فجأة، قبل نحو عقدين من الزمن، اختفى الشاعر والمسرحيّ اللبناني فادي أبو خليل. من كانوا يعرفونه استغربوا ذلك، ولكن استغرابهم ذاك لم يكن كاملا وصاعقا. كأنهم وسط مفاجأة اختفائه الاختياري وجدوا له عذرا، بل وجد بعضهم أن الاختفاء ما كان ليكون غريبا لو حدث يوما ما وها هو قد حدث.
الشاعر اللبناني الذي كان يظهر في مقاهي شارع الحمراء في بيروت كل يوم تقريبا، لم يقرّر أن ينقطع عن الحضور إلى هناك فحسب، بل قرر التواري نهائيا. هكذا ببساطة من يقرر التوقف عن التدخين مثلا.
لم يكن فادي أبو خليل شاعرا فقط، بل كان صحافيا وممثلا ومؤلفا ومخرجا مسرحيا أيضا. عمل في التلفزيون وشارك في بعض الأفلام. قدم أدوارا في المسرح، وقام بإخراج بعض المسرحيات بنفسه، ولكن كل ذلك لم يكن يُخفي الإحساس الأول الذي يمنحه لمن يلتقيه، وهو أنه على عجل أو أنه جالس معك ولكنه مستعد للمغادرة في أي لحظة. كان ذا مزاج نابض وحيوي، بينما توحي لغة جسده بالتذمر والسأم وعدم الراحة، إلى جانب توق مستمر ومتصاعد إلى إنجاز شيء ما أو الانخراط في مشروع ما، حتى لو كان المشروع دعوة إلى سهرة في حانة قريبة مساء، أو مجرد جولة في سيارته بجوار البحر أو حتى الذهاب معه إلى منزله في منطقة الأشرفية.