على مدى أكثر من شهرين ونصف الشهر، تستمر معاناة أكثر من 6000 لاجئ سوداني أُجبروا على اللجوء إلى غابة صغيرة في منطقة أولالا، في إقليم الأمهرا في إثيوبيا مفتقرين إلى أي نوع من أنواع الدعم الإنساني. وبدأت فصول هذه المأساة في الأول من مايو/أيار 2024.
وكانت السلطات الإثيوبية قد وزعت اللاجئين السودانيين على معسكري أولالا وكومر في إقليم الأمهرا بعد دخولهم من السودان إلى إثيوبيا فرارا من نيران الحرب. ولكن لم تستقر أوضاع اللاجئين في هذه المعسكرات بعد تعرضهم لعدد من الهجمات المتتالية من المجتمع المحلي والتي تراوحت بين السرقات، والنهب المسلح، والاعتداءات الجسدية المباشرة بالإضافة إلى ورود عدة تقارير عن حوادث تحرش جنسي واغتصاب. وهو ما دفع اللاجئين إلى اتخاذ قرار بمغادرة المعسكر والتوجه إلى مكاتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في مدينة قوندر بحثا عن حل لمشكلاتهم. لكن السلطات الإثيوبية اعترضتهم ومنعتهم من مواصلة الطريق، ما اضطرهم إلى اللجوء إلى دغل صغير في منطقة أولالا.
ويبلغ عدد اللاجئين المعتصمين في هذا الدغل ستة آلاف وثمانين سودانيا وسودانية، أكثر من ثلثيهم من النساء والأطفال. بالتحديد يبلغ عدد الأطفال 2135 طفلا، غير كبار السن الذين يتعذر عليهم التنقل لمسافات طويلة. في حين ظل نحو 2000 من اللاجئين الآخرين موجودين في معسكر كومر بعد أن استعصت عليهم مغادرته.
أصدر اللاجئون عدة بيانات لمخاطبة الجهات المختصة، وبالتحديد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وطرحوا قبولهم بأي من الخيارات الممكنة لحل قضيتهم وإنهاء هذه المعاناة. فإما تحويلهم ونقلهم لموقع آمن غير المعسكرات التي تعرضوا فيها للاعتداءات، وإما نقلهم خارج الحدود الإثيوبية، أو مساعدتهم في تأمين طريق عودتهم إلى السودان، وهو الذي يمر مجددا بالمناطق غير الآمنة في إقليم الأمهرا التي فروا منها بالأساس. ولم تقدم المفوضية أي معونات للاجئين في دغل أولالا، واقتصر الدعم على حملة تطوعية واسعة انتظمت فيها مجموعات واسعة من السودانيين حول العالم لمحاولة تقديم أي نوع من أنواع العون لمواطنيهم الهاربين من جحيم الحرب إلى معاناة التشرد. ولكن حتى هذه تواجهها معوقات الوصول إلى الإقليم المضطرب وشح المؤونة والدعم الذي يستطيع السودانيون توفيره في ظل هذه الظروف.
عوضا عن ذلك، قام مكتب المفوضية السامية للاجئين بتسجيل زيارتين فقط لهؤلاء اللاجئين طوال الفترة الماضية، وأصدرت المفوضية بيانا مليئا بالمغالطات حول عدد اللاجئين مدعية أنه لا يتجاوز الألفي لاجئ- وكأن العدد يصنع فرقا في حالة المعاناة التي يعيشونها أو يصنع اختلافا بشأن القصور في أداء المفوضية للدور الموكل إليها– بدلا عن تقديم معونات أو طرح حلول لتنفيذ مطالب اللاجئين السودانيين هناك. واشترطت مفوضية اللاجئين أن يعود اللاجئون إلى معسكرهم الأصلي قبل الشروع في إيجاد أي حلول للمشاكل التي طرحوها.