في كل مكان وزمان، تحتاج صناعة السينما إلى منتجين وممولين يؤمنون بأهميتها. حتى أجمل الأفكار السينمائية وأكثرة جدة، قد تموت في أدراج مبدعيها إن افتقرت إلى التمويل اللازم لتجسيدها. التمويل بالنسبة إلى السينما ليس رفاهية. ما كان يمكن لصناعة السينما الأميركية أن تكون الأضخم في العالم، لولا تلك الاستثمارات التي ضُخت فيها ومكّنت صُنّاعها من تحقيق أحلامهم سواء على صعيد الأفلام الجادة أو على صعيد الأعمال الترفيهية والتجارية البحتة.
في السينما المصرية، مثل آخر على حيوية الإنتاج المشترك. تبلورت تجربة المخرج الكبير يوسف شاهين، في انفتاحه على التعاون إنتاجيا، مع دول أخرى، لتجسيد مشروعاته ورؤاه الفيلمية. اشتغل شاهين مع الجزائر ولبنان، لكن أيضا مع أوروبا. ساعده العمل المشترك مع فرنسا، على الوصول إلى قطاعات أكبر من الجماهير هناك، تفاعلت، ولا تزال تتفاعل مع أفلامه. ومن هنا، لُقّب بالمخرج العالمي.
في الفترة الأخيرة، بدأنا نعاين تجارب إنتاج مشتركة لافتة بين السينما المصرية والسينما السعودية. فساهمت الهيئة العامة للترفيه، برئاسة المستشار تركي آل الشيخ في إنتاج الجزء الثالث من فيلم "ولاد رزق"، مما ساعد مُخرِجه طارق العريان على صدور العمل بهذا الإحكام البصري، الذي يضاهي الأعمال الأميركية في نوع "الأكشن". حقق الفيلم إيرادات ضخمة في شباك التذاكر المصري، وكذلك في شباك التذاكر السعودي. أي أن هذا التعاون الإنتاجي، يصبّ في صالح المشاهدَين السعودي والمصري، وبالنتيجة العربي. في المقابل، استقبلت دور العرض المصرية الفيلم السعودي، "مندوب الليل"، للمخرج علي الكلثمي، الذي يروي بلغة سينمائية خاصة، حكاية رقيقة عن مهمّشي المدينة، حكاية يستطيع مهمّشو كل مدينة عربية، أن يتوحدوا معها بطريقة ما.
في الأيام الأخيرة، كشف المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه، عن مشاريع فنية جديدة من المنتظر أن يدعمها خلال العامين المقبلين صندوق "بيغ تايم" Big Time وهيئة الترفيه. وتتضمن قائمة المشاريع المزمع إنتاجها، جزءا جديد من "الفيل الأزرق"، وفيلما عن "أم كلثوم" تؤدي شخصيتها منى زكي، وغيرها من الأعمال التي من المتوقع أن تشهد زخما فكريا يجاري زخمها البصري. وفي طبيعة الحال، من شأن الإنتاج المتواصل كميا، أن يخلق تطورا كيفيا، أي في مضمون هذه الأفلام. ولم تفت المستشار تركي آل الشيخ الإشارة إلى دور هذه الإنتاجات في تعزيز خبرات جيل من السينمائيين السعوديين، ممن من شأنهم قيادة المشهد السينمائي المزدهر في المملكة حاضرا ومستقبلا.