شكّل اعتراف الحكومة الفرنسية بالمخطط المغربي للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية، شكّل انزلاقا جديدا نحو أزمة دبلوماسية جديدة لا تشير من قريب أو من بعيد إلى انفراجات وشيكة في الأفق.
وتجلت أولى الهزات الارتدادية للقرار بسحب السفير الجزائري من باريس وإسناد مسؤولية التمثيل الدبلوماسي الجزائري في فرنسا من الآن فصاعدا إلى قائم بالأعمال، وهو ما يعني من الناحية الإجرائية أن القائم بالأعمال هو من سيتولى التمثيل الدبلوماسي وهي رتبة أقل من سفير وصيغة مختلفة كليا عن الصيغ الدبلوماسية المعتمدة سابقا والتي عادة ما تتمحور حول سحب السفير للتشاور بشأن القضايا موضع الخلاف أو الاحتجاج.
شكل جديد من أشكال الاحتجاج
ويعني هذا الشكل من أشكال الاحتجاج في الأعراف والتقاليد الدبلوماسية، حسب الكاتب والباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية عمار سيغة، أن "الأزمة بين البلدين بلغت مسارات خطيرة، كما يعبر عن الأثر البليغ الذي خلفته الخطوة الفرنسية". واللافت أيضا وفق المتحدث أن "القرار الفرنسي جاء نتيجة تراكمات اقتصادية عديدة أسهمت في انسداد الأفق بين البلدين، فالجزائر في الفترة الأخيرة أصبحت تفكر في مصلحتها الاقتصادية قبل كل شيء وهذا من خلال توسيع شراكتها مع دول الخليج ومع دول أوروبية أخرى على غرار إيطاليا وهو ما صار يزعج فرنسا ويقلقها".
والمؤكد أيضا حسب عمار سيغة أن "صانع القرار الفرنسي لم يكن يتوقع الرد الجزائري، فأقصى تقديراته توقفت عند استدعاء السفير للتشاور كما حدث في الكثير من الأزمات السابقة إذ سبق وأن تم استدعاء السفير في أكتوبر/تشرين الأول 2021، بسبب تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون، وتم استدعاؤه مرة أخرى في فبراير/شباط 2023 على خلفية تداعيات قضية الناشطة أميرة بوراوي"، واللافت أن التخمينات الفرنسية بُنيت على الخطوة الدبلوماسية التي اتخذتها السلطات الجزائرية مع إسبانيا للسبب ذاته في أبريل/نيسان 2022.