"نور داخلي" لأسامة بعلبكي... المكان اللبناني مستعادا بنظرة عطف

يسير على خطى الرواد الانطباعيين

"نور داخلي" لأسامة بعلبكي... المكان اللبناني مستعادا بنظرة عطف

احتضنت "غاليري صالح بركات" في بيروت معرض "نور داخلي" للرسام أسامة بعلبكي في الفترة الواقعة بين 13 يونيو/ حزيران و20 يوليو/ تموز.

يعاين بعلبكي المكان اللبناني الجريح والمنكسر، الذي بات مغلفا بطبقات كثيفة من الفوضى والخراب تحجب نوره ولونه، ويسافر إلى الذاكرة الشخصية والعامة محاولا استنطاق لحظات متبدّدة، متسائلا عن نظرة الفنان وكيف يمكنها اختراق حدود الزمان، وطارحا سؤال الكارثة وإمكان تجاوزها بالحلم والفن، وجانحا إلى الانحياز الى القوة العاطفية للحنان التي تحتضن النهايات وتؤطرها في مفاهيم البلسمة والرقة.

يلعب بعلبكي على كل هذه الجدليات الشاقة بثقة العامل الماهر. تطغى شخصية العامل على منطق التنفيذ. الخبرة التي تتجلى في تقنية إنجاز الأعمال، استوطنت اليد عبر تراكم الجهد والممارسة، حتى باتت طبيعة أصلية تلاحق تكوين اللون والضوء وإيقاع الضربات على اللوحة، وفق بناء محكم يتجاور فيه الحدسي مع الواعي، والمحسوب مع الحلمي. يخرج العمل في صيغة رصد لممكنات المكان والزمان والذاكرة. فإذا كان ينطلق من مشهد لبناني حافل ببنى الأنوار والألوان البحرية، فإنه لا يلتقطه في لحظته بل يضيئه بأنوار الحنان الداخلي، فيمتلكه ويعيد إنتاجه.

التقنية والطقوس

يذهب الفنانون عموما إلى اصطناع أحوال طقسية للشروع في العمل، ويحيطون أنفسهم بهالات من الغرابة والخصوصية، تكاد تكون في الكثير من الأحيان معطلة للعمل ومخربة له. يدافع بعلبكي عن أولوية الجهد وقدرته على صقل التجربة وتطويرها، فالفنان قادر على تنفيذ ما يحدس به بالطريقة التي يريدها من دون أن يضحي بشيء منه.

لست كائنا طقوسيا، بل أُراكِم تقاليد بسيطة وأحيا في أجواء تسود فيها تفاصيل صغيرة أتفاهم معها

يشرح بعبلكي لـ"المجلة" علاقته بالطقوس: "أرسم في منزلي وهو عبارة عن إضاءة جميلة. فأنا أرسم منذ الصغر وفي ظروف مختلفة. لستُ متطلبا، يمكن أن أرسم وأنا جالس على كرسي أو على صخرة، لقد اكتسبت قوة التركيز فلم يعد شرط جودة المكان ضروريا للشروع في العمل".

يضيف: "لست كائنا طقوسيا، بل أُراكِم تقاليد بسيطة وأحيا في أجواء تسود فيها تفاصيل صغيرة وقليلة أتفاهم معها. فقد عدت حاليا إلى العيش وحيدا مع مكتبتي وحامل الألوان ونقاط الضوء والغبار، وأجد نفسي قادرا على العمل بجهد ضمن هذا الجو الذي أحفظه وأتناغم معه منذ سنوات طويلة".

يختلف عمل بعلبكي في هذا المعرض بشكل جلي عن أعماله السابقة، التي كانت حافلة بالإضاءة الخافتة والمشاهديات القاتمة ذات الطابع الاكتئابي، مما يعكس في تقنيته وأنماط تنفيذه قدرا كبيرا من الخوف والقلق والتردد.

معرض "نور داخلي" ينفتح على جديد، من ناحية التنفيذ والخيارات الفنية. يشرح مسار التجديد: "لجأت إلى الألوان القوية التي لا توحي بالتردد، وأعتقد أن ضربتي تحرّرت قليلا وتشي بقدر متزايد من الثقة، التي تحاول أن تستدعي متعة قصوى تختلف في ظروفها ومنطقها عن الآليات التي حكمت عملي في السنوات السابقة، التي كنت فيها غارقا في ثقل نفسي".

ينسجم العمل في هذا المعرض مع "فكرة الخروج من مرحلة التعريف بالنفس إلى أفق طرح مشروع متخلّص من إصرار سنوات ما بعد التخرج ومتطلّبات إثبات القدرة وانتزاع المكانة. تلك المرحلة كانت محاصرة بالقلق واللهاث والتوتر، في حين ينفتح هذا المعرض على آفاق أرحب وأهدأ، تسمح بقدر كبير من الانتقائية والتطوير".

 العمل الفني "محفور بالسليقة والجهد والثقة بمشاعري وخيالي الذي يتحرّك ويتحرّر. عملية الإنتاج باتت محكومة بنوع من الحدسية ورغبة في معاينة العالم الخارجي وتحليل المشهد اللبناني المحلي والتآلف البصري مع الشجر والغيم والضوء وتتبّع أصداء الأحاسيس التي يثيرها وخصوصية الألوان التي تنبثق منها والعواطف التي تفجّرها. اللوحة تصبح مع هذا الكم من الانفتاح على تلقي كل هذه المؤثرات، مطبوخة وجاهزة".

المشهد اللبناني

أقسى ما أصاب لبنان في السنوات الماضية، إضافة إلى تراكم الأزمات الاقتصادية والتفلت الأمني والدمار، كان الانكسار الذي طاول مشاهده وفكك جمالياته وضوءه فبدا مفتقدا الروح وطاردا للعين وغير صالح للتمثل الفني. يرصد الرسام المكان الممزّق والجريح بعين العطف ويعمل على ترميمه بالحنان والإصرار على اكتشاف ما ينطوي عليه من مقاومة شرسة لذبول روحه ومعناه. يلتقط ما تبقى فيه من أرماق الضوء واللون والحياة والبهجة ويهدي إليها ما تستحقه من تفسير فني يقرأها في احتمالاتها وممكناتها.

يقول بعلبكي: "ينبع مشروعي من عطف على المنظر اللبناني، فهذا البلد المتهالك المحكوم بلعنة الفوضى والتلوث، دفعني إلى ملاحقة تحولات المكان من شماله إلى جنوبه، وتغطيتها بنظرة الحنو التي تعاين ما تبقّى من نبض لوني وجمالي في الطبيعة بوصفه إشارة إلى التمسّك بالحياة التي يمكن العثور عليها في الشوارع والمسالك الريفية وكذلك في المدينة".

هذا البلد المتهالك المحكوم بلعنة الفوضى والتلوث دفعني إلى ملاحقة تحولات المكان وتغطيتها بنظرة الحنو

تولّد هذه التجربة ولاءات وانتماءات، "أنتمي إلى الضوء اللبناني الذي ينتمي بدوره إلى الحقل الضوئي المتوسطي وإلى جسد الطبيعة اللبنانية. اكتشفت عناصر جاذبية خاصة تصدر عن ذلك المنظر المحلي وقد وقع في أسرها رواد الرسم اللبناني مثل صليبا الدويهي وعمر أنسي وقيصر الجميل من أجيال الانطباعيين الذين كانوا يرسمون بأرواحهم. أنا أسير على خطاهم محاولا استعادة تقليد فني يعنى باستقبال المشاهد وعشقها بالعين ثم حفظها وإعادة توليدها من جديد، وتلك العين تتصف بالطفولية".

الطفولية ليست سوى اعتراض الفنان وطريقته الخاصة في الهرب من سطوة التقنية والعلمية "التي شرعت بالنمو منذ الثمانينات وأرهقتنا بفن التذاكي والقفشات الحافلة بالتسلط، الذي تغلب عليه روح صالونية تعكس روح التيار الرسمي".

من هنا، فإن العودة إلى الذات تمثّل طريقة المواجهة الأكثر نجاعة وفعالية، "حدة الاضطراب الذي أصابنا قبل أزمة كورونا وبعدها، دفعتني إلى الحرص على تجنب الغرق في ما يبثّه من خلل، وخصوصا أنه تزامن مع تحولات في حياتي الشخصية. قرّرت مواجهته بإحياء مراقبتي للعالم وإنقاذ نفسي، فالشحوب الذي كان يميز أعمالي سابقا كان يائسا وعدميا. أعمالي الجديدة تلتقط الشحوب لكنها تضعه في إطار رغبة في إعادة الحيوية إلى العالم وإحياء أساطير الحياة اليومية وتاريخ الفن والشعر والطبيعة. إنها نوع من رومنطيقية خاصة تعود إلى ذاتية تحاول كسر اختناق الوجود الذي نحيا فيه".

أسامة بعلبكي

في لوحة بعنوان "إلى أين"، تظهر سفينة بعيدة وشخص في قارب ينظر في هاتفه المحمول، وخلفه ينام شخص آخر، وتتراءى من بعيد أضواء المدينة. والمشهد كله مسيّج بالبحر الذي يتسيّد اللوحة، حيث يبدو كل شيء آخر تفصيلا صغيرا.

قد يبدو المشهد عينيا ومباشرا، لكن الألعاب التي تدخل في تركيبه تشحنه بدلالات الذاكرة. الشخص لا يصطاد ولا يتنزه، بل ينظر في هاتفه فيصبح غائبا عن المشهد، في حين تتقدّم سفينة من بعيد لتؤدّي معنى الرحلة. في اللحظة التي ينظر فيها المرء إلى الهاتف وهو في وسط البحر، فإن الطبيعة تتلاشى وكذلك احتمالات الرحلة التي تشير إليها السفينة، وكذلك المدينة التي تلوح أنوارها من بعيد. الطبيعة التي أصرّ بعلبكي على جعلها تتسيّد المشهد، تحمل الذاكرة المهدّدة بالتلاشي وتمدّدها عبر الإحياء والاستعادة. وربما يوحي العنوان الذي يشير إلى ضياع الطريق بتبدّد العلاقة مع الطبيعة وتحويلها إلى ذاكرة ضائعة تقع على الفن مهمة استعادتها.

الذاكرة في أعمال المعرض توليدية واستعادية، تعبّر كذلك عن موقف، كما تنتج مسارب هروب وتبني معالم زيارات إلى الغابر والمفقود والحميمي والخاص. هذه الذاكرة تنشأ من شكل العلاقة المقترحة معها، التي لا تجعلها تذكرا فقط بل توليدا للذكريات مقرونة بانفعالاتها وتمثلاتها، أي بتأويلها الفني.

يقود التأمل المباشر في لوحات المعرض، للوهلة الأولى، إلى تلقيها كمشاهد ملتقطة بالمعاينة المباشرة، ولا تنطوي في عمقها سوى على مزاج لوني وجمالي وحساسية التقاط مشهد حي. هذا الانطباع الأوّلي ليس سوى المرحلة البدائية لتلقي الأعمال.

 يحرص الفنان على أن تبدو الأمور على هذا المنوال، استراتيجية خاصة في المناورة والخداع، لأن الحساسية العامة التي تشمل كل أعمال المعرض تحولها إلى أعمال ذاكرة معاد تخليقها فنيا.

  أستعيد لحظات النهايات المأسوية كتتويج للحاجة إلى الحنان

يقول بعلبكي: "أنتقل من اللحظة المباشرة إلى أعمال الذاكرة بشكل يشبه ما يقال عن اللحظة المستعادة، فتنبثق فجأة في ذاكرة المرء مشاهد غابرة آتية من فترة زمنية متوسطة القدم أو من مراحل الطفولة البعيدة. تحضرني تلك الحالة حين أرسم المشهد الجنوبي حيث تنفجر حواس الطفولة لتصنع مجالا يتيح لي رسم السهل والدرب بطريقة خاصة، قد تكون في الحقيقة مسار هروب من ضغط الزمن القائم. لا أنوي الاستسلام لثقل هذه الضغوط التي تحاول أن تفرض نفسها على الجميع، أراوغها وأتحايل عليها بتقنية الاستعادة الواسعة التي تأخذني في رحلات إلى تاريخ الفن أو إلى طفولتي الخاصة، فلا أبقى سجينا لخواء العصر وتفاهته".

زيارات

وفي ذلك الانتقال، تكتمل خريطة الزيارات، "فبالفن أزور عائلتي ونفسي، وأستعيد تقنيات الفرار التي كنت أمارسها فعلا، علاقتي مع الكتب مثلا كانت هروبيّة إذا صح التعبير، فقد كنت أقرأ لأتهرّب من ثقل الواجبات المدرسية، فكانت تستهويني الرسومات والصور المرفقة بها، وخصوصا صور الأدباء والفلاسفة الذين أحبهم، فصرت أشعر بنوع من القرابة العائلية والشخصية معهم".

تلك العلاقة الدفينة، كوّنت قرارات فنية: "اللوحة التي تصور نيتشه مبنية على صورة التقطت له في لحظة مرضه الأخير، وتظهر أخته وهي تحتضنه، وقد بدا فيها متخلصا من كل رغبة في التفكير والتفلسف، فعاد إلى وضعية الطفل المتطلب للعناية. لوحتي تحاول تمجيد البراءة والحنان وفقدان السيطرة. وفي قصص الأدباء الذين أحبهم، أستعيد لحظات النهايات المأسوية كتتويج للحاجة إلى الحنان، كما في قصة الشاعر الفرنسي رمبو العائد من مغامرته الأفريقية مريضا ومهزوما، فالعذابات التي أصابته في نهاية حياته كانت عودة إلى أصفى حالاته".

وفي المحصلة، فإن "أي عمل من إنتاج فنان صميم مثل فان غوغ كانت حياته مسار عمل متواصل يخلق إحساسا بحضوره الروحي وقوة التأثير، فلوحاته عموما وتلك التي يصور فيها نفسه خصوصا ما زالت تتفرّس بالبشرية إلى الآن، وكأنها مشحونة بنظرة فوسفورية تخترق الزمن وتحلّ في الحاضر، فالفن ينظر إلى البشرية التي تنظر إليه".

يؤمن بعلبكي بأن سطح اللوحة المؤلفة من قماش ولون "تحمل بقايا من عيون روح الفنان. أحب الغرق في مثل هذه المثالية الخيالية التي تحمل شعائرية تمتّ بصلة قرابة ما إلى الكاثوليكية، لناحية أن الجامد والطقسي ينطويان على معالم حياة حقيقية".

زيارة الأم

تكشف لوحة "العائلة" عن نزوع الى تأريخ أثر وملامح زمن كامل بكل تفاصيله، يسبق الولادة، وكأنها رحلة تروي الأصل والمنشأ والهوية. يعرض بعلبكي ظروف وعناوين اللوحة العائلية: "رسمت المشهد العائلي الذي يعود إلى عام 1977، حيث كانت عائلتي من ستة أشخاص ولم أكن قد ولدت بعد، وهي تعود إلى منزلنا في منطقة الشياح، حيث الأباجور الأخضر والإضاءة المصفرة، وحيث كانت العلاقة بالصورة الفوتوغرافية لذلك الزمن تتسم بسطوة الألوان الدافئة والمطبوخة بشبح الألوان الترابية. كان هناك نوع من بخار خاص، هو بخار نيغاتيف الصورة ومادتها مثل صور كوداك، مما يضع الصور في إطار شبحي يميز صور الثمانينات".

يضيف: "رسمت عائلتي وكأن اللوحة كانت نتاج تحليق سينمائي للعين في ذاكرة تلك المرحلة، فقد كنت أريد أن ألتقط سرابا واسعا يضم صورة أمي ولوحة أبي التي كانت قيد الإنجاز، والتي كان فيها تجسيد لبومة، وعائلتي التي كانت تتموضع من أجل الصورة، كأنها تخضع لأمر أبويّ بالاصطفاف. أطياف كثيرة تحضر لتحيي لحظة تشتبك في تكوينها عناصر كثيرة، مظللة بشؤم الحرب والخراب، ولكن المركزية فيها تتجلى في الرغبة الدفينة في زيارة أمي في زمنها".

عكس الواقع

في لوحة "المرفأ"، تتراءى علامة التشغيل في وسطها، كأنها تبث طموحا حلميا بإمكان عكس الواقع وتجاوزه، والعودة إلى ما قبل الكارثة أو السفر إلى ما بعدها. ينتبه أسامة بعلبكي في اللوحة التي تحمل عنوان "الوقت لا ينقضي" إلى ممارسات تطويل لحظة الفاجعة، وتركها تحتل الزمن والذاكرة، وتقيّد حضور الناس بحدودها القاسية، كأنهم صاروا مشدودين إليها وإلى معناها.

يحاول تفكيك واقع انفجار المرفأ بالحلمي المنطوي على إمكان سياسي وواقعي. لا يدخل في الإنكار بل يبحث عن مجال للعبور، ويجده في الفن الذي، إذ ينشئ حالة رمزية عبر علامة "اللعب"، يتساءل ويحلم ويدين.

يقول: "العمل الخاص بمرفأ بيروت يطرح سؤالا حول ماذا لو كان تغيير ما حصل ممكنا؟ إشارة الانطلاق تحتمل التقديم والتأخير، فنحن نعلم أن زمننا السياسي والحدثي قد أفلت منا نتيجة مصادفات أو شؤم مقيم لا يعبر ولا ينتهي، وبات يفيض على كل المستويات ويخلق قلقا داخليا تنتج منه رغبة طفولية في رسم صورة تحمل إمكان عكس المشهد، وهي رغبة تصطدم باللا معقول وتكاد تكون أقرب إلى حلم يعادي كل هذا الشقاء المتراكم".

بات هناك ما يمكن تسميته بلاهوت للعمل المقبول وغير المقبول وكهنة ومنظرين

"لقد عشنا زمنا في التسعينات كانت تنتاوب فيه موجات ازدهار وشقاء، لكن هذا التناوب توقف وبدت الأمور متجمدة في وضعية البؤس. من هنا فإن الفن بما يملكه من إمكانات عجيبة هو وحده يستطيع تحويل الإحساس بنفاد الوقت والخسارة إلى عمل فني".

يختم بعلبكي اللقاء المكثف بالحديث عما يسميه "لاهوت الفن" الشائع والمقبول، داعيا إلى إعادة الفن إلى أصله: "في المجتمع بات هناك ما يمكن تسميته بلاهوت للعمل المقبول وغير المقبول وكهنة ومنظرين. محاولتي تهدف إلى إعادة الرسم إلى الارتباط بالحياة كما تتجلى في أعمال فان غوغ وغوغان أو الانطباعيين، التي كانت سعادتهم القصوى تكمن في التقاط لحظات هاربة من ضوء أو من سطوع لوني للأشياء، أي ببساطة إعادة الرسم إلى أصله كتجربة حية وممتعة".

font change

مقالات ذات صلة