وسط الصراع الدائر في غزة، صعدت الميليشيات العراقية المنضوية تحت راية "المقاومة الإسلامية"، المدعومة من إيران، موقفها الصدامي مع إسرائيل إلى حد كبير. ويدل إعلان هذه المقاومة مسؤوليتها عن أكثر من 120 هجوما منذ نوفمبر/تشرين الثاني، على تحول استراتيجي ومدروس في نهجها. وقد تكثفت هجماتها هذه في الأشهر الأخيرة، واستهدفت مواقع مهمة كمقر وزارة الدفاع في تل أبيب ومطار بن غوريون وميناء حيفا الحيوي.
وعلى الرغم من أن المسؤولين ووسائل الإعلام الإسرائيلية شككوا في ذلك منذ البداية، لغياب أدلة قاطعة على وقوع أضرار أو إصابات، فإن تزايد وتيرة الهجمات التي تحقق الجيش الإسرائيلي منها، يؤكد تهديد هذه الجماعة المتزايد. والتحول الأخير لـ"المقاومة الإسلامية" نحو عمليات مشتركة مع الحوثيين في اليمن يبرز إعادة رسم التوجه الاستراتيجي داخل "محور المقاومة"، مما يترجم خطاب هذا المحور عن تشكيل جبهة موحدة ضد إسرائيل إلى إجراءات مشتركة ملموسة.
وتبنى الحوثيون الهجوم الأخير الذي استهدف تل أبيب فجر الجمعة، بواسطة مُسيرة، وأدى إلى مقتل شخص وإصابة ثمانية آخرين بإصابات طفيفة.
ووسط تصاعد التوترات ومع تعهد "المقاومة الإسلامية" بالدعم الثابت لـ"حزب الله" في حال نشوب صراع شامل محتمل مع إسرائيل، فإن عواقب أنشطة الميليشيات هذه تتجاوز مجرد المناوشات مع تل أبيب، وهو ما يزيد من هشاشة المشهد الجيوسياسي. وفي مواجهة هذه التطورات المقلقة، فإن الحاجة الملحة للانخراط في عملية دبلوماسية حساسة دقيقة واتخاذ تدابير استراتيجية لخفض التصعيد، باتت أكثر أهمية من أي وقت مضى لتجنب الانزلاق إلى صراع واسع النطاق وإلى حالة من عدم الاستقرار في المنطقة.