صاحبة "برسيبوليس" تعود بمجموعة قصص مصوّرة

رواية جديدة تستهدف قمع الحكومة الإيرانية

الفنانة مرجان ساترابي

صاحبة "برسيبوليس" تعود بمجموعة قصص مصوّرة

استخدم العديد من الصحف في أثناء تغطيتها لاشتباك إيران وإسرائيل بالصواريخ في أبريل/نيسان الماضي، الصورة نفسها التي تظهر امرأة إيرانية ترتدي الحجاب وتسير بالقرب من لوحة جدارية تصور الصواريخ الإيرانية. وقد لخص اختيار هذه الصورة أكثر أمرين اشتهرت بهما الثيوقراطية الإيرانية: صليل السيوف والسيطرة على النساء. وهما أيضا من أكثر الأمور التي تثير غضب الإيرانيين العاديين، الذين يعتقدون أن الأموال التي تنفق على الصواريخ كان من الأفضل استخدامها لدعم اقتصاد البلاد المنهار.

في عام 2022، خرج الرجال والنساء إلى الشوارع بعد مقتل مهسا أميني، الطالبة التي اعتقلتها الشرطة الدينية بسبب اتهامها بارتداء الحجاب على نحو غير مناسب، وتعرضت للضرب حتى أصيبت بغيبوبة توفيت بعدها. وقد سميت هذه الاحتجاجات، التي اتسع نطاقها احتجاجا على ما تعرضت له مهسا من معاملة وحشية، باسم حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، وهي الكلمات التي هتف بها المتظاهرون (وهذه الكلمات الكردية "جين، جيان، آزادي" هتفت بها النساء في تركيا قبل عقود).

توثيق الاحتجاجات

هذه الكلمات هي أيضا عنوان رواية مصورة جديدة، من تأليف مرجان ساترابي، المشهورة بروايتها "برسيبوليس" (2000)، وكتابها الجديد كناية عن مذكرات على شكل رواية مصورة تبرز القمع الذي يمارسه النظام الإيراني. وقد ساهم فيه ما يقرب من أربعة وعشرين كاتبا وأكاديميا وفنانا، وتوثق مجموعة فصوله القصيرة الخمسة والعشرين الاحتجاجات والسياق المحيط بها. الهدف الأوسع هو تعريف الأجانب بالجانب الإنساني لإيران وتغيير تصوراتهم عن البلاد وشعبها. لكن الكتاب مصمم أيضا لطمأنة الإيرانيين بأنهم "ليسوا وحدهم". وقد حُمّلت نسخة منه باللغة الفارسية على الإنترنت متاحة مجانا.

الهدف الأوسع هو تعريف الأجانب بالجانب الإنساني لإيران وتغيير تصوراتهم عن البلاد وشعبها

 يعرض كتاب "المرأة، الحياة، الحرية" صورة مثيرة للاهتمام لشعب مكبّل بقادته. فنرى متظاهرين ذوي إرادة حديدية يخرجون إلى الشوارع على الرغم من التهديد بالاعتقال والضرب. ولكننا نرى أيضا أعمال مقاومة يومية، من مشاركة منشور على "إنستاغرام" إلى الذهاب للجري في الشوارع أو امتلاك كلب (وهو ما يصفه بعض المشرعين المحافظين بأنه "عمل ساقط أخلاقيا").

الحيرة

وليس التحدّي العلني هو القصة الوحيدة. فأحد الفصول يركز على امرأة شابة تصارع حيرتها بين أن توقع اعترافا انتزع منها قسرا مقابل إطلاق سراحها من السجن وبين أن تمتنع عن التوقيع. كما ينتقد الكتاب سوء إدارة الحكومة للاقتصاد وينتقد أولياء عهد النخبة الحاكمة المدللين وينتقد الرقابة. فتصور إحدى اللوحات أحد المسؤولين وهو  يطالب بحذف مشهد تلفزيوني "غير أخلاقي مطلقا" يظهر امرأة تأكل الخيار.

تظل السخرية سلاحا قويا ضد الظلم، ويغدو الرسم التوضيحي ساخرا حتى وإن كان مثيرا للأسى. ويبدو أن موضوع معاملة النساء يأتي في وقته المناسب على نحو مميز، نظرا للتدابير القمعية الأخيرة التي اتخذتها شرطة الأخلاق.

أما الفصل الأخير، الذي يتضمن محادثة بين عدد قليل من المساهمين في الكتاب، فهو تحذير لكل من الأجانب والحكومة. يقول فريد وحيد، المختص بالعلوم السياسية الإيراني: "الأمر الوحيد الذي يمكن أن يقوي النظام في إيران اليوم هو أن تهاجمه دولة أخرى". تجيب ساترابي يحدوها الأمل: "لكن هذا النظام سوف يفشل، فبعض الأشياء لا يمكن كبحها".

font change

مقالات ذات صلة