لعلّ ما يسحر فضاء الأدب الإيطالي خلال السنوات الأخيرة، هنّ الكاتبات في الدرجة الأولى. فقد فازت في أهم جائزة أدبية إيطالية، "لا ستريغا" (الساحرة حرفيا)، في دورة العام الماضي، آدا ده آدامو، وتلتها هذا العام دوناتيلا بييتر أنطونيو عن روايتها "السنّ الهشة"، والمقصود بالسنّ الهشة هنا المرحلة التي يدخل فيها الشابات والشبان في معترك الحياة وما ينتظرهم من مفاجآت يمكن حتى أن تودي بحياتهم.
تسلط رواية بييتر أنطونيو الضوء على هذه المرحلة الفاصلة، من خلال حادثة اختفاء ثلاث فتيات في إحدى الغابات. نقرأ في مقطع من الرواية: "الهشاشة تلازمنا دوما، آباء وأبناء، عندما نحتاج إلى إعادة البناء وعندما لا نعرف حتى أين نضع الأسس. ولكن هناك لحظة محددة، عندما نلقي بأنفسنا في العالم، مكشوفين وعراة، وعلى العالم ألا يؤذينا. لهذا السبب تنظر لوتشيا، التي نجت بالمصادفة في إحدى الليالي قبل ثلاثين عاما، بخوف إلى صمت ابنتها. في تلك الليلة في دِنْتي ديل لوبو (ناب الذئب)، كانوا جميعا هناك، الرعاة وأصحاب المخيّم والصيادون ورجال الدرك. الجميع، باستثناء ثلاث فتيات لم يعد لهنّ وجود".
قوة ثقافية دافعة
تأسّست "لاستريغا" في روما عام 1947 على يد الزوجين ماريا وغوفريدو بيللونتشي، وذلك بفضل تمويل غويدو ألبرتي، منتج المشروب الكحولي، "ستريغا"، الذي منح اسمه للجائزة. يرتبط هذا الاسم أيضا بأسطورة ساحرات بنيفنتو في مقاطعة كامبانيا، التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر. بناء على الاعتقاد الشائع، كانت الساحرات يلتقين تحت شجرة تسمى "جوز بنيفنتو"، حيث لا يختلف مظهرهن خلال النهار عن سائر النساء، لكنهن في الليل يحلّقن في سماء المدينة وينشدن ترانيم سحرية، أشهرهنّ تشيكّولارا وينارا ومانولونغا.