لا تزال إيران تعيش على وقع انتخاب الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان والانقسام بين المتشددين والإصلاحيين بشأن الانتظارات من الرئيس الجديد. وهي انتظارات تشمل مطالب داخلية تتراوح بين رفع الحظر عن المواقع والشبكات الاجتماعية واتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة التحديات الاقتصادية على غرار الفقر والركود الاقتصادي والتضخم والبطالة.
كما تتضمن هذه الانتظارات شؤونا خارجية، ومن الواضح هنا أن المتشددين يحاولون أن يفرضوا أجندتهم على بزشكيان أو أن يرسموا سقفا سياسيا له في ما يخص السياسة الخارجية لإيران في العهد الجديد. وقد كان لافتا للانتباه الانقسام بشأن الرسالة التي وجهها الرئيس الجديد للأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله للرد على تهنئته بانتخابه، وقد أكد بزشكيان فيها استمرار إيران في دعم "المقاومة"، إذ اتهم المتشددون الإصلاحيين بأنهم امتعضوا من الرسالة وعتموا عليها إعلاميا فلم ينشروها في مواقعهم، وهو دليل على التجاذب بشأن السياسية الخارجية داخل إيران.
هذا المشهد نقلته الصحف الإيرانية في تقاريرها ومقالاتها، وقالت صحيفة "شرق" في تقرير لها بقلم عبد الرحمن فتح اللهي، بعنوان "وضع استراتيجية صناعة الأمل" بعددها الصادر في 10 يوليو/تموز: "يرى الخبراء والمراقبون والمحللون أن فوز مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية خلق مستوى من النشاط والأمل لدى المجتمع الإيراني ولكن هذا النشاط سيتبدد بمرور الوقت. بالتالي تعد استمرارية هذه الحالة المفعمة بالنشاط والأمل وزيادة جرعة النشاط أمرا ضروريا للمجتمع الإيراني".
ویری الناشط السياسي الإصلاحي وعضو "مجمع علماء الدين المناضلين"، محمد علي أبطحي، في حوار مع "شرق" أن "إلغاء حجب المواقع الإلكترونية وإنشاء المجلس الأعلى للفضاء الافتراضي وإلغاء حجب المواقع، يجب أن يكون إحدى أولويات مسعود بزشكيان. وإذا كان مسعود بزشكيان يتمتع بصلاحية في هذا القطاع فعليه التحرك لإلغاء حظر التطبيقات والمنصات والشبكات الاجتماعية الأكثر شعبية في المجتمع بهدف استمرار النشاط المجتمعي وتعزيز الثقة العامة".
وتابع أبطحي: "يجب على رئيس الجمهورية إجراء المشاورات اللازمة مع مرشد الثورة لتوضيح أسباب إلغاء الحظر المفروض على المواقع والشبكات الاجتماعية وينبغي القول إن رفع حجب بعض المنصات والتطبيقات هو أحد الشعارات الرئيسة التي أطلقها مسعود بزشكيان خلال حملته الانتخابية... وهو ما يؤدي إلى تعزيز ثقة الشعب بالحكومة الجديدة... الأغلبية المطلقة من المجتمع من طلبة المدارس حتى أصحاب الأعمال بحاجة مباشرة إلى الإنترنت والمنصات والشبكات الاجتماعية".
من جهته، يرى محمد عطريان فر، المحلل السیاسي الإصلاحي وعضو المجلس المركزي لحزب "كاركزان" (فصيل رفسنجاني) في حواره مع "شرق": "ينبغي أن تشكل الصحة واستقرار أسعار السلع والمنتجات الأساسية وإلغاء حظر المواقع الإلكترونية أولويات بزشكيان".
وأضاف عطريان فر: "تعاني الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمنتجات الغذائية، وسيؤدي العمل على استقرار أسعار المنتجات والسلع إلى تعزيز ثقة الشعب وتراجع مؤشر البؤس. كما أن إلغاء حجب المواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية بالتشاور والتنسيق مع المرشد سيعزز النشاط وستكون له مزايا اقتصادية على غرار خلق فرص العمل ودعم النشاط الاقتصادي خاصة في المدن. ويساعد توفير الحد الأدنى من خدمات الصحة العامة سكان القرى والمدن والطبقات الفقيرة والوسطى".