في جامعة "سوكوين للزراعة" في تنزانيا، الواقعة على بعد نحو مئتي كيلومتر غرب مدينة دار السلام، يوجد نصب تذكاري صغير لماغاوا، الحائز على الميدالية الذهبية PDSA، المعروفة أيضا باسم "صليب جورج للحيوانات"، بسبب "تفانيه في أداء الواجب لإنقاذ الحياة". كان ماغاوا جرذا تستخدمه "جمعية أبوبو الخيرية لإزالة الألغام" في مقرها في تنزانيا، وكان مسؤولا عن شم وكشف أكثر من 100 لغم أرضي في كمبوديا. تعمل فرق الجرذان الأبطال "HeroRATs" التابعة لمنظمة "أبوبو" غير الحكومية حاليا على توسيع نطاق اختصاصها، حيث تكتشف حالات السلفي العينات المرسلة من جميع أنحاء تنزانيا إلى مختبرات "سوكوين". يبدو جليا أن ماغاوا وزملاءه من الجرذان الأفريقية العملاقة قد أربكت نفور البشرية من القوارض. يستخدم الصحافي جو شوت قصة ماغاوا كي يبيّن أن الأشخاص الذين لا يريدون إلا القضاء على الجرذان قد أخطأوا في فهمها. ويأمل من خلال كتابه الجديد، "المتسلل: مآثر الجرذ السيئة السمعة" (الصادر عن دار "بلومزبيري")، في إعادة تعريف العلاقة بين الجرذان والناس عبر القارات والقرون.
يعزف كتاب "المتسلل" Stowaway على وتر السوق المتنامية للكتب التي تستخدم الحيوان كعدسة لاستكشاف "الأنثروبوسين" – وهي الفترة الأحدث من الزمن الجيولوجي، التي وصمها تأثير البشرية على المناخ وعلى النظم البيئية الطبيعية. يمكن لهذه الكتب، مثل كتاب "بيفرلاند" (أرض القندس) Beaverland الذي صدر أخيرا للكاتبة ليلى فيليب، أن يكون لها جوانب مشتركة مع الاتجاه السابق الذي كان سائدا في كتب تاريخ المنتجات(مثل كتاب مارك كورلانسكي "سمك القد: سيرة الأسماك التي غيرت العالم"). فالصيد الذي يمارسه البشر واصطياد الأسماك واستغلال الطبيعة سوف تؤثر على المكان الذي تعيش فيه الحيوانات وعلى أعدادها، لكن هذه الأنشطة البشرية تشكل أيضا ما يعنيه أن تكون إنسانا. يسلط كتابا "سمك القد" و"بيفرلاند" الضوء على فكرة أن الاستغلال الجائر لهذه المجموعات الحيوانية في الإنتاج الصناعي والمنافسة الدولية يعني أن كلا من صيد سمك القد ومحاصرة القندس آخذان في الانخفاض أيضا كصناعات يمكن للأشخاص ذوي المهارات والمعرفة المتخصصة العثور على عمل فيها، مما يؤدي إلى اختفاء أساليب حياة بأكملها أو الحاجة إلى حماية وتدخلات من هيئات حكومية.
فرضيّة صادمة
لكن كتاب "المسافر خلسة" مختلف، على الرغم من احتفاظه ببعض جوانب هذا النوع من الكتب، ومن بينها تلك النغمة الحزينة في بعض الأحيان وعين الصحافي الاستقصائي المتوقدة بحثا عن مفارقة آسرة. يبدأ المؤلف بتقديم فرضية استفزازية صادمة، ألا وهي أن كل شخص لديه حكاية جرذ. على عكس الحيوانات الأكثر غرابة التي شكّلها ولا يزال التاريخ البشري، يشير الكتاب إلى أن الجرذان موجودة في كل مكان (على الرغم من أنها ليست منتشرة بالقدر الذي نميل إلى التفكير فيه، كما يوضح الكتاب). يبدو أن جرذ النروج، أو الجرذ البني، ينوجد في أي مكان يميل البشر إلى الانوجاد فيه. وهذه ركيزة رئيسة في قصة الكتاب. في الواقع، يرى المؤلف أن البشر والجرذان متشابهون للغاية، وأننا ربما نكون "متكافلين" – حيث نجد الكثير من المؤشرات المنتشرة في جميع صفحات الكتاب على أن سلوك الجرذان الأسوأ هو مجرد مرآة للسلوك البشري الأسوأ. ولأننا نرى فيها انعكاسا لأنفسنا، فذلك ربما هو السبب الذي يجعلنا نجدها مقيتة للغاية. لكن الكاتب يرى أننا يجب أن نعيد توجيه نفورنا من الجرذان إلى الأنشطة البشرية التي تجعلها قادرة ومتمكنة.