كان لافتا وغير مألوف تماما أن يستنفر المرشح الرئاسي الجمهوري، دونالد ترمب، في خطابه أمام المؤتمر الوطني الجمهوري، الذي عُقد في مدينة ملاوكي، روحَ الوحدة بين الأميركيين، ويتحدث ضد "التفرقة"، مؤكداً للأميركيين "أننا نرتفع سوية ونسقط سوية"، ورافضا أن "نشيطن الاختلاف". ركز الرجل في خطابه على محاولة الاغتيال التي تعرض لها في بنسلفانياً مؤخراً، متناولا إياها بقدر من التفصيل في سياق إنساني، لشخص يواجه احتمالات موت قريب عبر الاغتيال، وليس لسياسي يقاتل معارضيه الأقوياء الذين يحاولون إنهاء حياته. على نحو غير متوقع، كانت لغة الرجل هادئة تثير التعاطف وما هو مشترك بين الأميركيين، وليست صاخبة أو عدوانية تستنفر حس الصراع التي عُرف بها الرجل.
لم يكن هذا الخطاب الترمبي جديدا ومفاجئا فقط، بل كان أيضا مناسبا تماما لمؤتمر وطني جمهوري هدفه التقليدي والصحيح هو كسب أصوات الناخبين، خصوصا المتأرجحين، وليس إثارة العداوات التي تُغذي أحاسيس عدم الارتياح بين الكثير من الناخبين.
يعتبر المؤتمر الوطني الجمهوري، كما مثيله الديموقراطي الذي سيُعقد في مدينة شيكاغو الشهر المقبل، الحدثَ الأهم في حياة "الحزب الجمهوري" الذي يحصل في كل سنة رئاسية انتخابية، أي مرةً كل أربع سنوات. الغرض القانوني لعقد المؤتمر هو تسمية المرشح الرئاسي للحزب من خلال عملية انتخاب حزبي، شبيهة بإجراءات المجمع الانتخابي الذي ينتخب الرئيس الأميركي في جلسة أمام الكونغرس في يناير/كانون الثاني، بعد شهرين من الانتخابات الرئاسية العامة في نوفمبر/تشرين الثاني. فبعد أجراء الانتخابات التمهيدية لـ"الحزب الجمهوري" في الولايات الخمسين والأراضي الخمسة التابعة لأميركا على مدى بضعة أشهر، تبعث هذه كلها ممثليها عن الفائزين والخاسرين في هذه الانتخابات إلى المؤتمر الوطني الانتخابي ليدلوا بأصواتهم فيه تعبيراً عن أصوات الناخبين المشاركين في هذه الانتخابات التمهيدية. عبر هذه العملية فقط يصبح الفائز قانونياً مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية.
عدا استيفاء هذا الشرط القانوني، فإن الغرض الأهم للمؤتمر الوطني، جمهورياً وديموقراطياً، هو الدعاية الانتخابية للمرشح الرئاسي باستخدام كل الوسائل المتاحة. هذا عملياً ما حصل في أيام المؤتمر الجمهوري الذي اختتم أمس واستمر أربعة أيام، من الإثنين إلى الخميس (بين 15 و18 يوليو/تموز الحالي). تأتي الفقرة الأهم في المؤتمر في يومه الأخير حين يلقي المرشح الرئاسي، الذي اصبح رسمياً مرشح الحزب، دونالد ترمب، خطاب الترشيح.