رجال البيت الأبيض وقصص الاغتيالات التي سحرت هوليوودhttps://www.majalla.com/node/321276/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%8A%D8%B6-%D9%88%D9%82%D8%B5%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%B3%D8%AD%D8%B1%D8%AA-%D9%87%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%88%D8%AF
يعدّ الرئيس الأميركي السادس عشر أبراهام لينكولن (تولى الرئاسة بين 1861/1865) واحدا من أبرز الرؤساء في التاريخ الأميركي، وقد عاش حياة حافلة بالدراما استهدفتها السينما في أعمال عديدة تتناول حياة الرئيس السادس عشر للبلاد، والأول في قائمة الاغتيالات. جاء أول تناول لقصته في فيلم "أبراهام لنكولن" (1930) الذي أدّى فيه الممثل والتر هيوستن دور الرئيس، وقد أخرج الفيلم واحد من جيل الرواد، هو دي دبليو غريفيث، صاحب الفيلم الأيقوني الصامت، "ميلاد أمة" (1915)، أحد أشهر الأفلام في تاريخ السينما، وأكثرها اتهاما بالعنصرية أيضا.
لنكولن
في عام 1998 عرض الفيلم التلفزيوني، "يوم قتل لنكولن" للمخرج جون غراي، المقتبس من كتاب جيم بيشوب، وهو يعيد لحظة بلحظة واقعة اغتياله، وما تلاها من أحداث، مركزا على شخصية الرجل الذي نفذ الاغتيال.
يعدّ دي دبليو غريفيث أول من تناول سينمائيا سيرة لنكولن في العام 1930
وفي عام 2012 قدم المخرج الهوليودي الشهير ستيفن سبيلبرغ فيلمه الملحمي "لنكولن" المقتبس من كتاب "فريق المنافسين" للصحافية والباحثة الأميركية دوريس غودوين، ليصبح واحدا من أفضل المعالجات السينمائية لحياة الرئيس، حيث اكتفى بتتبع الفترة الأخيرة في حياته، مسلطا الضوء على الجانب الإنساني، رغم أن الأحداث تدور خلال فترة صدامه مع رجاله، ولم يكن يعلم أنها الأخيرة. رشّح الفيلم ونال العديد من الجوائز كما هو الحال مع غالبية أفلام سبيلبرغ حيث برهن المخرج على مهارته في إدارة العناصر الفنية في عدد كبير من الأفلام، ومنها هذا الفيلم، ويأتي في مقدمتها الأداء المُبهر للنجم دانيال دي لويس.
منذ البداية، يعمد المخرج إلى توريط جمهوره بالمشهد الافتتاحي الذي يُظهر معركة دموية تجري في الوحل، تختلط فيها الرتب العسكرية كما تختلط بشرة الجنود بين بيض وسود على حد سواء، جراء تناحر أبناء الوطن الواحد. في المشهد التالي مباشرة نتابع بعض الجنود العائدين من الحرب يروي كل منهم حكايته لشخص يقبع خلف الكادر، وحين تنحرف الكاميرا نتبين أنه أبراهام لنكولن يقف في استقبالهم ويستمع الى شكواهم وأحلامهم حول وطن يضم الجميع. أجاد سبيلبرغ في توظيف اللقطات الواسعة خصوصا مع مشاهد المجاميع، وفي المقابل وضع الشخصية الرئيسة لنكولن دائما في الصدارة وبتكبير حجمها أحيانا، مما يعكس حجم الشعبية التي تمتع بها الرجل الى جانب الثقل التاريخي للمسؤولية التي تكبدها.
وكما بدأ بالمجاميع، يُنهي سبيلبرغ فيلمه بلقطة عامة أيضا لجموع الشعب، ولنكولن بينهم يلقي خطبته الأخيرة التي يوصيهم فيها بالحفاظ على الوطن، وبالترحّم على المناضلين من أبنائه ورعاية ذويهم، كمن يستشعر اقتراب أجله. في أثناء مشاهدته لعرض مسرحي على مسرح "فورد" بالعاصمة واشنطن، تسلل إلى مقصورته ممثل يدعى جون ويلكس وصوّب مسدسه نحوه ليرديه قتيلا.
لم يقتصر استلهام حياة لنكولن عند حدّ التأريخ والتوثيق فحسب، إذ أن هناك بعض الأفلام تناولت القصة بشكل مختلف، مثل فيلم "أبراهام لنكولن: صياد مصاصي الدماء" للمخرج تيمور بيكمامبيتوف من كازاخستان. صدر الفيلم في العام نفسه لصدور فيلم سبيلبرغ، ويتناول الفكرة ذاتها للصراع التاريخي ولكن في قالب فانتازي. فبعد أن يتعرض لنكولن لهجوم مصاصي الدماء وتقتل والدته على أيديهم، لا يجد سوى أن يتحول إلى مصاص دماء مثلهم لتتسنى له محاربتهم.
كينيدي
بعد بضعة أشهر من اغتيال الرئيس جون كينيدي (1917- 1963)، صدر فيلم "محاكمة لي هارفي أوزوالد" (1964) للمخرج لاري بوكانان ليكون أول عمل درامي يتناول هذه الواقعة. اعتمد بوكانان في إنتاج أفلامه على ميزانيات منخفضة، وأدرج الكثير منها ضمن قوائم "الأسوأ"، لهذا لم يكن الفيلم جيدا بما فيه الكفاية، لا سيما أن الاحداث دارت داخل حيز مكاني واحد (قاعة المحكمة) مستدعيا في ذلك إحدى روائع المخرج سيدني لوميت، "12 رجلا غاضبا" (1957).
تحاكي قصة الفيلم على نحو خيالي، الصورة المفترضة لمحاكمة أوزوالد لو بقي على قيد الحياة، والذي قُتل بالفعل قبل محاكمته. من هنا حرص المخرج على التنويه في بداية الفيلم بعدم تبني السيناريو أي أحكام مسبقة "ضد أو مع" الأطراف كافة. رغم ذلك نجد ممثل الادعاء يشير إلى أن المتهم ارتكب جريمته لأسباب سياسية، فيما يقدم الدفاع ما يفيد أن موكله كان مريضا نفسيا. قُدّمت القصة مرة أخرى وبالعنوان نفسه في فيلم تلفزيوني عام (1977) للمخرج ديفيد غرين، وفيه يطرح فرضية: ماذا لو لم يُقتل القاتل وخضع للمحاكمة؟
يميل أوليفر ستون في سرديته إلى اعتبار اغتيال كينيدي نتاج صراع بين الأجهزة الأمنية الأميركية
بقيت جريمة اغتيال كينيدي لغزا محيرا للجميع، مما نتج منه عدد كبير من الأفلام، "روائي/وثائقي"، التي حاولت تتبع ملابسات الحدث وفق وجهات نظر مختلفة، حتى أن نجم هوليوود الشهير كيفن كوستنر قام ببطولة فيلمين في هذا المضمار يعتبر أولهما "JFK" (1991) واحدا من أهم الأعمال التي تناولت الحادث. الفيلم سيناريو وإخراج أوليفر ستون، ورُشّح لعدد كبير من جوائز الأوسكار حاز اثنتين منها (أفضل تصوير ومونتاج). يمزج الفيلم بين اللقطات الحية الأرشيفية وبين المشاهد التمثيلية، وهو يميل في سرديته إلى اعتبار اغتيال كينيدي نتاج صراع بين الأجهزة الأمنية الأميركية.
جسد كوستنر شخصية جيم غاريسون، المدعي العام في القضية، وفي الفيلم التالي، "ثلاثة عشر يوما" (2000) يُجسد شخصية أحد مستشاري البيت الأبيض، فيما يقوم الممثل الكندي بروس غرينوود بدور الرئيس. الفيلم من إخراج الأوسترالي روجر دونالدسون، ويتناول فترة عصيبة من فترات الحرب الباردة التي دارت بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. اعتمد السيناريو على كتاب صدر منتصف التسعينات بعنوان "أشرطة كينيدي: داخل البيت الأبيض أثناء أزمة الصواريخ الكوبية"، إلا أنه يحمل عنوان كتاب صدر عام 1969 من تأليف المحامي روبرت ف. كينيدي، عضو مجلس الشيوخ والأخ الأصغر للرئيس السابق، الذي رحل نهاية الستينات جراء عملية اغتيال مشابهة لأخيه.
الجدير ذكره أن منصة "نتفليكس" أعلنت في فبراير/ شباط 2024 سلسلة جديدة تعمل على إنتاجها، بعنوان "موت بالصاعقة"، سيؤدي فيه الممثل المعروف مايكل شانون دور الرئيس الأميركي العشرين جيمس غارفيلد (1831-1881) واغتياله على يد تشارلز غيتو الذي يؤدي دوره ماثيو ماكفيدن.