بدأت دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في العاصمة الفرنسية باريس، وتستمر لغاية 11 أغسطس/آب. وستكون المرة الثالثة في التاريخ التي تستضيف فيها باريس الألعاب الدولية بعد دورتي 1900 و 1924. ومما لا شك فيه أنها ستبعد الأنظار قليلا عن الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يواجه تحديات سياسية كبرى منذ مطلع هذا الصيف.
لكن السياسة ستبقى مخيمة على الألعاب، في ظلّ حظر مشاركة روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، وبيلاروسيا لدعمها هذه الحرب، مع منع الرياضيين المؤيدين للرئيس فلاديمير بوتين من المشاركة أيضا، وفي مقدمتهم المصارع الروسي عبد الرشيد سادولاييف، الذي استبعد منذ شهر فبراير/شباط الماضي. يتهم البعض اللجنة الأولمبية الدولية بالكيل بمكيالين، لمنعها روسيا بسبب أوكرانيا، وسماحها لإسرائيل بالمشاركة على الرغم من الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
قبل أشهر من افتتاح الألعاب الأولمبية في موسكو يوم 19 يوليو/تموز 1980، ولدت "المجلة" وصدر عددها الأول في 16 فبراير/شباط 1980. كتب يومها الكاتب اللبناني إياد أبو شقرا في "المجلة" عن تداخلات السياسة في الألعاب الأولمبية، بعد مقاطعة 60 دولة لتلك الدورة، احتجاجا على الغزو السوفياتي لأفغانستان في العام السابق. ومع أن الأولمبياد عادت في دورة الألعاب الشتوية إلى مدينة سوتشي سنة 2014، فإنها لم تعقد ثانية في العاصمة الروسية، وبمناسبة العدد الأول من "المجلة،" وتزامنا مع ألعاب باريس هذا الشهر، نعود في تقرير جديد عن تداخلات السياسة في الألعاب، وكيف وقفت في وجه روابط الصداقة والرياضة.
أنتويرب 1920
كانت هذه الدورة هي الأولى منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى سنة 1918، عُقدت في بلجيكا، وخيّمت عليها السياسة بشكل كبير بعد منع كل الدول المهزومة في الحرب من المشاركة: النمسا، وبلغاريا، والمجر، وألمانيا، والدولة العثمانية. الاتحاد السوفياتي كان حديث العهد في حينها، ودعي للمشاركة، ولكنه اعتذر.
برلين 1936
من أشهر دورات الألعاب الأولمبية، عُقدت في العاصمة الألمانية بعد سنتين على فوز أدولف هتلر بالانتخابات النيابية، واستعملت من قبله للترويج لنظام حكمه النازي. أصر هتلر على تصوير الألعاب للتاريخ، وبثها عبر أثير برلين إلى 41 دولة. هددت بعض الدول بالمقاطعة بسبب سياسات هتلر العنصرية، ولكنها لم تفعل، ومنها الولايات المتحدة. أراد هتلر لألعاب برلين أن تكون أعظم وأكثر إبهارا من ألعاب لوس أنجليس سنة 1932، وقد سمح لعدد محدود من الرياضيين اليهود بالمشاركة، ومنهم مبارزة السيف الألمانية هيلينا ماير. وفي هذه الألعاب، شاهد الحكم اللبناني ورئيس فريق كرة القدم بيار جميل قدرة الحزب النازي الرهيبة على التنظيم والانضباط، وعاد إلى بلاده ليؤسس حزب "الكتائب اللبنانية" الذي لعب دورا محوريا في الحرب الأهلية اللبنانية وما يزال قائما حتى اليوم.
لندن 1948
كانت هذه الألعاب هي الأولى بعد انتهاء معارك الحرب العالمية الثانية واستسلام دول المحور، وكانت الأولى التي تُبث عالميا عبر شاشات التلفاز. حضر الافتتاح الملك جورج السادس، وغابت عنه الدولة السوفياتية، ومنعت اليابان ومعها ألمانيا المهزومة من المشاركة. تقدمت إسرائيل للمشاركة، ولكن طلبها رفض من قبل اللجنة الأولمبية الدولية التي لم تكن قد اعترفت بها بعد (أسست إسرائيل في شهر مايو 1948 وافتتحت الألعاب في شهر يوليو من العام نفسه). كانت بريطانيا ما تزال في مرحلة التعافي من الحرب، وتشهد سياسات صارمة في شد الأحزمة وضبط الإنفاق، ولذلك، لم تشيّد أية منشأة رياضية خاصة بالألعاب الأولمبية، وأقامت معظمها في ملعب ويمبلي الشهير، الذي كان عمره في حينها 25 سنة. أشهر ما حدث في هذه الدورة الأولمبية كان انشقاق ماري بروفازنيكوفا، رئيسة اتحاد الجمباز التشيكوسلوفاكي، وإعلانها عدم العودة إلى بلادها التي كانت قد التحقت بالمعسكر السوفياتي في شهر فبراير من العام نفسه.
1952 هلسينكي
شهدت هذه الدورة في فنلندا أول مشاركة رسمية من الاتحاد السوفياتي مع بداية الحرب الباردة، وشاركت للمرة الأولى أيضا كل من إسرائيل والصين وتايلاند. الصحافة الأميركية والأوروبية صورت ألعاب هلسينكي على أنها "معركة" بين دول العالم الحر والدول التابعة للمعسكر الشيوعي، ومع ذلك تمكن الاتحاد السوفياتي من حصد 71 ميدالية، ما جعله في المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة.