998). علاوة على ذلك، فإن العديد من المجازات السينمائية القياسية لها جذورها في هذا الفيلم.

الأكثر وضوحا هو الفصل الأول من الفيلم، عندما يبني كامبي فريقه. لا داعي للإفراط في التفكير؛ إن مجرد مشاهدة كيف يقيّم زملاءه المحتملين، ويختبرهم، ثم يتقدم اليهم بطلبه، هو متعة خالصة. هناك أيضا لحظة رائعة نعتقد فيها أننا حصلنا على بطل إضافي للمجموعة، ولكن الساموراي المقصود يتراجع عندما يعلم أنه لا يوجد مال أو شهرة في المهمة. إذا قامت "ديزني" يوما ما بشراء استوديوهات "توهو"، فيمكننا أن نتوقع ربما سلسلة قصيرة محدودة الحلقات على الإنترنت لمعرفة ما حدث لذلك الرجل. على أي حال، الكثير من الأفلام، من "الدزينة القذرة" و"الإخوة بلوز" إلى "الرجال الحقيقيون" و "أوشن 11" و "مدرسة الروك"، تدين بالكثير لفيلم "الساموراي السبعة".

font change

مقالات ذات صلة