ما الدورات الأولمبية؟ وكيف تطورت حتى باتت أعظم مهرجان رياضي عالمي على الإطلاق؟ تعيد "المجلة" نشر تقرير من عددها الأول 16-22 فبراير 1980 عن أولمبياد موسكو 1980 لمناسبة أولمبياد باريس التي تنطلق الجمعة:
- اعداد إياد أبو شقرا:
يبدو أن عدد المقاطعين لدورة الألعاب الأولمبية في الاتحاد السوفياتي يزداد يوما بعد يوم، إذ تؤكد آخر المعلومات الواردة من وزارة الخارجية الأميركية أن ربع عدد الدول المشاركة عادة في الألعاب الأولمبية والبالغ 137 دولة، قد أبلغ واشنطن حتى الآن موافقته على مقاطعة دورة موسكو، منها أستراليا والصين واليابان و28 دولة إسلامية بما فيها المملكة العربية السعودية وست دول من أميركا اللاتينية وست دول أفريقية. وقد أرسل الرئيس الأميركي كارتر، بطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي إلى القارة الأفريقية، وبعض دول العالم الثالث، لإقناع حكامها بمقاطعة ألعاب موسكو، كما تؤكد المعلومات الأميركية أن أكثر من 60 دولة سوف تشارك واشنطن موقفها من دورة موسكو.
وعلى الرغم من أن الدول الأوروبية الغربية، وأغلبية دول العالم، لم تحسم رأيها بعد بالنسبة إلى موضوع المقاطعة، فهناك مواقف عدة قد تتغير في نهاية الأمر وتقلب أكثر التوقعات.
ولكن، ما هي الدورات الأولمبية في الأصل؟ وكيف تطورت مفاهيمها ونشاطاتها حتى باتت أعظم مهرجان رياضي عالمي على الإطلاق؟
عرف اليونانيون القدماء في أولمبيا دورات رياضية تنافسية منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكانت هذه الدورات تشمل مسابقات للجري والوثب والمصارعة ورمي القرص وسباقات العربات، مخصصة للرجال الأحرار، وتعتبر جزءا لا يتجزأ من الحضارة اليونانية.
وقد توقفت هذه الدورات في حلول عام 393م، إبان عهد الإمبراطور ثيودوسيوس.
ولكن في اليوم الأول من عام 1863م أبصر النور في باريس باعث الفكرة الأولمبية الحديثة وواضع أسسها التربوية والخلقية والرياضية، وهو البارون بيار دي كوبرتان.
الخطوات الأولى
وأولى الخطوات العملية في تاريخ الحركة الأولمبية ترجع إلى العام 1894، عندما عقد مؤتمر في مسرح معهد السوربون في قلب جامعة باريس، وأقر خلاله 79 نائبا و49 هيئة رياضية يمثلون 12 دولة، مبدأ قيام الدورات الأولمبية طبقا للتقاليد الهيللينية (اليونانية) القديمة، وفي عهدها الأول فكانت دورة أثينا 1896. كذلك أقر المجتمعون المبادئ الأولمبية الأساسية، وبينها أن تكون مقصورة على الهواة دون المحترفين، (وإن كانت التحديات الحديثة المتمثلة في أشكال أخرى للاحتراف كالتمويل والرعاية وما إليها، ستفرض على الحركة الأولمبية إعادة تحديد تلك المبادئ بصورة أكثر وضوحا). وأن تكون اللجنة الأولمبية الدولية، هي الجهاز المشرف على الرياضة الأولمبية، والحارس الأمين لقيمها ومبادئها، والهيئة المولجة وضع الأنظمة والقواعد ومراقبتها أو تعديلها.
وتبعا لقرارات المؤتمر التأسيسي، حدد دي كوبرتان هذه المسؤوليات، واختار بنفسه اللجنة الأولى التي تضمه إلى جانب 14 عضوا آخر.
حتى عام 1966 كان أعضاء اللجنة الأولمبية ينتخبون مدى الحياة. ولكن منذ ذلك التاريخ اعتمدت سن الثانية والسبعين للتقاعد، مع التأكيد على وجوب كون العضو من السكان المقيمين في بلاده. ولذا عندما اضطر ملك اليونان السابق قسطنطين (الذي سبق أن انتخب عضوا في اللجنة عام 1963) عام 1974 توجب عليه تقديم استقالته.
ومقر اللجنة في مدينة لوزان السويسرية، وقد بلغ عدد أعضائها 89 يمثلون 71 دولة. أما العلم الأولمبي، وهو عبارة عن حقل أبيض تتوسطه 5 دوائر مترابطة حمراء وسوداء وزرقاء وخضراء وصفراء، فيذكر أن دي كوبرتان وجد ما أوحى له به في دلفي (اليونان) عام 1913.
الدورات الأولمبية
والدورات الأولمبية هي التالية:
دورة أثينا 1896: نظمت الدورة الأولمبية في أثينا عاصمة اليونان عام 1896، وسط مصاعب مالية كانت تعانيها الحكومة اليونانية حينذاك.
حضر حفل الافتتاح حشد قدّر بثمانين ألفا عزف خلاله النشيد الأولمبي الذي وضع ألحانه اليوناني سبيروس ساماراس لأول مرة. واشترك في الدورة 311 رياضيا من 10 دول (أكثر من نصفهم من الرياضيين المحليين) خاضوا 10 مباريات، وتنافسوا على الميداليات الذهبية في 42 مسابقة، وكانت الرياضات التي شملها برنامج الدورة هي: الدراجات، كرة المضرب، ألعاب الجمباز، السباحة، ألعاب القوى، السلاح، رفع الأثقال، الرماية، المصارعة، والتجديف، وقد تألق الرياضيون الأميركيون في أكثر المسابقات، خصوصا ألعاب القوى، إذ لم تفلت من ميدالياتها الذهبية سوى ميداليات مسابقة الماراثون التي أحرزها اليوناني لويس، والـ800 والـ1500 متر اللتين فاز بهما الأسترالي فلاك. وكان أبرز نجوم الفريق الأميركي توماس بيرك بطل الـ100 والـ200 متر، إذ ضمن ميداليتين ذهبيتين من أصل 11 ذهبية، كانت رصيد الولايات المتحدة في المرتبة الأولى، واحتلت اليونان المرتبة الثانية بـ8 ميداليات ذهبية فألمانيا بـ4 ميداليات.