يصف إدوارد سعيد في كتابه "الثقافة والإمبريالية" (1993) رواية إي إم فورستر، "ممر إلى الهند"، التي مضى هذا العام قرن على نشرها (1924) بالكلمات التالية: "هي رواية تعبّر بالتأكيد عن المودة التي يكنها المؤلف للمكان، على الرغم من أنها مودّة مغلّفة بمشاعر الحيرة والإبهام. إن الأكثر إثارة في رواية ’ممر إلى الهند’، هو استعمال الهند لتمثيل مادة لا يمكن في الحقيقة أن تُمثَّل، بسبب الضخامة الهائلة".
حافظ المخرج البريطاني الكبير ديفيد لين (صاحب "لورانس العرب" و"الدكتور زيفاغو") بعد عقود من صدور رواية فورستر، على درجات الغموض والإبهام فيها، عندما عالجها سينمائيا في فيلمه الأخير، "ممر إلى الهند" (1984). وقد انتقد الكاتب سلمان رشدي، في مقال له بعد عرض الفيلم، الغموض والإيحاء عند فورستر ولين معا، وحمل المقال عنوان "خارج الحوت"، ونشر في مجلة "غرانتا" الكندية، وعنوان المقال هو نفسه، عنوان مقال آخر لجورج أورويل نشر في 1940.
السياسة والفن
الاستعارة التي يقصدها رشدي، أن السياسة في الأدب والفن عموما خارج الحوت، أمّا داخل جوف الحوت، فهو النقاء الفني، ولأن روايات رشدي خارج بطن الحوت بإفراط، فهو يطمس الحالة الثالثة الرمادية لفورستر ولين، وهي المراوحة بين خارج الحوت وداخله. ومن الممكن اعتبار روايات رشدي، "أطفال منتصف الليل" و"العار" و"تنهيدة العربي الأخيرة"، بصخبها، وضجيجها، بتاريخانيتها وملحميتها الديكنزية، بألمعيتها الواقعية السحرية، مُحَاوَلات يائسة لفتح فم الحوت.