بات الرئيس التركي أردوغان أكثر صراحة في دعواته للقاء الأسد. وردا على سؤال في مؤتمر صحافي بعد قمة "الناتو" التي عقدت في واشنطن الأسبوع الماضي، قال أردوغان إنه دعا الأسد لزيارة تركيا أو للقائه في دولة ثالثة.
وكلف أردوغان وزير خارجيته هاكان فيدان بتمهيد الطريق لإنهاء التوترات بين أنقرة ودمشق. وأوضح خلال رحلة عودته من واشنطن أن على الولايات المتحدة وإيران الترحيب بهذه التطورات الإيجابية ودعمها.
كما قال أردوغان أيضا إن المنظمات الإرهابية ستبذل قصارى جهدها لتخريب هذه العملية ولكن تركيا مستعدة لكل ذلك. وتعكس تصريحاته هذه قلقه بشأن العوامل التي قد تعرقل جهود التطبيع.
ومن الواضح أن أردوغان تخلى عن سياسته السابقة بخصوص "سوريا من دون الأسد" وبدأ في العمل على حل المشاكل السورية بالتعاون مع الأسد.
وكان الأسد قد طالب بانسحاب القوات التركية من شمال سوريا كشرط للقاء أردوغان، بينما أكدت تركيا أن المحادثات يجب أن تستأنف دون شروط مسبقة. ويشدد الخبراء الأتراك على أن تركيا لا تنوي البقاء في شمال سوريا إلى الأبد، ولكنها تحتاج إلى ضمانات بعدم استهدافها من قبل منطقة وصفها أردوغان بـ"إرهابيستان".
هذه المرة لم يأت الرد السوري المباشر الأخير على دعوات أردوغان المتكررة من الأسد نفسه، ولكن من خلال بيان مكتوب من وزارة الخارجية السورية.
وجاء في البيان أن "مصلحة البلدين تقوم على العلاقة السليمة بينهما، وليس على التصادم أو العدائية، وأن عودة العلاقات الطبيعية مع تركيا تقوم على عودة الوضع الذي كان سائدا قبل عام 2011".
وشدد بيان الوزارة السورية على أن "أي مبادرة للتطبيع يجب أن تبنى على أسس واضحة للوصول إلى النتائج المرجوة، وفي مقدمتها انسحاب القوات غير الشرعية من الأراضي السورية، ومكافحة المجموعات الإرهابية التي لا تهدد أمن سوريا فقط، بل أمن تركيا أيضا".
وفي رأيي، لا يطرح هذا البيان شروطا مسبقة لبدء العملية، بل يحدد ما يجب تحقيقه بمجرد بدء العملية.
كما أعربت سوريا في هذا البيان عن "شكرها وتقديرها للدول الشقيقة والصديقة التي تبذل جهودا صادقة لتصحيح العلاقات السورية التركية".
وتقوم روسيا بدور الوسيط في عملية التطبيع، ويُعتقد أن للعراق دورا أيضا، رغم أنه غير واضح حتى الآن. إلا أن هناك قضايا رئيسة يجب معالجتها لجعل التطبيع ممكنا ومستداما:
1. أنشأت المعارضة السورية نظامها الخاص شمال غربي سوريا، وهي تعتمد في وجودها على الدعم التركي. وتسببت المخاوف من تخلي تركيا عن المعارضة في حال التصالح مع سوريا في اندلاع الاحتجاجات الأخيرة في تلك المناطق.
2. ليس لدى المسلحين، وخاصة الجماعات الجهادية المتشددة، والسوريين الذين يرفضون العيش تحت حكم الأسد، سوى ملاذ واحد يلجؤون إليه وهو تركيا. ولكن سيكون من التناقض الكبير أن تستقبل أنقرة مجموعات جديدة من السوريين في حين أنها تسعى لإعادة الموجودين لديها بالفعل.
3. تسعى "وحدات حماية الشعب"، التي دربتها وجهزتها الولايات المتحدة، للحفاظ على مكاسبها ككيان مستقل. لكن أردوغان أكد أن تركيا لن تسمح بوجود "إرهابيستان" على حدودها.
4. أصبحت عودة اللاجئين السوريين قضية سياسية رئيسة في تركيا، حيث تسعى الحكومة التركية لإعادتهم إلى وطنهم، إلا أن جهودها تبقى محدودة ما لم تتعاون معها دمشق في هذا الخصوص.