وتتابع ليلى: "أكبر مشكلة أواجهها مع أهلي، وأبي تحديدا، أن هناك مواضيع لا أستطيع مناقشتها معه، لها علاقة بالكتب والموسيقى والأفلام، مثلا والد صديقي الفرنسي أستطيع خوض هذه النقاشات معه، أما أبي فلا، وهذا الأمر كان يزعجني سابقا، لكنني تأقلمت مع الأمر أكثر الآن... لذلك أستصعب الصراحة معه، على الرغم من أنني في الرابعة والعشرين، أظل متوترة من أن يحزن لأني رسمت وشما على جسدي، أو وضعت الأقراط في أنفي، وغيرها من أمور عادية، لذلك أخاف أن أشاركه أفكاري أو نظرتي عن الحياة... لدي صعوبة كذلك في التعبير عن مشاعري الحزينة أو البكاء أمامه، بعكس أمي التي لدي معها علاقة جيدة، على الرغم من أنني لا أتفق معها في كثير من الأحيان".
وتؤكد ليلى أنها تحب الدراسة، وأن لا مشكلة لديها في الجامعة، بل إنها تحب أن تظل طالبة إلى الأبد، ولديها شهادة ماجستير من جامعة السوربون في باريس، فالعلم "أمر مهم جدا بالنسبة إليّ".
وعن علاقتها بوسائل التواصل، تقول: "أكثر ما أحبه بين التطبيقات هو (يوتيوب)، أجد فيه محتوى رائعا، أما باقي التطبيقات فيمكنني العيش من دونها، وأمضي حوالي 4 ساعات يوميا على الهاتف".
وتختم ليلى: "من المؤكد أن جيلنا يتعرض للكثير من السخرية والتسخيف، هنالك حركة هنا في فرنسا وأيضا في البلدان العربية، لتسخيف هذا الجيل، أو اعتباره مستهترا، وأننا لا ننفع لشيء، وأن استعمالنا الهاتف مضيعة للوقت، بينما نحن نتعلم في أغلب الوقت، حين نستعمل هاتفنا. أهلنا لا يتقبلون طريقة عيشنا، ولا يتقبلون التطور، وأعتقد هذه معاناة كل جيل مع الذي يسبقه".
الحدود
تختلف علاقة هذا الجيل مع أهليهم بين الأب والأم، فليست المشاكل مع الأب هي نفسها مع الأم، وتختلف درجاتها، بحسب طبيعة الأهل الاجتماعية وخلفيتهم، وهذا ما يحدد قربهم من الأب أو الأم.
تقول والدة ليلى: "الفارق بين هذا الجيل وجيلنا، هو أن الحدود التي كانت مرسومة لنا في عمرهم، كانت صعبة ومن الممنوع تخطيها، أما هذا الجيل فيرسم حدوده بنفسه، ويقدم تفسيرات علمية لهذا الأمر، ونحن كأهل نصبح ضائعين بين المنطقي والأخلاقي... في المنزل، يمضون أغلب أوقاتهم في غرفهم، وأنا أفهم هذا الأمر، فهم بحاجة إلى الخصوصية دائما، وأحترم ذلك. كنت بحاجة إلى أن أراقبهم طوال الوقت، إلى أن شعروا بأني أتدخل في خصوصياتهم، لكنني بطبيعة الحال كنت خائفة من أن يقعوا في إدمان المخدرات أو غيرها من العادات السيئة، لكنهم وضعوا حدودا لي، كما أن أولادي شخصيتهم قوية، وإلى حد ما كانوا يتغلبون عليّ".
وتتذكر والدة ليلى: "في أيامنا نحن، كانت المراهقة أكثر براءة، كان همنا الرقص ولبس آخر صرعات الجينز وسماع الأغاني الجديدة، وكان نجاحنا في المدرسة يستهلك الكثير من وقتنا، بعكس هذا الجيل الذي يعتبر المدرسة مجرد ممر إلزامي إلى الجامعة لا أكثر".
وتضيف: "ذوقهم الموسيقي متنوع جدا، يسمعون كافة أنواع الموسيقى العربية والأجنبية، والتكنو والموسيقى الإلكترونية، وأعتقد أن تربيتي لهم على حب الموسيقى عززت لهم هذا التنوع".
وتتابع والدة ليلى: "لكي أعطي رأيي في هذا الجيل، يجب أن أعطي رأيي في جيلنا، كان لدى أهلنا سلطة قوية علينا، وقد احتجنا إلى سنوات طويلة حتى نتخطى مفاهيمهم، فيما تخطى أبناؤنا مفاهيمنا بسرعة هائلة، فالعلم اليوم أصبح أسرع وصولا، وهذا ساعدهم بطبيعة الحال على تجاوزنا بسرعة، وأصبحنا نسألهم عما يحدث في التكنولوجيا والأحداث، وطبعا هذا جعل منطقهم في الحياة مخالفا لمنطقنا".
حقوق وواجبات
أيضا بحسب إحدى الإحصائيات، فإن ثلث المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي هم من "الجيل زد" وهذا ما يفسر عدة أمور مثل التعلق بهذه الوسائل، والشهرة في عمر صغير، والإهمال الدراسي، وجني الأموال في عمر مبكر، أي الاستقلالية المبكرة من سيطرة الأهل وما ينتج عنها.
سامية/مصر (والدة منى): "أكثر ما أستغربه في أبناء هذا الجيل أنهم واعون جدا لحقوقهم، لكنهم ليسوا واعين أو لا يبالون بواجباتهم تجاه الآخرين أو تجاه الأهل، فابنتي في أحد النقاشات تقول لي ممكن أن أتقدم ببلاغ لشرطة الطفل، وحقوقي يكفلها القانون، وهي تعرفها لأنها جزء من المنهج الدراسي، هنا الفرق بيننا وبينهم، فنحن بعكسهم تربينا فقط على الواجبات، لا الحقوق، وهذا بطبيعة الحال ليس جيدا، ولكن أيضا أن تطالب بحقوقك فقط هو أمر خاطئ أيضا".
وتضيف سامية: "عندما تكون في الغرفة وحدها تسمع الأغاني، أو تشاهد مقاطع الفيديو في الوقت القليل الذي أسمح لها به، وأحيانا تقرأ القرآن، أو تتكلم مع صديقاتها، حوالي ساعتين أو ثلاث ساعات في اليوم، والتطبيق الوحيد المسموح لها به هو "واتساب"، بسبب خطورة باقي التطبيقات، كما يمكن أن تتعرض للتنمر الإلكتروني أو القرصنة... أصحابها هم في الغالب زملاؤها في المدرسة، وأبناء أصدقائي، ونعم أنا أراقبها بالقدر الممكن، أسألها إلى أين تذهب وماذا فعلت، لكنني لا أفتش هاتفها، وأحيانا تخبرني، وأحيانا لا تخبرني من باب أن هذه خصوصيتها ومساحتها... لا أعتقد أنه من الصعب التعامل معها، ولا أشعر بصعوبة في التواصل، وعندما أشعر بذلك أفكر بأن الخلل مني وليس منها".