فهد العودة لـ"المجلة": الأدب السعودي فرض نفسه على خريطة الترجمة العكسية

المدير التنفيذي لوكالة "كلمات" يتحدث عن آفاق المستقبل

المدير التنفيذي لوكالة "كلمات" فهد العودة خلال توقيع اتفاقية خلال "معرض بكين الدولي للكتاب"

فهد العودة لـ"المجلة": الأدب السعودي فرض نفسه على خريطة الترجمة العكسية

الرياض- غالبا ما تعمد دور النشر العربية والمترجمون إلى اتجاه واحد في عملية نقل الكتب، وذلك في ترجمة الأعمال المكتوبة بلغات أخرى إلى العربية، لكن نادرا ما نرى عكس هذه العملية بتحويل الأعمال العربية إلى تلك اللغات. وكالة "كلمات" هي إحدى مؤسسات النشر التي تعنى بنقل الأدب العربي والسعودي إلى العالم، وقد حققت خلال فترة قصيرة حضورا لافتا فباتت تمثّل مجموعة من الكتاب العرب، كما عقدت خلال فترة قياسية مجموعة اتفاقات مع مؤسسات نشر عالمية بارزة. "المجلة" حاورت فهد العودة المدير التنفيذي للوكالة عن هذا المشروع وآفاقه المستقبلية.

  • لماذا تركز وكالة "كلمات" على ترجمة الأعمال العربية، ولا سيما السعودية منها إلى لغات أخرى، على عكس ما هو سائد في العالم العربي؟

لوكالة "كلمات" مساهمات في كلا الجانبين، لكننا نرجح كفة الترجمة العكسية من لغتنا العربية إلى لغات أخرى، ونؤمن بضرورة إثراء محتوى الآخر بثقافتنا. فنحن العرب نترجم آداب العالم منذ عشرات السنين، ونتشرب مختلف الثقافات، فكانت النتيجة أننا أهملنا نشر ثقافتنا ولغتنا العربيتين. لا يكفي أن ننتظر الآخر ليبادر بهذه العملية، لأنه إذا فعل فسيختار ما يخدم أجندته، وأولويات سوق النشر لديه.

ثمة نقطة أخرى يجب الالتفات إليها وهي أن الترجمة العكسية لها دور أساسي في بناء الجسور مع الشعوب الأخرى. وحين نتولى ترجمة أعمالنا الأدبية فإننا ننقلها بدقة ودون تزييف، ونترجم ما ينفعنا من نتاجنا الفكري والأدبي ليألفنا الآخر، وهو ما أشارت إليه مترجمة صينية خلال محاضرة خاصة بالوكالة في الدورة الأخيرة من "معرض بكين الدولي للكتاب" التي شاركنا بها، حيث قالت إن الأدب العربي والسعودي على وجه الخصوص لا يزال غريبا على القارئ الصيني. ولهذه الأسباب ينصب تركيزنا على الترجمة العكسية.

الترجمة العكسية لها دور أساسي في بناء الجسور مع الشعوب الأخرى

  • لماذا ينصبّ اهتمامكم على الأعمال الفكرية والفلسفية وعلى الروايات دون سواها من المجالات؟

هنالك فارق كبير بين دار النشر والوكالة الأدبية. فهذه الأخيرة لا تطبع الكتب، بل تتعاون مع ناشر. وكالة "كلمات" لها ثلاثة توجهات مختلفة تصب في مصلحة قطاع النشر في نهاية المطاف، ويقضي عملنا بأن نساعد الكاتب من خلال تمثيله لترجمة نتاجه الأدبي إلى لغات أخرى، ونقدم خدماتنا الى الناشر من خلال توفير حقوق الكتب له، وكذلك بالنسبة إلى الوكلاء الأدبيين الجدد من خلال تعريفهم بدور الوكيل الأدبي والأدوار والواجبات المنوطة به.

أما في ما يخص تركيزنا على الروايات أو الأعمال الفكرية، فهذه مسألة يحدّدها تخصص الناشر الأجنبي واهتماماته في كثير من الأحيان. هناك دور نشر مهتمة بالدراسات الأكاديمية، وأخرى مهتمة بالروايات وهي الأكثر انتشارا. 

  •  شاركت "كلمات" في العديد من معارض الكتاب عبر العالم، ما صدى الأعمال السعودية الأدبية اليوم في الخارج؟

الإقبال يزداد يوما بعد يوم على الأعمال السعودية المترجمة إلى لغاتٍ أخرى. وصارت دور النشر الأجنبية هي التي تبادر بالتواصل معنا عوض  العكس.  لذلك أستطيع القول إن التعامل مع النتاج الأدبي السعودي بات ضمن أهداف كثير من الناشرين العالميين اليوم، وهو ما نسعى إلى تطويره والبناء عليه.

فهد العودة

  •  أعلنتم أخيرا خلال معرض بكين للكتاب تدشين مشروع المكتبة الخليجية – الصينية لنشر الكتب الثنائية اللغة وترجمة الكتب العربية إلى الصينية والعكس، ما أثر هذا النوع من التعاون على النشر السعودي؟

في القمة الخليجية-الصينية الأولى في الرياض، كانت هناك دعوة لدعم وتشجيع التعاون مع جمهورية الصين على جميع الصعد، بما في ذلك التعاون الثقافي.  وتهدف المكتبة الصينية-الخليجية إلى نشر كتب صينية باللغة العربية على أن تكون ثنائية اللغة، وفي هذا المشروع نتعاون مع دار "كلمات" لطباعة الكتب وتوزيعها. أما بالنسبة إلى ترجمة الأدب السعودي إلى الصينية، فهو بدعم وإشراف مباشر من مبادرة "ترجم". كما أنه في كلا المشروعين يتم التعاون مع جامعة BNUP ومترجميها الذين يتقنون العربية. وهي شراكة من شأنها أن تضمن جودة النص، والمساهمة في  تعزيز التعاون الثقافي الصيني-السعودي، لزيادة الاقبال على تعلم اللغة العربية وتكثيف النشر فيها، وتبديد الغربة عن الأدب السعودي عند الآخر.

نمو لافت

  •  انطلقت "كلمات" عام 2022 خلال "معرض الرياض الدولي للكتاب"، فكيف تمكنت الوكالة من تحقيق هذا النمو اللافت لا سيما في مجال الترجمة خلال هذه الفترة القصيرة؟

هذا يرجع إلى رؤيتنا التي تستهدف الترجمة وتخصص فريق العمل في مجال الترجمة التحريرية.  أضف الى ذلك، أن الوكالة هي امتداد لدار "كلمات"، أي أن خبرتنا في عالم الترجمة ليست وليدة اللحظة، ولدينا تاريخ طويل في هذا المجال.

التعامل مع النتاج الأدبي السعودي بات ضمن أهداف كثير من الناشرين العالميين

  • تعاونت السفارة السعودية أخيرا في ألبانيا مع مديرة الوكالة المترجمة دلال نصر الله لتيسير عملية الترجمة، ما نوع الدعم أو التسهيلات الذي تقدمه الجهات السعودية ذات الصلة في هذا المجال؟

رحبت السفارة السعودية في تيرانا ممثلة بنائب السفير الأستاذ عبد الله الشهري بالتعاون معنا لنشر الأدب السعودي، إذ كانت السفارة حلقة الوصل بيننا وبين دار النشر الألبانية.

وتمكنا من الانتهاء من ترجمة رواية "رحلة الفتى النجدي" للأديب يوسف المحيميد، وهي أول رواية من الأدب السعودي، وهنالك مشروعات أخرى لاحقة. كما ساعدنا الأستاذ عبدالله الشهري في ترشيح عدة أعمال ألبانية وترجمتها إلى العربية لما تملكه من أثر في الأدب الألباني الذي يكاد يكون شبه مجهول بالنسبة إلى القارئ العربي. 

  •  من خلال عملك في مجال الترجمة هل ترى أن الأعمال العربية وخصوصا السعودية منها، لم تأخذ نصيبها من الترجمة إلى لغات أخرى؟

المعادلة تتغير بفضل جهود وزارة الثقافة السعودية، وعبر مبادرة "ترجم" التي تعمل على تعزيز التبادل الثقافي بين اللغة العربية واللغات الأخرى على مستوى العالم. كما أن الأدب السعودي استطاع أن يفرض نفسه على خريطة الترجمة العكسية. لا سيما في ظل التغير الثقافي المتسارع الذي تشهده المملكة في ضوء رؤية 2030.

رواج

  •  ما أكثر البلدان الأجنبية التي تعتبر الأعمال السعودية رائجة فيها؟

هي البلدان الناطقة باللغة الإنكليزية، لأن الأعمال بهذه اللغة هي الأكثر شيوعا في العالم.

 المعادلة تتغير بفضل جهود وزارة الثقافة السعودية، وعبر مبادرة "ترجم" التي تعمل على تعزيز التبادل الثقافي

  • قد ينجح المترجم في نقل النص بما فيه من ثراء ومتعة، أو يقتل الكلمات في نقل المعنى الحرفي لها، هل ترجمات الأعمال العربية لا سيما السعودية إلى لغات أخرى كانت توازي قيمتها وخصوصيتها اللغوية؟

صحيح قد يحدث هذا، لكننا في الأعمال التي نحرص على نقلها، لا نقبل بترجمات رديئة  تضعف جودة النص. 

  •  هل الوكالة في صدد التوسّع قريبا وزيادة خدماتها في مجال النشر؟

بالتأكيد، لدينا خطط نحو التوسع وسنواصل تسخير جهودنا لاستهداف لغات أخرى قلّما تُرجمت كتب عربية إليها. 

font change

مقالات ذات صلة