لطالما تميز القطاع المصرفي اللبناني باعتباره نموذجا يحتذى في المنطقة، متانة وملاءة وحداثة وسمعة. انخرط في النظام المالي العالمي، حتى باتت سمعة مصارف لبنان بمفردها قوة جذب للإستثمارات الأجنبية ورؤوس الأموال الباحثة عن التوظيف والأمان وراحة البال.
صمدت "المعجزة المصرفية" اللبنانية، على الرغم من الخضات المتتالية، في وجه أهوال الحروب، وتفكك أوصال الدولة، والاحتلالات المتعددة، والاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982، وما تلاه من انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية في ثمانينات القرن الماضي. بقيت مصارف لبنان موضع ثقة شبه عمياء للبنانيين المقيمين، وقبلة لمغتربيهم، وللسوريين خصوصا يودعون فيها جنى الأعمار، وتعب أعوام الهجرة والتشرد في دول العالم.
بيد أن حسابات الحقل المصرفي، لم تتطابق مع بيدر الدولة اللبنانية التي وجدت في الارتفاع المطرد لموجودات مصرف لبنان، المكونة في غالبيتها من ودائع المصارف لديها، أي ودائع الناس، باباً لممارسة أسوأ ما قد يحصل لمؤونة مصرفية: الصرف من دون حساب للتوازن المالي، ومن دون مراعاة لخطر تراكم العجز السنوي، ولا الالتفات إلى الثُغَر التي تدخل منها عمليات الفساد المنظم الذي تمتهنه الطبقة السياسية اللبنانية وتخرج منها محملة مليارات من دولارات المودعين في المصارف وخزينة الدولة معا.