في 5 أغسطس/آب حطت الشيخة حسينة بعد ساعات من إعلان الجيش استقالتها من منصبها كرئيسة وزراء لبنغلاديش، في قاعدة للقوات الجوية الهندية بالقرب من نيودلهي. فإلى أي مكان آخر يمكنها أن تذهب بعد أن أيَّد رئيس أركان الجيش الفريق أول وقر الزمان الاحتججات العارمة المناوئة لحكمها؟
لا بد أن الهند كانت خيارا طبيعيا بوصفها ملاذا آمنا أو ممرا آمنا لزعيمة كبرت في السن وهي تعمل على تنمية العلاقات مع الهند. والتقت الزعيمة المخلوعة، مستشار الأمن القومي الهندي، أجيت دوفال، المسؤول الرئيس في حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وكبار المسؤولين العسكريين في قاعدة هندون العسكرية، في ضوء تطورات درامتيكية سريعة، التي أسفرت أيضا عن إطلاق سراح رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء، والمواطنين الذين اعتقلوا خلال المظاهرات، وعودة الخبير الاقتصادي البروفيسور محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2006، إلى البلاد، والذي عُين رئيسا لحكومة مؤقتة.
وفي كلمة أمام البرلمان، علَّق وزير الخارجية الهندية سوبراهمانيام جايشانكار عن الاضطرابات، مؤكدا أن الشيخة حسينة طلبت الموافقة على قدومها إلى الهند في الوقت الحالي "بعد اجتماعها مع قادة المؤسسة الأمنية". وأضاف: "تلقينا في الوقت نفسه طلبا من السلطات البنغالية للحصول على تصريح بالطيران إلى الهند. وقد وصلت مساء أمس (5 أغسطس) إلى دلهي".
وأضاف أن "العلاقات الهندية البنغالية كانت وثيقة طيلة عقود عديدة وعلى مدى الكثير من الحكومات المتعاقبة". كما تُظهر كلمة الوزير أيضا أن الهند كانت على علم منذ أشهر بأن حسينة في ورطة، لكن ربما فات حكومة مودي مدى الغضب الشعبي منها أو لعلها كانت متفائلة بأنها ستنتصر في النهاية. وقال جيشانكار: "منذ انتخابات يناير/كانون الثاني 2024، كانت هناك توترات كبيرة وانقسامات عميقة واستقطاب متزايد في السياسة البنغالية".
تطرح وسائل الإعلام الهندية في تغطيتها المكثفة لأحداث بنغلاديش، الكثير من الأسئلة وتقدم إجاباتها الخاصة عليها. وتوضح هذه الوسائل في تعليقاتها وعناوينها الإخبارية أن خروج حسينة، التي يلقبها أنصارها بـ "المرأة الحديدية"، له عواقب وخيمة على التقدم الذي حققته نيودلهي في بنغلاديش. ومن المرجح مع رحيل الزعيمة المفضلة لدى الهند، أن تتغير طبيعة علاقات بنغلاديش مع الدول الأخرى، بما فيها خصما الهند، باكستان والصين.
في إحدى المقالات الافتتاحية، ومع أنها أشادت بسياسات حسينة الاقتصادية، ولأنها "صديقة عظيمة للهند"، ذكرت هذه المقالة أن "حسينة زرعت بذور سقوطها" وحذرت من أن تحديات وتطورات ليست واضحة تنتظر الهند. وتتطلع بنغلاديش الآن إلى مستقبل دون زعيمة دمرت المعارضة السياسية بلا رحمة. ومع أن هذا الجزء سوّي الآن فإن وزير الخارجية الهندي يرى أن الوضع في بنغلاديش "لا يزال يتطور".