يُمكن معرفة التحول الذي طرأ على الثقافة الشفوية اليومية من خلال الكلمات التي تُستخدم للتعبير عن الأنشطة الحياتية ودرجة انخراط الأفراد بوسائل التواصل الاجتماعي، في وقت باتت فيه حتى التعبيرات العائلية والعاطفية والشخصية تجد متنفسها عبر تلك الوسائل التي بدأت تخلق نوعا من البنية الاجتماعية. هذه البنية تحولت إلى طريقة حياة مُضمرة داخل كل عائلة ولم يتم الانتباه جيدا، في أغلب الحالات، إلى مدى تأثير علاقة الوالدين بالجهاز اللوحي وتأثير هذا على الأولاد، مما جعل الأطفال والناشئة متصلين أيضا عبر الأجهزة اللوحية التي يوفرها الأهل لهم. فتحول سياق حياة أغلب الأطفال إلى سياق الانسجام الاجتماعي والعاطفي الذي خلقه الكبار عبر وسائل التواصل والأجهزة اللوحية دون مراقبة جيدة أو حذر مما قد يتعرف عليه الأولاد أو تطرحه عليهم وسائل التواصل أو ما قد يفقدونه من أدنى معيار لحماية الذات قبل الولوج لعوالم الأجهزة الذكية.
وقد دفعت المجتمعات العربية أثر ذلك مثلها مثل المجتمعات الأخرى في العالم، وقد شهدت تلك المجتمعات آثارا واضحة، لعل من أبرز علاماتها في الفترة الأخيرة الجريمة البشعة لعصابة أطفال "التيكتوكر" في لبنان، أو الجريمة التي وقعت في مصر منذ أشهر، حين جنّد فتى في الرابعة عشرة مقيم في الكويت، شابا في نهاية الثلاثين من عمره لارتكاب جرائم مصورة بحق فتيان، أو استغلال الأطفال في عروض الغناء واللعب لكسب مشاهدات ثم التواصل مع الفتيان والأطفال بطرق غير شرعية.
نجوم الأطفال الجدد
قبل ذلك ومع انتشار عصر التلفزيون الذي امتدت آثاره حتى بدايات القرن الحالي، وتحوله ليصبح ركنا أساسيا في كل منزل، أصبحت الشاشة حينها رمزا للتواصل الاجتماعي والثقافي. شخصيات بارزة في مجالات متعددة في الفن والثقافة والسياسة برزت على التلفزيون، واكتسبت مكانة رمزية. بدأت رحلة الاستدماج النفسي (محاولة الشخص نسخ أو تكرار سلوكيات أو أفكار من أشخاص آخرين) مع أبطال ومشاهير عالميين وعرب. وطرحت الألفية الفائتة اتصالا محدودا مع الفنانين والمشاهير. وقدمت الجرائد والمجلات مادة محدودة عن الأبطال المتخيلين، والمقابلات التلفزيونية كانت قليلة إلى حدٍ كبير.