من المرجح أن تزداد فرص فوز دونالد ترمب بإعادة انتخابه رئيسا للولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني بشكل ملحوظ بعد تعيينه جاي دي فانس كمرشح لمنصب نائب الرئيس.
وتلقت فرص ترمب في الحصول على فترة ولاية ثانية في البيت الأبيض دفعة قوية بعد نجاته من محاولة اغتيال نهاية الأسبوع الماضي، حيث نجا بأعجوبة من الحادث بإصابة طفيفة في الأذن فقط.
ولم يضيع المنافس الجمهوري وقتا في استغلال الهجوم سياسيا، بعدما استهدفه توماس ماثيو كروكس البالغ من العمر 20 عاما في تجمع حاشد بولاية بنسلفانيا. حيث خاطب ترمب مؤيديه قائلا إن "الله وحده" هو الذي أنقذ حياته. وبعد مقتل رجل إطفاء متقاعد وإصابة اثنين آخرين من الحاضرين بجروح خطيرة في التجمع، أعرب ترمب عن مشاعره تجاه ضحايا إطلاق النار، وأكد أنه يصلي من أجل الجرحى، داعيا الأميركيين إلى البقاء "صامدين" في معركتهم ضد "الشر".
وأثار ظهوره اللاحق في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الذي انعقد في ميلووكي، واضعا ضمادة كبيرة على أذنه اليمنى، موجة حارة من التصفيق من حشد المؤتمر المجتمع، حيث ردد المندوبون كلمة "قتال" التي قالها ترمب مباشرة بعد إطلاق النار.
اليوم، يمكن أن تتحسن فرص ترمب في ضمان النصر في الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر بشكل كبير بعد تأكيد اختيار فانس كمرشح الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس. وقد اتخذ ترمب قراره بتعيين فانس بعد إجراء مقابلات مطولة لتحديد أي من المرشحين المحتملين يمكن أن يعزز فرص إعادة انتخابه.
وبعد استغنائه عن نائب الرئيس السابق مايك بنس بسبب رفضه دعم ادعاء الرئيس السابق بتزوير نتيجة انتخابات 2020، اختار ترمب فانس بسبب الشعبية الكبيرة التي اكتسبها بعد أن نشر مذكراته "مرثية هيلبيلي" في 2016، والتي تحكي قصة مؤرقة عن نشأته في بلدة من بلدات "حزام الصدأ" ميدلتاون في ولاية أوهايو.
في الواقع، كان تقارب فانس الوثيق مع ناخبي الياقات الزرقاء الذين نشأ بينهم، والذين يزعم أن النخبة في واشنطن تتجاهلهم باستمرار، عاملا مهما آخر في قرار ترمب باختياره نائبا له. إذ يُتوقع أن يسهم هذا القرار في توسيع جاذبية ترمب بين ناخبي الطبقة العاملة، وهي دائرة انتخابية رئيسة في الانتخابات العامة المقبلة.
كان تقارب فانس الوثيق مع ناخبي الياقات الزرقاء الذين نشأ بينهم، والذين يزعم أن النخبة في واشنطن تتجاهلهم باستمرار، كان عاملا مهما آخر في قرار ترمب باختياره نائبا له
نتيجة لذلك، فإن السيناتور البالغ من العمر 39 عاما من ولاية أوهايو، والذي ما زال في ولايته الأولى، لا يقف فقط إلى جانب ترمب كمرشح لمنصب نائب الرئيس. بل إن هذا الوافد الجديد، غير المعروف نسبيا، يجد نفسه أيضا في موقع الصدارة ليصبح المرشح الأوفر حظا لترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2028.
وعلى الرغم من كونه مبتدئا سياسيا نسبيا، فإن ترمب يعتقد بوضوح أن جذور فانس في الغرب الأوسط وسجله التصويتي المحافظ منذ دخوله مجلس الشيوخ سيعززان فرص الجمهوريين في هزيمة الرئيس جو بايدن. ومن المؤكد أن فانس بدا مرتاحا تماما عندما ألقى خطابه الأول أمام الحشد الكبير في مؤتمر الحزب الجمهوري بعد حصوله على ترشيحه في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وصوّر فانس نفسه على أنه بطل للناخبين من الطبقة العاملة المنسيين، موجها نداء مباشرا إلى ناخبي "حزام الصدأ" الذين ساعدوا في تحقيق فوز ترمب المفاجئ في 2016. حيث قال: "في المدن الصغيرة مثل مدينتي في أوهايو، أو في ولاية بنسلفانيا المجاورة، أو في ميتشيغان، أو في ولايات أخرى في جميع أنحاء بلادنا، منحت فرص العمل إلى أشخاص من الخارج، أما أبناؤنا فأرسلوا إلى الحروب". وأضاف: "إلى شعب ميدلتاون بولاية أوهايو، وجميع المجتمعات المنسية في ميتشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا وأوهايو وفي كل ركن من أركان أمتنا... أعدكم بأنني سأكون نائب رئيس لن ينسى أبدا".
من المؤكد أن تحول فانس من منتقد لاذع لترمب إلى نائبه في سباق الانتخابات الرئاسية كان واحدا من أكثر التحولات التي لا تُنسى في السياسة الأميركية. فقبل ثماني سنوات، في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2016، كان فانس من أشد منتقدي دونالد ترمب، وندد علنا بالمرشح الرئاسي الجمهوري ووصفه بأنه "أحمق" و"ذميم". بل حتى قارن "ترمب" بـ"أدولف هتلر" في الجلسات الخاصة.
ولكن منذ ذلك الحين، أصبح فانس أحد أكثر المدافعين حماسة عن ترمب، حيث وقف إلى جانبه حتى عندما رفض جمهوريون بارزون آخرون القيام بذلك.
واتهم منتقدو فانس، الذي وصف نفسه ذات مرة بأنه "لن يكون ترمبيا أبدا" بالتصرف من منطلق مصلحته الشخصية بعد قبوله فرصة أن يكون نائبا لترمب، معتبرين أن هذه الخطوة هي محاولة منه للترشح للرئاسة في المستقبل.
إن رؤية فانس المتشددة، حيث يدافع عن الشعبوية الاقتصادية بينما يدين دعم واشنطن المستمر لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، أقنعت ترمب بأن تحوله إلى دعم حركة ترمب السياسية "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" حقيقي، وأنه سيساعد في توجيهه نحو النصر.
ويعد شباب فانس النسبي عاملا مهما آخر، حيث أصبح أول شخص من جيل الألفية ينضم إلى قمة قائمة حزب كبير، في وقت أثيرت فيه مخاوف من كون المتنافسين الرئيسين على رئاسة الولايات المتحدة هما ترمب البالغ من العمر 78 عاما وبايدن البالغ من العمر 81 عاما.
ويمتلك "فانس" سيرة ذاتية مميزة رغم نشأته المتواضعة. حيث كانت والدته تعاني من إدمان المخدرات، أما والده فتخلى عن العائلة عندما كان فانس طفلا صغيرا. وعلى الرغم من تربيته بشكل رئيس على يد أجداده، فإنه تمكن من الانضمام إلى مشاة البحرية الأميركية، حيث خدم في العراق. ولاحقا، درس فانس في جامعة ولاية أوهايو وكلية الحقوق بجامعة ييل، ثم انطلق في مهنة ناجحة كرأسمالي مغامر في كاليفورنيا.
ويعد كتابه الأكثر مبيعا وصفا صادقا لنشأته، وهو الذي جعل منه مؤلفا ناجحا ومتحدثا مطلوبا يستدعى بكثرة لشرح جاذبية دونالد ترمب للناخبين البيض من الطبقة العاملة. ولا يخشى فانس الإدلاء بتعليقات صريحة، كما يتجلى في مزحته الأخيرة التي قال فيها إنه من المنتظر أن تصبح بريطانيا– في ظل حكومتها العمالية الجديدة– أول "دولة إسلامية حقيقية" في العالم تمتلك سلاحا نوويا.
وفي وقت تعاني فيه السياسة الأميركية من نقص شديد في القادة السياسيين الشباب الواعدين، فإن بروز فانس كشخصية رئيسة في المنافسة الرئاسية، من شأنه أن يولد قدرا كبيرا من الاهتمام في الأشهر الأخيرة من الحملة الانتخابية.