الآن وبعد أن قام رئيس وزراء المملكة المتحدة المنتخب حديثا، السير كير ستارمر، بتشكيل حكومته الجديدة، يبقى السؤال الرئيس الذي يخيم على إدارة حزب "العمال" الجديدة ما إذا كانت تلك الحكومة ستنفذ أجندة يسارية جذرية، أم ستتبع النهج الأكثر وسطية الذي كان يفضله رئيس الوزراء العمالي السابق السير توني بلير.
خلال السنوات العشر التي قضاها بلير رئيسا للوزراء بين عامي 1997 و2007، لطالما اتُهمت إدارته بأنها تتبنى سياسات لا يمكن تمييزها عن سياسات السوق الحرة التي يعتنقها "المحافظون" عادة.
اتبع بلير نهجا اقتصاديا أدى إلى فترة من النمو المستدام وشهد ارتفاعا كبيرا في مستويات المعيشة، وكان أفضل تجسيد لذاك النهج هو اللورد بيتر ماندلسون، أحد مهندسي مشروع بلير لحزب "العمال الجديد"، الذي قال في ملاحظته الشهيرة إنه كان "مرتاحا للغاية لأن الناس يصبحون فاحشي الثراء".
ومع التعيينات الرئيسة الآخذة بالتشكل بعد أن حقق زعيم حزب "العمال" فوزا ساحقا في الانتخابات العامة التي جرت في الرابع من يوليو/تموز، هل ستكون حكومة ستارمر الجديدة قادرة على تكرار سنوات المجد التي شهدها عهد بلير؟ سيكون هذا قرارا صعبا، لا سيما في ظل الصدمات التي أصابت الاقتصاد العالمي بسبب كل من جائحة "كوفيد" والصراع في أوكرانيا. وفي نهاية المطاف، فإن قدرة ستارمر على تجديد النمو الاقتصادي ووضع المملكة المتحدة على أساس اقتصادي أكثر استقرارا سوف تعتمد على السياسات التي تقرر إدارته الجديدة أن تتبعها.
على امتداد مرحلة الحملة الانتخابية، كان أحد أبرز أساليب الهجوم التي استخدمها ريشي سوناك، رئيس الوزراء المحافظ السابق، أن الانتعاش الاقتصادي الذي حظيت به المملكة المتحدة في الشهور الأخيرة سوف يكون عرضة للخطر في حال فوز حزب "العمال"، هذا الانتعاش كان قد جعل منها الدولة ذات الاقتصاد الأسرع نموا في نادي مجموعة الدول الصناعية السبع (G7).
وكشفت أحدث النتائج التي نشرها مكتب المملكة المتحدة للإحصاءات الوطنية خلال الحملة الانتخابية أن اقتصاد المملكة المتحدة حقق نموا قدره 0.7 في المئة خلال الربع الأول من العام، ما يشير إلى أن بريطانيا كانت في طريقها إلى التعافي الكامل من التحدي المزدوج الذي تسبب به كل من "كوفيد" وحرب أوكرانيا.