المخيمات الفلسطينية، التي تمتد على مساحة الخارطة اللبنانية من الشمال إلى الجنوب مرورا ببيروت والبقاع، لم تكن يوما مساحة آمنة لأبناء الشعب الفلسطيني الذي لجأ إلى لبنان بحثا عن أمن وأمان فقده في موطنه الأصلي. فلطالما شهدت المخيمات جولات من الحروب والصراعات مع محيطها اللبناني وبين أبنائها أنفسهم في فصول متتالية من النكبات كان آخرها اشتباكات مخيم عين الحلوة الصيف الماضي، والتي أسفرت عن عدد من القتلى والجرحى ونزوح جديد عاشه أبناء هذا المخيم، حتى أتت حرب غزة، ففرضت على المتحاربين إنهاء عبثهم بأمن ألوف القاطنين في بقعة ضيقة يطفو منها الحرمان والتهميش والفقر، ولكنهم يعيشون اليوم في ظل "قنبلة موقوتة" يمكن أن تنفجر في أي لحظة بحسب توصيف أحد أبناء المخيم لـ"المجلة".
"عين الحلوة"... تهدئة فرضتها الحرب
قبل أسابيع من بداية حرب غزة، وتحديدا في نهاية يوليو/تموز عام 2023 اندلعت اشتباكات دامية في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوبي لبنان، بين "الأمن الوطني"، ومجموعات من المتطرفين الإسلاميين المدعومين من "حماس" و"حزب الله"، على خلفية اغتيال القيادي في "الأمن الوطني" أبو أشرف العرموشي، فعاش أبناء المخيم جولة جديدة من العنف والتهجير.
تحولت شوارع المخيم إلى ساحة حرب أسفرت عن مقتل 29 شخصا، ونزوح نحو 60 في المئة من سكان المخيم، وبعد جولتين من القتال، والحديث عن إصرار المتطرفين على تفجير الوضع في عين الحلوة بهدف إضعاف نفوذ حركة "فتح"، وصلت حركتا "فتح" و"حماس"، في سبتمبر/أيلول الماضي إلى اتفاق حول ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في المخيم الأكبر في لبنان.
إلا أن التهدئة التي فرضتها الحرب على قطاع غزة، تم خرقها قبل أسابيع، إذ شهد مخيم عين الحلوة في يونيو/حزيران الماضي، استنفارا لقوات "الأمن الوطني" على أثر اغتيال أحد عناصرها من قبل أحد الإسلاميين المتشددين، بعدما كان قد تم اغتيال عنصر في حركة "فتح" في أبريل/نيسان الماضي، لتعود المخاوف من جديد من انفجار الوضع الأمني داخل المخيم خصوصا مع إصرار "فتح" على تسليم قتلة القيادي أبو أشرف العرموشي، والذي كان شرطا أساسيا لوقف إطلاق النار.
مصدر فلسطيني من أبناء مخيم عين الحلوة فضل عدم ذكر اسمه، أكد لـ"المجلة" أن "أبناء المخيم، يعيشون استقرارا حذرا، فلولا حرب غزة لما كنا شهدنا استمرار وقف إطلاق النار في المخيم، خصوصا أنه حتى الساعة لم يتم توقيف سوى 17 مطلوبا فيما المطلوبون المشاركون في عملية الاغتيال بشكل مباشر أو غير مباشر أو من المشاركين في الاشتباكات يصل إلى 86 شخصا".