من بين 130 لوحة تعود إلى سنوات القرن العشرين الأولى، ضمها معرض "التعبيرية" المقام في "تايت مودرن"، بلندن، هناك أكثر من عشرين لوحة هي من إبداع الفنان الروسي فاسيلي كاندينسكي (1866 ــ 1944). ذلك حدث غير مسبوق بالنسبة إليّ. فقد سبقت لي رؤية عدد من أعمال الفنان الذي رسم أول لوحة تجريدية خالصة في تاريخ الفن متناثرة بين المتاحف العالمية. غير أن تعاون إحدى الشركات الألمانية وهي المالكة لمعظم لوحات المعرض مع المتحف البريطاني، جعل رؤية هذه اللوحات مجتمعة في مكان واحد أمرا متاحا.
الحكاية التي اخترعها منسقو المعرض للتسلل إلى الاتجاه التعبيري، فيها قدر لافت من الذكاء، ذلك أنها انطلقت من اللحظة التي تجمع فيها عدد من الفنانات والفنانين حول فاسيلي كاندينسكي وغابرييلا مونتر في جماعة فنية حملت اسم "الفارس الأزرق". ذلك الاسم كان مستلهما من شغف كاندينسكي برسم الخيول وفرسانها واللون الأزرق الذي طغى على أعمال غابرييلا. ذلك ما يقوله بعض المؤرخين، غير أنني أميل إلى أن التسمية قد أستلهمت من لوحة لكاندينسكي وهي اللوحة التي عُرضت في واجهة المعرض وتمثل فارسا على خلفية زرقاء. تلك لوحة رُسمت قبل أن يبتكر الرسام الذي عُرف بأناقته أثناء الرسم مبدأ الارتجال في سياق نظريته "الروحاني في الفن".