تميل خطابات رؤساء الوزراء الإسرائيليين أمام الكونغرس الأميركي إلى أن تكون احتفالية، للاحتفاء بالعلاقة العميقة بين البلدين وبالدعم الذي تتمتع به إسرائيل بشكل عام من كلا الحزبين في الولايات المتحدة. لكن الخطاب الأخير الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو المحاصر كان أمرا آخر.
كانت زيارة نتنياهو إلى واشنطن، حيث التقى أيضا بالرئيس جو بايدن ونائبته كاملا هاريس، أشبه بالتسلل من النافذة بعد الفشل في الدخول من الباب. فبعد سنوات من السعي للحصول على دعوة إلى البيت الأبيض من بايدن، حصل أخيرا على فرصته من خلال المناورات السياسية، وتلقى دعوة رسمية من الجمهوريين بدلا من الديمقراطيين. هذا النهج غير معتاد وغير دبلوماسي في سياق خطابات الإسرائيليين أمام الكونغرس. ومع ذلك، لم يكن ذلك غريبا بالنسبة لنتنياهو، فقد ألقى أربع خطابات أمام الكونغرس، كانت جميعها بدعوة من الجمهوريين خلال إدارات ديمقراطية.
كان من الممكن تبرير هذه الأساليب القوية وغير الاحتفالية إذا كان الخطاب يتطابق مع "التشوتسباه" (Chutzpah) أو "الجرأة" بالعبرية. فإسرائيل في حالة حرب، وربما تكون واحدة من أهم الحروب التي شنتها على الإطلاق منذ أن بدأت حروبها مع جيرانها العرب في صراعات متعددة خلال العقود الأولى من وجودها. واليوم تحتاج إسرائيل إلى رؤية تنير لها الطريق: إلى أين تتجه، بعد كل هذا العنف.
ولا بد من اجتراح سبيل للتفاهم مع أقرب حلفاء لإسرائيل. لكن هذه الرؤية غابت بالكامل عن خطاب نتنياهو.
وبدلا من ذلك، كان خطابا يرضي الجماهير المؤيدة له مليئا بالشعارات والعبارات الرنانة الرائجة التي تستهدف المؤيدين لإسرائيل. واستذكرت أبطال 7 أكتوبر/تشرين الأول وأهالي الرهائن الذين يناضلون من أجل إطلاق سراح أحبائهم. وقد سلط الضوء على "شر" إيران و"حماس"، وسرد أهوال هجمات 7 أكتوبر، في محاولة لتصوير معركة إسرائيل ضد "حماس" وإيران على أنها ليست صدام حضارات ولكنها "صدام أوسع بين الهمجية والحضارة"، على حد تعبير نتنياهو نفسه.