5 كتب تناولت عظمة الألعاب الأولمبية وعيوبهاhttps://www.majalla.com/node/321266/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/5-%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%AA-%D8%B9%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B9%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%87%D8%A7
لا شيء يمكن أن يعبر عن مميزات الجنس البشري وعيوبه مثل الألعاب الأولمبية والبارالمبية. من المفترض أن يجسد هذا العرض الرياضي الضخم، بنسختيه الصيفية والشتوية، مثالا حيا عن التآخي والتميز (ومن هنا يأتي شعار "أسرع، أعلى، أقوى - معا")، وهو يحقق ذلك بالفعل. إلا أنه يجسد أيضا جوانب أقل تشجيعا، مثل الجشع والميل إلى الغش. وتتراجع الروح الجماعية عندما تتصرف الحكومات بطرق ترى اللجنة الأولمبية الدولية أنها تستوجب العقاب. وفي الألعاب التي تنطلق في باريس في 26 يوليو/تموز، سيُجبر الرياضيون الروس والبيلاروسيون على المنافسة بشكل فردي، وذلك لأن فلاديمير بوتين شن حربا على أوكرانيا. كما أن روسيا منعت من المشاركة سابقا بسبب تعاطي المنشطات المدعوم من الدولة.
تقدم الكتب الخمسة التالية نظرة شاملة على الألعاب الأولمبية بعظمتها وإخفاقاتها، من خلال استعراض الإنجازات المذهلة لعدائي الماراثون والخيول الراقصة، ومناقشة التكاليف البيئية والمالية والتحديات الجيوسياسية. وفيما لا يزال البعض يؤكد أن الألعاب الأولمبية تُعتبر أعظم عرض على وجه الأرض، نرى عدد المدن المهتمة بالاستضافة في تناقص ملحوظ. تساعد الكتب التالية في تعميق فهم وتقدير الأولمبياد، الذي سنشاهد قريبا أول عرض له من دون القيود التي فُرضت لحماية الصحة العامة بسبب جائحة كوفيد19.
"الألعاب: تاريخ عالمي للألعاب الأولمبية"
يبدأ التاريخ الشامل الذي يعالجه الكاتب ديفيد غولدبلات عام 2015 في كتابه هذا (منشورات "باك ماكميلان")، بولادة الألعاب الأولمبية في نهاية القرن التاسع عشر. ولدت هذه الفكرة على يد بيار دو كوبرتان، وهو نبيل فرنسي تتلمذ على يد اليسوعيين لكنه وجد هدفه في تعزيز فكرة مستوحاة من الألعاب الأولمبية القديمة في اليونان، مؤمنا بأن المنافسة بين الرياضيين الهواة يمكن أن تساهم في تعزيز السلام بين الأمم. وفي كتابه، يتتبع غولدبلات تحول الألعاب الأولمبية من مشروع شخصي لكوبرتان إلى الظاهرة العالمية التي هي عليها اليوم.
فيما لا يزال البعض يؤكد أن الألعاب الأولمبية تُعتبر أعظم عرض على وجه الأرض، نرى عدد المدن المهتمة بالاستضافة في تناقص ملحوظ
وعلى الرغم من التسلسل الزمني الممل، إلا أن غولدبلات ينجح في إضفاء نكهة من الحيوية والخفة على السرد. ويقدم الى القارئ قصصا مثيرة مثل حادثة أحد عدائي الماراثون في الألعاب التي أُقيمت في سانت لويس عام 1904، والذي أعطاه مدربه "مزيجا من الستريكنين والكحول وبياض البيض" بدلا من الماء خلال السباق، ونجح في الفوز بالسباق بفضله. يُظهر الكتاب كيف تتأثر كل نسخة من الألعاب الأولمبية بالقوى الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية، مما يجعلها ليست مجرد سرد لتاريخ للألعاب، بل لتاريخ العالم بأكمله.
"الميل المثالي"
إذا كان هناك رياضة واحدة تُعرّف الألعاب الأولمبية، فهي ألعاب القوى - أي منافسات المضمار والميدان. ظهرت سباقات الأرجل في كل نسخة من الألعاب الصيفية منذ أولمبياد عام 1896. بالنسبة إلى الرياضيين الذين لا يتمتعون بتغطية كافية خارج الأسابيع الأولمبية التي تجري مرة كل أربع سنوات، فإن الألعاب تمثل حافزا لتحقيق إنجازاتهم الملحوظة، وإن بشكل غير مباشر. ففي هلسنكي عام 1952، حل روجر بانيستر، العداء البريطاني، رابعا في سباق 1500 متر، وخسر الميدالية في سباق مثير حيث كان الفارق بين المركز الأول والخامس 0.8 ثانية فقط. إلا أن هذه الخسارة المؤلمة أعطت بانيستر الدافع لتحقيق تألق رياضي بعد عامين في سباق نظمته جامعة أكسفورد: سباق الجري لمسافة ميل في أقل من أربع دقائق.
يحكي نيل باسكوم في كتاب "الميل المثالي: ثلاثة لاعبين، وهدف واحد، وأقل من أربع دقائق لتحقيقه" (منشورات "هاربر كولينز") ببراعة قصة محاولات كسر هذا الحاجز - الذي كان ولفترة طويلة يُعتبر الكأس المقدسة في سباقات الجري لمسافات متوسطة. ولكن هذه القصة لا تقتصر على شخص واحد فقط: حيث قام كل من الأوسترالي جون لاندي، والأميركي ويس سانتي، بتحدي بانيستر. ويجعل باسكوم من قصصهم ترنيمة تحكي عن قوة الإصرار والمنافسة لتغيير حدود الأداء البشري.
"الهواة"
تمنح الألعاب الأولمبية الرياضات التخصصية لحظاتها الخاصة، ويُعدّ التجذيف من بين هذه الرياضات، بتاريخه العريق وشعبيته البسيطة وعائداته المالية المتواضعة. على الرغم من ذلك، يتحمّس المجذفون في سعيهم نحو النجاح الأولمبي مثل باقي المتنافسين في الرياضات الأخرى الأكثر شهرة.
في كتاب "الهواة: قصة أربعة شبان وسعيهم نحو ميدالية ذهبية أولمبية" للكاتب ديفيد هالبرستام (منشورات "راندوم هاوس")، يلقي هذا الصحافي الحائز جائزة بوليتزر، نظرة واضحة على ما يدفع الرياضيين من خلال سرد قصة أربعة مجذفين أثناء تنافسهم لتمثيل الولايات المتحدة في سباق التجذيف الفردي في ألعاب لوس أنجليس عام 1984.
يسأل هالبرستام ما الذي دفع هؤلاء الرجال، الذين ينتمون جميعهم إلى خلفيات طبقية عليا، إلى تحمل كل تلك المشقة من أجل مكافأة ضئيلة تتجاوز الميدالية الأولمبية؟ ويقدم هالبرستام إجابة بسيطة: "لأنهم أرادوا ذلك، ببساطة، ليس من أجل أي مكافأة سوى الشعور بالإنجاز ذاته".
كتاب هالبرستام يحتفل بروح الرياضي الهاوي، الذي كان في الأصل النوع الوحيد المسموح له بالمنافسة في الألعاب الأولمبية.
"جين الرياضة"
يثير العديد من المشاهدين الأقل موهبة تساؤلات حول سر براعة العدّائين والربّاعين والمبارزين والمصارعين والسبّاحين ولاعبي القفز والجمباز، أثناء منافساتهم في الألعاب الأولمبية. وغالبا ما يرد الرياضيون أنفسهم على هذه التساؤلات بأن السر يكمن في الانضباط والتدريب المستمر، وهذا بالطبع يلعب دورا مهما لا يُستهان به. ومع ذلك، كما يشير الصحافي ديفيد إبستاين في كتابه المدروس بعناية، "جين الرياضة" (منشورات"بورتفوليو")، فإن الرياضيين المتميزين يتمتعون أيضا بصفات جسدية استثنائية.
مثلا، يُولد نحو 60% من لاعبي البيسبول المحترفين بإدراك عميق "استثنائي"، مقارنة بنحو 20% من الناس العاديين. ويُعدّ ايرو مانتيرانتا، المتزلج الفنلندي الذي فاز بسبع ميداليات في ثلاث دورات أولمبية في ستينات القرن العشرين، مثالا آخر على هذا الأمر. إذ ورث مانتيرانتا طفرة جينية زادت كميات خلايا الدم الحمراء والهيموغلوبين الموجودة لديه، مما ساعده في امتصاص كميات أكبر من الأوكسجين بالمقارنة مع منافسيه.
تستحوذ اللجنة الأولمبية الدولية على جزء كبير من العائدات، تاركة الدول المستضيفة وحدها لتتحمل التكاليف
مع ذلك، لا يدّعي كتاب "جين الرياضة" أن العظمة تعتمد فقط على الحمض النووي، بل يشير إلى أنها تعتمد أيضا على التدريب الشاق. ولكن، إن ابتلى أي شخص بجينات الحماقة مثلا، فإن عشرات الآلاف من ساعات التدريب لن تجعل منه بطلا أولمبيا في رياضة مثل الجمباز.
"سيرك مكسيموس"
هل تستحق الألعاب الأولمبية كل العناء والتكاليف التي يتكبدها مستضيفوها؟ يعتقد العديد من الحكومات والكثير من مواطنيها أنها لا تستحق. ولهذا السبب، يتناقص عدد المدن التي تتطوع لاستضافة هذا الحدث العالمي. فوفقا لاستطلاع رأي واحد أجري قبل أولمبياد باريس، اعتقد 44% من سكان المدينة أن استضافة الألعاب ستكون "أمرا سيئا".
يوضح الاقتصادي أندرو زمبالست في كتابه "سيرك مكسيموس: المقامرة الاقتصادية وراء استضافة الألعاب الأولمبية وكأس العالم" (منشورات "رومان وليتلفيلد")، لماذا كان الباريسيون محقين في اعتقادهم هذا. السبب الرئيس لذلك هو المال. إذ ارتفعت تكاليف استضافة الألعاب الأولمبية بشكل كبير، دون وجود دليل يثبت أن استضافتها تحقق فوائد اقتصادية ملموسة للدول المستضيفة. وعلى الرغم من وجود الكثير من العائدات - بلغت عائدات أولمبياد لندن نحو 5.2 مليار دولار - إلا أن اللجنة الأولمبية الدولية تستحوذ على جزء كبير منها، تاركة الدول المستضيفة وحدها لتتحمل التكاليف الضخمة لبناء الملاعب والمنشآت الرياضية الأخرى.
في استعراضنا لكتاب أندرو زمبالست قبل عقد من الزمن، أشرنا إلى ضرورة أن تقوم اللجنة الأولمبية الدولية "ببذل جهد أكبر للحدّ من التكاليف وتحسين الشفافية والمساءلة". وللأسف، لا تزال هذه الرسالة صالحة حتى يومنا هذا.