لا يُعتبر تيم وولز، حاكم ولاية مينيسوتا في الغرب الأوسط الأميركي، سياسيا ديمقراطيا مشهورا أو مثيرا للاهتمام على المستوى الوطني الأميركي، قبل أن يصف دونالد ترمب ونائبه جي دي فانس، في سياقات وأوقات مختلفة، بأنهما أناس "غريبو الأطوار". كان هذا الوصف، الذي انتشر سريعا بين الناس، بسيطا ومباشرا ومؤثرا في تأطير ترمب كشخص وبرنامجه السياسي، بوصفه بعيدا عن القيم الأميركية، ومنقطعا عن الواقع.
زاد هذا التأطير الذي أثار أيضا اهتمام هاريس من حظوظ وولز في أن يصبح نائبها الانتخابي. وفي أول ظهور له معها في فيلادلفيا، بولاية بنسلفانيا، بعد اختيارها له، استخدم وولز الوصف نفسه وسط حماسة الجمهور لهذا الوصف الذي أصبح ماركة الرجل الخطابية: "لا أعرف ما الذي حصل للجمهوريين الذين عرفناهم. أصبحوا غريبي الأطوار. والآن حظنا أن يكون لدينا دونالد ترمب وجي دي فانس. هذا ببساطة أمرٌ مثير للاستغراب".
بالإضافة إلى قدراته الخطابية الجيدة التي تتمحور حول مهارة مخاطبة الناس العاديين في المدن الصغيرة، وهو الجمهور الأساسي الذي يستهدفه ترمب ويؤيده معظمه، فإن وولز لديه مزايا أخرى يمكن أن تصبح مفيدة في هذا الموسم الانتخابي، بينها قيامه بمهن ومهام تحظى باحترام شعبي عام: عسكري (في الحرس الوطني) ومُدرّس ثانوية (مادة الجغرافيا)، ومدرب متطوع لفريق كرة القدم في الثانوية. بخلاف مهنة المحاماة التي كثيرا ما يأتي منها المرشحون الرئاسيون الأميركيون، بينهم هاريس نفسها، وينظر لها شعبيا بشيء من الارتياب بوصفها نخبوية وتخدم مصالح الأقوياء والأغنياء وليس مصالح الناس العاديين.
تمنح هذه المهن والمهام وولز مسحة السياسي ذي الخلفية العادية كبقية المواطنين ما يعني المزيد من المصداقية الإنسانية والانتخابية.
المواطن وولز
أول دخول وولز عالم السياسة ارتبط بالعمل في حملة انتخابية لمرشح ديمقراطي رئاسي، عندما تطوع في 2004 في حملة جون كيري ضد منافسه الجمهوري جورج بوش. عينته الحملة كمنسق لأنشطتها في مقاطعته بولاية مينيسوتا. أَثرت فيه هذه التجربة كثيرا. بعدها بعامين، قرر أن يترشح هو نفسه في مجلس النواب عن المنطقة الانتخابية الأولى في جنوب الولاية، وهي منطقة انتخابية معظمها أحياء ريفية، وهي الخلفية التي نشأ فيها وولز كطفل لأبوين من أصول ألمانية وسويدية بإيمان كاثوليكي غادره وولز نحو البروتستانتية، في الكنيسة اللوثرية.
حقق وولز فوزا مفاجئا ضد خصمه الجمهوري في الانتخابات. وكرر فوزه خمس مرات على مدى عشر سنوات مقبلة. وفي عام 2018، قرر الترشح للفوز بمنصب حاكم مينيسوتا، ضد منافسه الجمهوري جيف جونسون. تجدد فوزه في انتخابات 2022 ليحتفظ بمنصبه حاكما لـ"الولاية الزرقاء"، التسمية التي تُعرف بها مينيسوتا بسبب تصويتها شبه الدائم للحزب الديمقراطي وتوجهاتها التقدمية. أثناء فترته الأولى في المنصب، أصبحت ولايته محط اهتمام البلد ومصدر قلقه، عندما قتل شرطي أبيض (ديريك شوفن)، رجلا أسود غير مسلح (جورج فلويد)، في أثناء محاولته تثبيت الأخير على الأرض بغية اعتقاله، رافضا الاستماع لاستغاثاته المطالبة بالهواء كي يتنفس.
أشعلَ هذا الحادث موجة احتجاجات في الولاية والبلد ضد قسوة الشرطة "البيضاء" بحق السود. حصل وولز على كثير من الإطراء، وبعض الانتقاد، على تعاطيه مع الأزمة: نَشَر الحرس الوطني لإيقاف عمليات النهب والفوضى التي ضربت الولاية الغاضبة في سياق الاحتجاجات على الحادث، ودَعَم القضية التي رفعتها الولاية ضد الشرطي المتهم بالقتل وصولا إلى الحصول على حكم نادر بالسجن ضده لمدة 22 عاما، وأدخلَ إصلاحات في قطاع الشرطة.