المركزي الكويتي مطمئن الى سلامة التمويل المصرفيhttps://www.majalla.com/node/321526/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA%D9%8A-%D9%85%D8%B7%D9%85%D8%A6%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%85%D9%88%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%81%D9%8A
لطالما استغلت مسألة القروض المصرفية في الكويت لأسباب سياسية وحاول أعضاء في مجلس الأمة بناء أمجاد عليها من أجل ضمان شعبيتهم، وكذلك فعل ناشطون وطامحون الى عضوية مجلس الأمة. لكن الأرقام لا تعرف المواربة بل تظهر الحقائق.
يستفاد من الأرقام الدورية لبنك الكويت المركزي عن توزيع التسهيلات المصرفية بين مختلف القطاعات والاستخدامات التقليدية، أن القروض الإجمالية بلغت في نهاية مايو/أيار المنصرم ما يربو على 55.3 مليار دينار كويتي أو 180.5 مليار دولار. لكن القروض الشخصية والاستهلاكية وقروض السكن تمثل نسبة كبيرة من التسليفات الإجمالية حيث بلغت 18.9 مليار دينار (نحو 62 مليار دولار)، أي 34.2 في المئة.
يتجه الكويتيون الحاصلون على قروض من بنك الائتمان الحكومي (قروض ميسرة من دون فوائد وتتحصل على مدى زمني طويل) إلى المصارف التقليدية والإسلامية للحصول على قروض إضافية بفوائد محددة من أجل التمكن من بناء سكن خاص على الأراضي التي تخصصها الهيئة العامة للاسكان.
مثلت مسألة هذه القروض صداعاً سياسياً على مدى أكثر من عقد حيث كانت هناك مطالبات من الأفراد وعدد من السياسيين الشعبويين لقيام الحكومة بشراء القروض من المصارف وإسقاطها عن المدينين
ويتحمل المقترضون إجراءات رهن الأرض والتعهد بالتسديد على مدى زمني أقصر مما يتيحه لهم بنك الإئتمان الحكومي، حيث تمنح المصارف التقليدية فترة سداد لا تزيد على 15 عاما. في معظم الأحوال يخصص الزوج والزوجة نصيبا من رواتبهم الشهرية لسداد القروض من بنك الإئتمان والمصارف التقليدية. يسجل في وثيقة التملك أنهما يملكان السكن مجتمعَين.
شعبوية سياسية
أما القروض الاستهلاكية والمقسطة فهي قروض شخصية تستخدم لاقتناء السلع المعمرة مثل السيارات والأجهزة المنزلية وغيرها من سلع وخدمات غير ذات علاقة بأنشطة القطاعات الاقتصادية. مثلت مسألة هذه القروض صداعاً سياسياً على مدى أكثر من عقد حيث كانت هناك مطالبات من الأفراد وعدد من السياسيين الشعبويين لقيام الحكومة بشراء القروض من المصارف وإسقاطها عن المدينين أو على الأقل إلغاء الفوائد المتراكمة عليها.
سبق للحكومة أن اتخذت إجراءات للتسهيل على المدينين والتزمت أمام المصارف تسديد القروض نيابة عن هؤلاء المدينين وسهلت عليهم التسديد دون دفع فوائد. لكن تكرار المطالبات بين فترة وأخرى لم تجد القبول من الحكومة خصوصاً أن البنك المركزي أوضح مراراً وتكرارا أن القروض تسدد بشكل سليم وليس هناك تقاعس يذكر وأن الديون التي يمكن اعتبارها معدومة أو غير منتظمة للسداد لا تتجاوز نسبتها 2 في المئة من قيمة القروض الشخصية. غني عن البيان أن القروض الاستهلاكية تمثل أهمية للمصارف وهي تقوم بحملات لتحفيز المواطنين للاستفادة من التسهيلات وبشروط مغرية.
تسليف القطاع العقاري
يحظى القطاع العقاري بتسهيلات ائتمانية كبيرة بعد التسهيلات الشخصية، حيث بلغت قيمة القروض الممنوحة له حتى نهاية مايو/أيار 2024 ما يقارب 10 مليارات دينار (33 مليار دولار) بنسبة 18 في المئة من القروض المصرفية الإجمالية. ويعتبر القطاع العقاري من أهم القطاعات الاقتصادية غير النفطية في الكويت. يعمل الكثير من رجال الأعمال في توظيف استثمارات مهمة، في السكن الاستثماري، مباني الشقق السكنية، ومباني المكاتب والمتاجر.
ارتفعت أسعار الأراضي بصورة فلكية. أصبح اقتناء قطعة أرض للسكن بمساحة لا تتجاوز 400 متر مربع في منطقة بعيدة عن مدينة الكويت يكلف مبلغاً لا يقل عن 250 ألف دينار أو 816 ألف دولار
صار كثير من الكويتيين أثرياء نتيجة لعملهم في سوق العقارات ويفضل الكثير منهم هذا النشاط حيث تشكل الأراضي والمباني ضمانا للقيمة ولا تتعرض لأخطار شديدة. كما هو معلوم أن الأراضي والمساحات التي خصصت في الكويت لمختلف الأنشطة والاستخدامات، بما فيها للبنى التحتية، الطرق والتمديدات المتنوعة والخدمات اللوجستية، لا تمثل أكثر من 8 في المئة من المساحة الكلية للبلاد. تمتلك الحكومة في الكويت ما يزيد على 90 في المئة من مساحة الأراضي في البلاد، بما يجعل الصالحة للاستخدام نادرة، خصوصاً بعد التوسع العمراني وارتفاع أعداد السكان.
أدت هذه الحقائق إلى ارتفاع أسعار الأراضي بصورة فلكية. أصبح اقتناء قطعة أرض للسكن بمساحة لا تتجاوز 400 متر مربع في منطقة بعيدة عن مدينة الكويت يكلف مبلغاً لا يقل عن 250 ألف دينار أو 816 ألف دولار، بما جعل الكثير من الشباب يعجزون عن تحقيق طموحاتهم بالسكن قبل أن يحصلوا على الأرض والقرض من الهيئة العامة للإسكان وبنك الإئتمان الحكومي، بما يعني فترة انتظار طويلة قد تصل إلى ثلاثة عقود زمنية.
التمويل التجاري والصناعي
القطاعات الاقتصادية الأخرى التي حظيت بتسهيلات ائتمانية تذكر هي: قطاع التجارة الذي استدان 3.6 مليارات دينار أو 11.7 مليار دولار (6.5 في المئة من التسليفات الإجمالية)، كذلك هناك قطاع الصناعات التحويلية وبلغت تسليفاته 2.7 مليار دينار، أو نحو 8.8 مليارات دولار (4.8 في المئة). تظل هــذه القطاعات ذات أهميــة للنشاط الاقتصادي فــي الكــويت، وهي تخدم السوق المحلي بدرجة جيدة بيد أن قطاع الصناعات التحويلية لا يزال بعيداً عن لعب دور حيوي في تنمية الصادرات غير النفطية.
يبدو أن مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد لا تزال عاجزة عن لعب دور محوري في تنويع القاعدة الاقتصادية ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي
التمويل في الاقتصادات الطبيعية يمكّن من معرفة واقع مختلف القطاعات الاقتصادية وحيوتها، لكن يبدو أن مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد لا تزال عاجزة عن لعب دور محوري في تنويع القاعدة الاقتصادية ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
يستمر الإئتمان المصرفي في الكويت نشطاً بنموٍّ نسبته 0.08 في المئة. تحقق المصارف الكويتية نتائج جيدة، وبلغت أرباحها الصافية في نهاية الربع الأول من هذا العام 411.4 مليون دينار (1.3 مليار دولار)، مقارنة بـ 385.4 مليون دينار (1.26 مليار دولار) في الربع الأول من عام 2023 وبنسبة نمو 6.7 في المئة. تتمتع المصارف بقاعدة إئتمانية مناسبة ولديها رهونات من الأسهم والأراضي التي تحمي قروضها، في وقت يؤكد البنك المركزي سلامة الإئتمان وقيام المقترضين بالسداد من دون تقاعس، وتظل نسبة العجز عن السداد في حدود آمنة.
كذلك تعمل المصارف على رصد مخصصات كبيرة لمواجهة المشكلات المحتملة مع المقترضين، وأعادت خلال السنوات الأخيرة جزءا من المخصصات إلى الأصول في البيانات المالية لانتفاء الأغراض الموجبة. هناك إمكان جيد لتمويل نشاطات حيوية، لكن الأمر يتطلب إعادة هيكلة اقتصادية تعزز الطلب على التمويل.