إيران... دعوات إلى الحذر من توسيع الانتقام لهنية

فشل في الحفاظ على قدرة الردع التي انتهت بعد عملية الاغتيال في طهران

أ ف ب
أ ف ب
إيرانيون يرفعون علما فلسطينيا وصورة هنية في مظاهرة في طهران في 31 يوليو

إيران... دعوات إلى الحذر من توسيع الانتقام لهنية

لندن- احتلت عملية الاغتيال التي استهدفت رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران نهاية يوليو/تموز الماضي، جل اهتمام الصحافة الإيرانية، خاصة الرد المتوقع ضد إسرائيل على تلك العملية من قبل إيران.

وفي هذا الشأن، دعا محمد صفري في مقال بصحيفة "سياست روز" إلى اتخاذ "قرار أكثر حزما في مواجهة إسرائيل"، واعتبر أن الرد المتوقع على عملية الاغتيال يجب أن يكون "أكثر حزما وأكثر ردعا وأكثر تدميرا" من الردود الإيرانية السابقة. وأضاف أن "كل محور المقاومة في لبنان والعراق وسوريا واليمن... يجب أن يشارك في المستويات المختلفة من هذا الرد". ورأى أن إسرائيل "ستواجه صعوبة بالغة وارتباكا في التصدي لمثل هذا الرد الشامل ومتعدد الجبهات الذي تشارك فيه أيضا فصائل المقاومة الفلسطينية". واستبعدت "سياست روز" دخول الولايات المتحدة في "مثل هذه الحرب لأنها ستكلف أميركا ثمنا باهظا وذلك بسبب دائرتها الواسعة والقوات والتجهيزات العسكرية المشاركة فيها".

وتناولت صحيفة "هم ميهن" في تقرير لها أبعاد الرد الإيراني على اغتيال هنية، جاء فيه أن اغتيال هنية في طهران انتهاك صارخ للسيادة الإيرانية، لكن "التيار المتشدد (في إيران) يقرع طبول الحرب بقوة ويطالب برد إيراني متزامن يستهدف المصالح الأميركية أيضا". وأضافت "هم ميهن" أن رئيس تحرير صحيفة "كيهان" (المتشددة)، حسين شريعتمداري، كان أول شخص يقترح سيناريو الهجوم الإيراني على القاعدة البحرية الأميركية في البحرين ومصالح أميركية في دول خليجية، ثم التحق خطيب جمعة مدينة مشهد أيضا بشريعتمداري مطالبا باستهداف القاعدة الأميركية في البحرين".

وتابعت "هم ميهن": "يعتبر التيار المتشدد أن استهداف إيران لقاعدة عين الأسد في 2020 للرد على اغتيال الجنرال سليماني، وعمليات (الوعد الصادق) للرد على الاستهداف الإسرائيلي لقنصلية إيران في دمشق ومقتل أحد القيادات العليا لـ(فيلق القدس) محمد رضا زاهدي، لم يكن على المستوى المطلوب، لأن الهجوم على عين الأسد لم يخلف أية خسائر بشرية في صفوف الأميركيين كما أن عمليات (الوعد الصادق) في الأراضي الإسرائيلية لم تؤد إلى خسائر بشرية في صفوف الإسرائيليين، وكانت بمثابة رسالة تفيد بأن إيران تملك القدرة والإرادة على توجيه ضربات أكبر". وأضافت الصحيفة أن "إيران لم تنجح في الحفاظ على قدرة الردع التي انتهت بعد اغتيال هنية في طهران".

رئيس تحرير صحيفة "كيهان" (المتشددة) كان أول شخص يقترح سناريو الهجوم الإيراني على القاعدة البحرية الأميركية في البحرين 

وأعرب عبد الرضا فرجي راد، الدبلوماسي السابق وأستاذ العلوم الجيوسياسية، في حوار مع "هم ميهن" عن اعتقاده بأن "اغتيال هنية في طهران أدى إلى انهيار معادلة الردع التي كانت قائمة بين إيران وإسرائيل. وإذا لم ترد إيران على إسرائيل فإن هذه الحكومة المتطرفة في إسرائيل ستقوم بعمليات أكثر تستهدف كل المنطقة وليس فقط إيران. وبالتالي فإن إيران عليها أن ترد على عملية اغتيال ضيفها. وأن عنصر المفاجأة سيكون مهما في الرد الإيراني غير أن إيران يجب أن تعتمد أيضا الدبلوماسية الفاعلة إلى جانب العمل العسكري الذي سيكون مدروسا. وبعبارة أخرى فإن الانتقام الإيراني لن يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة".

وقال جعفر قناد باشي، الدبلوماسي السابق ومحلل شؤون الشرق الأوسط، في حواره مع "هم ميهن" إن "الرد الإيراني يجب أن يكون قويا، لأن (إسرائيل) انتهكت السيادة الوطنية والكرة الآن في ملعبنا. لقد تم اغتيال ضيف النظام الإيراني مما يستوجب ردا أكثر حزما". وأضاف: "يمكن لإيران أن توجه ضربة قاسية لإسرائيل خاصة في الظروف الراهنة التي يشهد فيها العالم امتعاضا كبيرا منها. صحيح أن بضع مئات من أعضاء الكونغرس الأميركي صفقوا لـ(رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو بعد خطابه غير أن نسبة كبيرة من البشر تقدر بعدة مليارات من المسلمين وغير المسلمين سيدعمون إيران في حال توجيه ضربة عسكرية لإسرائيل".

زوما برس
المرشد الإيراني علي خامنئي وإسماعيل هنية في طهران في 31 يوليو

وقال مهدي مطهر نيا، محلل الشؤون الخارجية في حوار مع وكالة "إيلنا" العمالية للأنباء: "قدرة الجهاز الدبلوماسي الإيراني على الصعيد الدولي لممارسة الضغط على إسرائيل محدودة ولا يمكن التعويل عليها". وأضاف: "تملك الولايات المتحدة القدرة على ردع نتنياهو ولكنها لا تريد إيقافه وهو الذي يمثل اللوبي الإسرائيلي فائق الثراء وصاحب النفوذ في أميركا... إذا امتلكت إيران جهازا دبلوماسيا مقتدرا فإنها تستطيع استغلال موقعها الجيوستراتيجي على الصعيد الدولي والإقليمي... من جهة أخرى فإن عدم الرد الحازم والموجع ضد إسرائيل التي اغتالت شخصيات نووية إيرانية وسرقت وثائق سرية وقامت باغتيال أحد أبرز الضيوف المشاركين في حفل تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان في إيران يؤدي إلى خسارة اقتدارها بشكل كبير جدا في الحرب. وتعتمد إسرائيل سيناريو (حضن الموت) مع إيران وهذا يعني ممارسة الضغوط على النظام الإيراني من كل الجهات وعلى كافة المستويات بهدف انهيار النظام من الداخل".
ونشرت صحيفة "كيهان" مقالا بعنوان "استشهاد هنية وآفاق إزالة إسرائيل من الوجود" بقلم محمد حسين محترم. وبدأ الكاتب بسؤال هو: "هل نحن على أعتاب حرب إقليمية؟ إن كل الشواهد خاصة بعد اغتيال إسماعيل هنية تشير إلى هذا الاحتمال بدءا من تصريحات زعيم (أنصار الله) في اليمن بأن بدء الحرب الإقليمية والمباشرة بين اليمن وإسرائيل أصبح أمرا لا مفر منه وصولا إلى تصريحات قادة (حماس) ردا على اغتيال هنية بأنهم في قلب حرب مفتوحة لتحرير القدس".
وأضافت "كيهان": "إن إسرائيل في حالة ارتباك تام غير أنها والولايات المتحدة غير مستعدتين على الصعيدين الدولي والداخلي للدخول في حرب إقليمية لأنهما في حالة عزلة عالمية وأن أميركا على أعتاب الانتخابات والمشاعر المناهضة لإسرائيل تسود الشباب وطلاب الجامعات الأميركية كما أنها متورطة في أوكرانيا. ولا تريد الولايات المتحدة التورط في مستنقع آخر يشبه الحرب في فيتنام وأفغانستان. وقد حاول نتنياهو جاهدا إفشال المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار بعد اغتيال هنية. ولم تستخدم جبهة المقاومة كافة تجهيزاتها العسكرية التي أعدتها للحرب المحتملة كما أن هناك خلايا ومراكز سرية للمقاومة لم يتم الكشف عنها حتى الآن".
وتابع الكاتب: "إن نتنياهو يتحرك عبثا لإنقاذ نفسه، غير أن التطورات الميدانية تشير إلى أن جبهة المقاومة تخطط لحدث أكبر من (طوفان الأقصى) وهو إزالة المشروع الإسرائيلي في الحرب القادمة سواء كانت إقليمية أم محدودة".
إلى ذلك، رأى صادق ملكي في مقال بعنوان "الانتقام عاجلا أم آجلا" في موقع "دبلوماسي إيراني": "لا ينبغي أن يكون مصير الإيرانيين وإيران مرهونا بعمل عسكري متهور وغير مدروس يحمل تبعات لا يمكن التعويض عنها وذلك ردا على اغتيال إسماعيل هنية. ينبغي تبني سياسة "لا للمساومة ولا للحرب" في هذه الظروف الخطيرة ونهج معتدل ينتهي بنا إلى تجاوز هذه الأزمة بأقل خسائر ممكنة". 

قدرة الجهاز الدبلوماسي الإيراني على الصعيد الدولي لممارسة الضغط على إسرائيل محدودة ولا يمكن التعويل عليها

وتابع: "كان بالإمكان منع وقوع الضربات العسكرية المتزامنة في بيروت وبغداد وطهران بيقظة. وقد يكون الرد الانتقامي هو ما تبحث عنه إسرائيل للخروج من مأزق غزة وبالتالي قد يكون الرد الانتقامي فخا نصبته إسرائيل. لا ينبغي أن ندخل في لعبة يتمناها العدو".
وأضاف: "ينبغي أن نبدأ من أنفسنا قبل التفكير بالرد، أي معرفة كيف حدث الاختراق الأمني في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعمل على تطهيرها وإعادة تعريفها".
وقال "دبلوماسي إيراني": "تمكنت إسرائيل من خلال عملائها من اغتيال هنية وتجاوز كل الخطوط الحمراء الإيرانية وبالتالي يجب علينا أن نعمل على سد الفجوات الأمنية والاستخباراتية التي سهلت عملية الاختراق وربما نكون بذلك قد انتقمنا لاغتيال هنية".

font change

مقالات ذات صلة